التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 01:34 م , بتوقيت القاهرة

موقف بريطانيا المرتبك من سوريا.. ولاء لـ ترامب أم محاولة للحشد ضد روسيا؟

تريزا ماي
تريزا ماي

في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة البريطانية التأكيد على دعمها للهجوم المحتمل على سوريا، جراء الهجوم الكيماوي المزعوم على مدينة "دوما" السورية، تبقى مشاركة بريطانيا مرهونة بقيادة الولايات المتحدة لأي هجوم عسكري يستهدف النظام السوري، وهو الأمر الذي ظهر واضحا في التصريحات المرتكبة التي أصدرتها رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، أمس الخميس، حيث أكدت أن بلادها مستعدة للمشاركة في أي هجوم على سوريا شريطة أن يكون تحت قيادة أمريكية.

يبدو أن القيادة الأمريكية التي تتطلع إليها ماي لا تقتصر على الهجوم العسكري، ولكنها تمتد إلى طبيعة الخطاب تجاه سوريا، فعندما أطلق ترامب تغريدته حول سوريا، يوم الأربعاء عندما هدد باستخدام صواريخ "ذكية ولطيفة" في هجومه على سوريا، كانت ماي تناقش إمكانية المشاركة في الهجوم دون العودة للبرلمان، إلا أن حماستها ربما خفتت كثيرا في أعقاب تغريدة ترامب الأخرى يوم الخميس، والذي أكد أنه مازال لم يعلن موعدا محددا للهجوم على سوريا.

في انتظار التعليمات

الموقف البريطاني يمثل تكرارا لمواقف عدة سابقة، لهثت خلالها الحكومة البريطانية، نحو وضع نفسها في صورة الداعم للدور الأمريكي في العديد من القضايا الدولية، ولعل أبرزها الحرب على العراق، في عام 2003، والتي أسقطت نظام الرئيس السابق صدام حسين، بذرائع شبيهة لما يثار حاليا حول النظام السوري، حيث دارت في معظمها حول امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل.

من جانبه، قال زعيم حزب العمال البريطاني جيرمى كوربين أن حكومة تريزا ماي تبدو أنها في انتظار التعليمات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حتى تحدد موقفا محددا حول كيفية الرد على الهجوم الكيماوي، الذي ثارت حوله العديد من التقارير التي اتهمت الأسد بالتورط فيه، محذرا في الوقت نفسه من تداعيات مثل هذا التصعيد ليس فقط على صعيد الأزمة السورية، ولكن على منطقة الشرق الأوسط ككل.

تنازلات كبيرة

الحكومة البريطانية ربما تحاول منذ صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العودة إلى مكانتها باعتبارها الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، وذلك بعد أن حلت ألمانيا محلها خلال الثمانية أعوام التي سيطرت خلالها إدارة أوباما على مقاليد السلطة، وهو الأمر الذي ربما يمثل تعويضا لبريطانيا خاصة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، واحتمالات تخلي الحلفاء الأوروبيين عنها في المرحلة المقبلة.

يقول الكاتب الأمريكي ماكتوج، في مقال منشور له بمجلة "بوليتيكو" الأمريكية، أن رئيسة الوزراء البريطانية تضع استعادة العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة كأولوية قصوى بالنسبة لها في المرحلة الحالية، في إطار سعيها للبحث عن شركاء جدد في مجالات عدة، وعلى رأسها التجارة، إلا أن تحقيق هذا الهدف لن يكون بلا ثمن، فهي تحتاج لتقديم تنازلات كبيرة حتى تحظى بثقة الرئيس الأمريكي.

فرصة جديدة للحشد

من جانب آخر، ربما تكون الأزمة السورية هي أحد وسائل الانتقام من روسيا، من وجهة النظر البريطانية، وذلك بعد توتر العلاقات الدبلوماسية بصورة كبيرة بين البلدين على خلفية الاتهامات التي لاحقت الحكومة الروسية بالتورط في تسميم العميل الروسي المزدوج سيرجي سكريبال، والذي يقيم في بريطانيا، وهو الأمر الذي يفسر حالة الحماسة البريطانية لتغريدات ترامب العدوانية يوم الأربعاء، والتي وجه فيها الحديث، ليس للنظام السوري، ولكن لروسيا، إلا أن تراجع الخطاب الأمريكي ربما كان محبطا لماي بدرجة كبيرة.

كانت الحكومة البريطانية حاولت حشد القوى الغربية، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة، ضد روسيا بعد الحادث المذكور، إلا أن رد الفعل الغربي ربما كان أقل من التوقعات البريطانية، وبالتالي كانت الأزمة السورية فرصة جديدة للحكومة البريطانية للحشد، في ضوء الدعم الروسي الكبير للرئيس السوري بشار الأسد، وهو ما يبدو في حرص الحكومة البريطانية على التأكيد على ضرورة التنسيق مع الحلفاء، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وفرنسا، وذلك خلال الاتصال الهاتفي الذي جمع بين ماي وترامب مساء الخميس.