أيمن عبد التواب يكتب: محمد صلاح وراموس.. لقد وقعنا في الفخ!
قبل الغوص في الوحل
«الواجب على العاقل أن يلزم الصمت إلى أن يلزمه التكلم، فما أكثر من ندم إذا نطق، وأقل من يندم إذا سكت». أبو حاتم البستي في «روضة العقلاء ونزهة الفضلاء».
بيت القصيد
خلافٌ، أو اختلافٌ في وجهات النظر بين المانح ومتلقي المنحه. المانح- لسبب ما- أراد أن تعرف شماله ما تنفق يمينه. أو ربما أراد أن يمن على الذين «استفقروا»، ولم يكن كأصحابه الواهبين المانحين دون أن يحدثوا جعجعة قد تخلف فتنة بين شعبين شقيقيين. أو ربما كانت هناك جهة تطالبه بأوجه إنفاق عشرات الملايين من الجنيهات. أو ربما حدث خلاف بينه وبين أعضاء مجلس إدارة الأهلي!
ما إن وقع خلاف بين معالي المستشار تركي آل سعود- رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية- ومجلس إدارة النادي الأهلي المصري، حتى ركب معظم محبي الطرفين قطار «قلة الأدب» و«فرشوا الملاية» لبعضهم، في وصلة ردح استعرضوا فيها كل قاموس «السفالة».
عادة ما يلجأ الضعيف إلى الصوت العالي لمداراة عجزه وضعفه وقلة حيلته. بينما القوي يكون كالجبال الرواسي؛ لا تؤثر فيه الريح ولا تنال منه العواصف ولا الأعاصير.
لسنا في معرض البحث عن مخطئ، لكن ما هكذا تساق الإبل، ولا هكذا تدار الأزمات بين الأشقاء!
نقول لمين؟
يقولون إن العاقل هو الذي يتعلم من أخطاء غيره، والأحمق هو مَنْ لا يتعلم حتى من أخطائه!
من فضلك عد إلى الخلف ثسعة أعوام إلا بضعة أشهر. في 2009 حدثت مشاكل قبل وبعد مباراتي منتخبنا الوطني الأول ونظيره الجزائري لكرة القدم، ضمن مباريات المجموعة الثالثة من الدور الثالث من تصفيات أفريقيا للتأهل إلى بطولة كأس العالم 2010.
آلة الشحن الإعلامي لم تهدأ. بعض الإعلاميين والصحفيين الرياضيين والسياسيين وشخصيات عامة من الجانبين قادوا معركة «الثأر». أخبار مغرضة. تقارير مزيفة ومفبركة، وشائعات قاتلة. الكرم المتبادل في توجيه السباب والشتائم لم ينقطع. التعصب الأعمى وصل إلى ذروته. تهديدات متبادلة بالقتل وبأن يكون الطرف الآخر «عبرة لمن يعتبر».. ثم حدث ما حدث بسبب مباراة في كرة القدم، ما أدى إلى توتر دبلوماسي بين مصر والجزائر والسودان! أهتاك جنون أكثر من هذا؟
التحفيل على راموس!
العقلاء يمتنعون. لا صوت يعلو على صوت التحفيل على «اليهودي الصهيوني الصليبي الخائن العميل المأجور»، سيرجيو راموس. مَنْ يسب راموس فهو معنا، ومَنْ لم يفعل فعليه بالانزواء جانبًا، حتى لا تطوان سهامنا.. تلك ملخص الحملة التي شنها «الفسابكة والتويتريون» على «المارق، الفاسق، الداعر، الزنديق» المدعو راموس، بسبب فعلته الشنعاء التي تسببت في إصابة ابن مصر «إللي مصيتنا» محمد صلاح!
الكارثة أن بعض الإعلاميين «ركبوا الموجة» وهات يا لت وعجن. «هنرفع قضية على لاعب الريال. هنجرسوه. مش هنخليه يشوف النوم. هنفضحه فضيحة البامية في قعر الحلة. هنجمع توقيعات ضد راموس. هنوحد الدعاء في صلاة الفجر ضد راموس...»!
يا الله! ما كل هذه «الهلفطة»! أليس فينا رجل رشيد؟ ماذا سنجني من «تشيير» رقم الهاتف الذي قيل أنه لراموس؟ وماذا سنجني من شتيمته وتجريسه؟ هل ستعاد المباراة؟ لا. هل بذلك نكون قد أخذنا حق محمد صلاح؟ لا وألف لا.
فصلاح أخذ حقه قبل وأثناء وبعد إصابته «المتعمدة» من راموس.. صلاح أخذ حقه محبة زرعها في قلوب محبيه خلال السنوات القليلة الماضية.. محبة زرعها بجهده وعرقه وإخلاصه، وسلوكه وتصرفاته وعفة لسانه التي جعلته ليس فقط خير سفير لمصر، بل خير سفير للإسلام.. فهل التحفيل على «راموس» يساهم في الصرح الشامخ الذي بناه «مو» في بلاد الفرنجة، أم يقوض ما بناه؟
استقيموا يرحمكم الله.