التشدد البريطاني تجاه روسيا.. لقيادة الناتو أم لمغازلة أوروبا؟
يبدو أن مقتل العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال كان بمثابة فرصة مهمة للحكومة البريطانية من أجل اتخاذ موقف قوي تجاه روسيا ربما يساهم بصورة كبيرة في تخفيف حدة الانتقادات التي تواجهها بريطانيا في الداخل في المرحلة الراهنة، على إثر حالة الجدل حول أداء الحكومة البريطانية في الآونة الأخيرة.
الحكومة البريطانية اتهمت روسيا بالتورط في اغتيال العميل السابق، واعتبرت أن ذلك انتهاكا لسيادتها على اعتبار أن المواطن الروسي كان يعيش على الأراضي البريطانية، وبالتالي اتخذت عدة إجراءات ضد روسيا، من بينها استدعاء السفير البريطاني لدى موسكو، بالإضافة إلى الإعلان عن طرد عدد من الدبلوماسيين الروس.
الموقف البريطاني تجاه روسيا يبدو قويا، وهو الأمر الذي يثير التساؤلات حول الأهداف التي تكمن وراء التحركات البريطانية في المرحلة الراهنة، خاصة وأن الموقف الأمريكي بقى متحفظا للغاية، حيث حمل انتقادات خجولة للجانب الروسي.
قيادة الناتو
يبدو أن الموقف البريطاني يحمل في طياته محاولة واضحة من جانب حكومة تريزا ماي لقيادة حلف شمال الأطلسي "ناتو"، من خلال استعادة دوره في مجابهة الخطر الروسي، في ضوء ضعف الموقف الأمريكي تجاه موسكو.
ولعل الموقف الذي تتبناه إدارة ترامب تجاه روسيا بدا ضعيفا ليس فقط حيال مسألة اغتيال العميل الروسي السابق، ولكن أيضا تجاه ما يثار حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وهي القضية التي تمثل مساسا مباشرا بالسيادة الأمريكية، حيث اكتفى الرئيس ترامب بالتعليق على هذه القضية بقوله "إذا كانت روسيا قد تدخلت في انتخابات الرئاسة الأخيرة، فإن أخرين أيضا قد تدخلوا".
مغازلة أوروبا
العلاقات البريطانية الأوروبية ربما شابها قدر من التوتر خلال الفترة الماضية، خاصة بعد قرار خروج الحكومة البريطانية من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فربما يكون تشديد اللهجة البريطانية ضد الروس هو وسيلة لحشد الأوروبيين من جديد خلفها، لضمان بقاء العلاقات على حالها مع جيرانها الأوروبيين، خاصة على المستوى الاقتصادي، في مرحلة ما بعد الانفصال، في ظل القلق الأوروبي من جراء الدور الروسي.
تهدئة الداخل البريطاني
الانتقادات الكبيرة التي تواجهها ماي ربما تكون أحد الدوافع وراء الموقف البريطاني الحاسم تجاه الروس، حيث تسعى لتشتيت الانتباه عن أداء الحكومة في المرحلة الحالية من خلال اختلاق قضية يمكنها شغل الرأي العام في الداخل البريطاني