التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 02:51 ص , بتوقيت القاهرة

مع كل نفس وجع..فكيف لن تخرج الأغاني ثائرة..وداعا ريم بنا

الفنانة الفلسطينية الراحلة ريم بنا
الفنانة الفلسطينية الراحلة ريم بنا

وداعا ريم بنا

"زدني بطرف الحب فيك تحيرا..وارحم حشىً بلظى هواك تسعرا

وإذا سألتك أن أراك حقيقة فاسمح

ولا تجعل جوابي: لن ترى.

هذه الكلمات من أغنية الفنانة الفلسطينية التي رحلت عن عالمنا فجر اليوم ريم بنا، بعد سنوات من صراعها مع مرض السرطان الذي أصيبت به عام 2009.

اكتشفت ريم بنا إصابتها بالسرطان وبدأت تقاومه كما قاومت في أغانيها الاحتلال الإسرائيلي، شبهت ريم السرطان بالاحتلال، السرطان استعمر جسدها، والاحتلال استعمر بلدها.

كانت ريم بنا أيقونة فلسطينية خاصة، وُلدت في السادس من ديسمبر عام 1966، بمدينة الناصرة، وهي ابنة الشاعرة الفلسطينية زهيرة صباغ.

ريم بنا
ريم بنا

 

مسيرة حياة ريم بنا تمنحنا الأمل، وتعزينا عن الكثير مما نواجه من صعوبات، وبالأخص صمودها في مواجهة المرض، الذي انتصر عليها فجر اليوم، حصلت ريم على العديد من التكريم عن أعمالها الغنائية طيلة مسيرتها الفنية التي بدأت بألبومها "جفرا" عام 1985، وأتبعته بألبومها عام 1986 "دموعك يا أمي"، وكانت ريم بنا تُعرف نفسها بأنها فنانة وناشطة من أجل العدالة والحرية، وأنها تعزف موسيقاها من أجل فلسطين، من أجل الحرية، ولمساندة ودعم الشعوب العربية في ثوراتهم من أجل العدالة والكرامة والحرية.

ضحكة المغنية
ضحكة المغنية

 

من أشهر الأغاني التي تغنت بها ريم بنا، أغنية "أحبّك حُبين" من شعر رابعة العدوية، من ألبومها تجليات الوجد والثورة، عام 2013، يتسلل صوت ريم بنا، التي تغني بالفصحى، فنشعر بالنسائم تتسلل إلى وجوهنا، وتطبطب على أرواحنا، كان صوتها الجميل يسكن قلوب العديد من الأجيال الشابة هنا في القاهرة، ويكتبون مقاطع من أغانيها على صفحاتهم في الفيسبوك، رويدا رويدا تعرفت على صوتها للمرة الأولى في أغنيتها الجميلة "عجبت منك ومني يا منية المتمني " أدنيتني منك حتى ظننت أنك أني" وبالطبع الكلمات الشهيرة للصوفي الحسين بن منصور الحلاج.

ريم
ريم

 

يعبر اختيار ريم بنا لكلمات أغنياتها عن هذه الحالة الفنية التي ابتغت فيها الرجوع إلى تراثنا العربي، في مواجهة حالة هائلة من الخسارة، شعب خسر أرضه، وعالم تحالف ضده، وأجيال في الشتات، ومغتصب يمرح في الأرض ويعبث بالمقدسات، شكلت ريم بنا مع أبناء جيلها ثاني أجيال النكبة، لكنها كانت صوت شعبها في مواجهة المنظومة العالمية المتواطئة، تحدت ريم بنا القهر العالمي، غنت في أوسلو، وشاركت في ألبوم رسالة موسيقية ضد الحرب إلى الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، ضمن مغنيات من فلسطين والعراق وإيران والنرويج، وجمع هؤلاء السيدات معا وأخريات من كوريا الشمالية وسوريا وكوبا وأفغانستان، لغناء أغنيات من ثقافاتهم في شكل ثنائي مع عرض أغانيهم باللغة الإنجليزية.

 

المغنية الفلسطينية ريم بنا
المغنية الفلسطينية ريم بنا

 

في هذا الشهر، كتبت ريم بنا على صفحتها على موقع فيسبوك، مع اشتداد آلام مرض السرطان عليها: مع كل نفس وجع، فكيف لن تخرج الأغاني ثائرة، وفي الخامس من مارس، كتبت: عبء على الطب..الذي عجز عن كل ما أُصبت به..

عبء على المشافي..التي لن تسع جسدي الصغير..

عبء على وطن عشقت

ولا حيلة في اليد..فأنا لست شاكيرا أو مدونا لتستنفر البلاد من أجلها

عبء على الطبيب..حين يفقد القدرة على فعل شيء..رغم أنه وعد بتوفر الحلول دوما..

أما عائلتها، فرثتها ونشر شقيقها فراس بنا على صفحته يقول: عائلة ريم بنا، والدتها زهيرة وأخوها فراس وأبنائها بيلسان وأورسالم وقمران وأصدقاؤها وأحباؤها والشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، ينعون إليكم ببالغ الحزن والأسى رحيل ابنتهم البارة ومغنية فلسطين الأولى ريم بنا، متممة واجباتها الوطنية والإنسانية تجاه شعبها وكل مظلومي العالم.

في حياتنا هناك أشياء كثيرة جميلة، بنقاوم عندما نتمسك بهذه الأشياء الجميلة، هذه الكلمات ليست لي، بل لريم، التي كانت تحرض على المقاومة، وتحرض على التمسك بكل ما هو جميل في الحياة، وهزيمة الطاقة السلبية، دعت ريم بالتمسك بالضوء، الموجود في ورد البساتين، ببسمة أولادنا، بأحلامنا، ولمعة عيون أحبابنا بالموسيقى التى تستنفرنا، بطقوسنا التي نخلقها ونجعلنا نستمر، بدقة قلب طفل، تقول ريم بنا: نقاوم عندما نتعلم، وقت ما نجتهد، وقت ما نواجه الجهل بالوعي، والشر بقلب طيب.