التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 03:12 م , بتوقيت القاهرة

الانتخابات الرئاسية وملحمة الخارج

أيمن عبدالتواب
أيمن عبدالتواب
الملحمة كانت حاضرة.. سطر المصريون في الخارج فصلًا جديدًا من فصول الوطنية، وأثبتوا للعالم كله أنهم على على قدر المسؤولية؛ حين وقفوا في طوابير طويلة للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، رغم كل دعوات تثبيط الهمم والإحجام عن المشاركة.
 
مشهد إقبال المصريين في الخارج على صناديق الاقتراع يستدعي التوقف أمامه طويلًا.. البسمة كانت تعلو الوجوه، والمرضى وكبار السن تحاملوا على أوجاعهم؛ ليشاركوا في الكرنفال الانتخابي، كنوع من رد الجميل لوطن استرد عافيته في سنوات قليلة.
 
قبل الانتخابات حشد إعلام الشر كل إمكانياته ووسائله ليثبت أن المصريين- خاصة في الخارج- لن يشاركوا فيما أسموه بـ«مسرحية» معروفة مشاهدها وفصولها، ونهايتها أيضًا.. لكن خاب مساعهم، ورُد كيدهم إلى نحورهم وهم يشاهدون هذه الجموع وهي تذهب طواعية لتقول «نعم» لأحد مرشحي الرئاسة.
 
الجالسون في مقاعد «الندب» ودعاة «الولولة»، ومدمنو التشويه جاهزون الآن لتوجيه الاتهامات لكل مصري وطني شريف شارك في الانتخابات؛ لمجرد أنهم أخلفوا ظنونهم، ولم يسيروا على هواهم، ولم يلبوا دعوتهم بالمقاطعة.. أراهم- الآن- مجبرون على تغيير اللافتات والشعارات التي أعدوها مسبقًا من نوعية «الإقبال دعييف»، و«الشعب لن يشارك في المسرحية الهزلية»، وإحلال محلها لافتات من نوعية «شعب عبيد البيادة»!
 
إعلام الشر ودعاة المقاطعة وضعوا أنفسهم في مأزق شديد، أو- إن شئنا الدقة- وضعهم المصريون في الخارج في حرج بالغ، وتسببوا في فضيحة مدوية لهم، فماذا يقولون لمموليهم؟ ماذا يقولون لكفيلهم الذي أنفق عليهم ملايين الدولارات، ليبثوا سمومهم في جميع وسائل الإعلام دون أن يجنوا سوى الفشل والخزي والعار؟ وهل يستطيعون تزييف الصورة التي ظهر فيها المصريون بـ«الطوابير» أمام اللجان الانتخابية وكأنهم ذاهبون إلى حفل زفاف وليس للإدلاء بأصواتهم؟
 
ربما يحاول إعلام الشر تشويه الصورة الرائعة التي شاهدناها على الهواء مباشرة أمام مقار لجان الانتخابات في الخارج، سواء في الدول العربية أو الغربية.. وربما- في أحسن الأحوال- سيحاولون التقليل من جمالية المشهد، من باب «ملقوش فى الورد عيب قالوا أحمر الخدين»!
 
لقد حاول إعلاميون وصحفيون في وسائل إعلامية مغرضة الوقيعة بين مصريي الخارج والداخل، فعندما كانت مشاركة المغتربين ضعيفة في انتخابات سابقة، ادعوا أن «أبناء الغربة» يعيشون في رغد ورفاهية ولا يشعرون بآلام وأوجاع أهاليهم في الخارج.. وهاهم- الآن- يعدون العدة، ويسنون ألسنتهم بتشويه المشاركين بكثافة في انتخابات الخارج بأنهم «ناس فاضية»، أو «عيشتهم مرتاحة»، أو «معندهمش مشاكل»، ولذلك نزلوا وشاركوا في الانتخابات كـ«نوعٍ من الترفيه»!
 
إن المصريين في الخارج، ودون أن يقصدوا، وجهوا رسالة إلى ذويهم في الداخل: لقد أدينا واجبنا الوطني.. أخذنا حق كل شهيد ومصاب.. ربتنا على كتف كل أسرة مكلومة.. وجهنا التحية لكل بطل يضحي بنفسه من أجل حمايتنا وحمايتكم.. انتصرنا لوطننا.. أثبتنا لقوى الشر أننا لا نخاف منهم، ولا نخشى على أرزاقنا في أراضيهم؛ لإيماننا بأن الأرزاق بيد الله.. أثبتنا أننا قادرون على إبهار العالم، حين نقرر إبهاره.. وأثبتنا لكم أن ما فعلناه مجرد أساس لبناء لا يكتمل إلا بمشاركتكم الكثيفة في انتخابات الداخل.. وثقتنا فيكم كبيرة، وأنتم أهل لتلك الثقة».