بعد تكرار الإساءة.. الجامعة العربية عقبة تؤرق حلم أردوغان التوسعي
للمرة الثانية خلال أقل من شهرين، عاود وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الإساءة للجامعة العربية، في سلوك يحمل قدرا من الاستفزاز للدول العربية، حيث اتهم المنظمة الإقليمية البارزة بالتراجع والتردد إزاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، وهو ما يعكس اعترافا أمريكيا صريحا بالمدينة المقدسة كعاصمة للدولة العبرية، وهو القرار الذي أثار استياء عربيا كبيرا.
التصريح الذي أدلى به أوغلو، أمام ملتقى الصحفيين العرب، ليس الأول من نوعه، حيث سبق له وأن كال الانتقادات للجامعة العربية، في فبراير الماضي، متهما إياها بالضعف سواء تجاه نظام الرئيس السوري بشار الأسد أو تجاه الدول الغربية التي تقوم بعمليات عسكرية في سوريا، كما تطرق في حديثه إلى ادعاءات تدور حول قيام بعض الدول الأعضاء في الجامعة بممارسة ضغوط على كلا من فلسطين والأردن بشأن مسألة القدس.
من جانبه أعرب المتحدث الرسمى عن الأسف إزاء إصرار الوزير التركى، فى إطار كلمته التى ألقاها اليوم فى اسطنبول أمام ما سمى بملتقى للصحفيين العرب، على استهداف الجامعة العربية بشكل سلبى ونهج استعلائى مستغلاً الأهمية الكبيرة التى تحظى بها قضية القدس لدى الشارع العربى والإسلامى.
حلم قديم
إلا أن توقيت التصريح التركي، الذي يأتي قبل الاحتفال بنقل السفارة، والمقرر انعقاده يوم الاثنين، يحمل أهدافا واضحة تقوم في الأساس على التقليل من الدور الذي تلعبه الجامعة العربية تجاه القضايا العربية والإقليمية، وخاصة القضية الفلسطينية، والتي تمثل القضية الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي تقويض دورها.
ولعل الحلم التركي بتقويض الجامعة العربية ودورها قد ظهرت بوادره منذ عدة سنوات، حيث دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال كلمته أمام المؤتمر التركي - العربي، والذي عقد في اسطنبول في 2016، بتحويل الجامعة العربية إلى ما أسماه بالجامعة الإسلامية، وهو ما يمثل محاولة صريحة لاستبدال الهوية القومية للمنظمة الإقليمية البارزة بهوية دينية إسلامية، وهو ما يمثل محاولة لمخاطبة مشاعر الشعوب العربية.
حلم التمكين
الخطاب العاطفي، والقائم على فكرة الهوية الدينية، لم يكن بعيدا عن تصريحات وزير الخارجية التركي الأخيرة، حيث أن الحديث عن القدس، والتي تحمل مكانة كبيرة في قلوب المسلمين حول العالم، وخاصة في البلدان العربية، يمثل محاولة جديدة لتحريض الشعوب العربية على الجامعة في مرحلة تبدو حساسة للغاية في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، خاصة إذا ما نظرنا إلى طبيعة الصراع الإقليمي، والذي تسعى فيه القوى غير العربية نحو الحصول على دور القيادة في المنطقة العربية على حساب الدول العربية.
النظام التركي ربما يجد في تغييب الجامعة العربية وسيلة لتمكين القوى غير العربية، خاصة وأن الجامعة تقوم بالدور الرئيسي في مجابهة الدور السلبي الذي تلعبه تلك القوى داخل العديد من الدول العربية التي تعاني أزمات متفاقمة، وفي القلب منها سوريا والعراق واليمن، وهو ما بدا واضحا في إدانة الجامعة العربية للعمليات العسكرية التي تقوم بها أنقرة في مدينة عفرين السورية.
كانت القمة العربية الأخيرة، التي عقدت في المملكة العربية السعودية في إبريل الماضي، أعربت عن إدانتها للتدخل التركي في الشئون العربية سواء في سوريا أو ليبيا أو تونس، بالإضافة إلى احتضانها لعناصر جماعة الإخوان الإرهابية الهاربين من أحكام قضائية في مصر.