"دوت مصر" فى مسقط رأس الأزهرى محمد يونس اعتقله الإنجليز 19 مرة
العديد من المشاهير النوابغ فى مختلف المجالات أنجبتهم محافظة أسيوط، ويعد الشاعر محمد يونس القاضى، شيخ المؤلفين، وزجال الشعب ومكتشف سيدة الغناء العربى أم كلثوم، ومؤلف النشيد الوطنى "بلادى بلادى لكى حبى وفؤادى"، ما زال واحدًا من المشاهير المنسيين ولم يتم تخليد ذكراه حتى الآن.
"دوت مصر" انتقل إلى مسقط رأس الشاعر الراحل محمد يونس القاضى، فى قرية النخيلة، التابعة لمركز أبو تيج بأسيوط، والتقى أقاربه للحديث عن ذكرياته وتفاصيل كثيرة عن حياته بعد مرور 50 عاما على وفاته.
وقال الحاج حسين على محروس، شيخ قرية النخيلة، لـ"دوت مصر": "إن جدنا الشيخ محمد يونس القاضى والملقب بشيخ المؤلفين والمبدعين ومؤلف النشيد الوطنى، ولد فى شهر يوليو عام 1888م فى حى الدرب الأحمر بالقاهرة، لأبوين من أسرة عريقة، فوالده هو القاضى يونس أحمد، ووالدته عائشة الحريرى، من أعيان القاهرة الفاطمية، ورحلت أسرته إلى مركز أبو قرقاص بالمنيا، حيث عين والده قاضيا شرعيا بها ثم نقل للعمل بمحكمة أبو تيج عام 1899م وفى عام 1903 نقل لمحكمة الواحات وتوفى ودفن فيها عام 1969".
وأشار شيخ قرية النخيلة، وأحد أقارب الشاعر إلى "أن أسرة يونس عادت إلى مسقط رأس الوالد بقرية النخيلة بمركز أبو تيج وكان عمره آنذاك 12 عاما، واستكمل تعليمه ليسافر بعدها إلى محافظة القاهرة ويلتحق بالأزهر الشريف، وساهم فى نشر الثقافة الوطنية والعمل، وفى إحدى المناسبات توجه للقاء الزعيم مصطفى كامل، ليقدم له بعض مقالاته التى نالت إعجابه واحتضنه الزعيم مصطفى كامل، وتولى بعدها مهمة تبسيط خطبه التى كان يلقيها بالعربية الفصحى والإنجليزية والفرنسية، إلى اللغة العامية لجموع الناس بمصر، ونتيجة لهذا الارتباط استمد محمد يونس القاضى كلمات نشيد "بلادى بلادى لك حبى وفؤادى" من خطب الزعيم مصطفى كامل.
وأشار "محروس" إلى أن "يونس كان رجلا وطنيا حيث اعتقله الإنجليز 19 مرة بسبب مسرحياته التى تعدت الـ58 مسرحية غنائية اجتماعية فكاهية ذات محتوى سياسى، تؤدى فى بعض الأحيان إلى خروج الجمهور بعد عرض المسرحية فى مظاهرة ضد الإنجليز، كما أن يونس القاضى كتب آلاف الأزجال الصحفية وما يزيد عن ألفى دور وطقطوقة وموشح سجل أغلبها على أسطوانات بأصوات كبار المطربين فى ذلك العصر من بينهم "منيرة المهدية، وزكى مراد، وعبد اللطيف البنا، وغيرهم".
مكتشف أم كلثوم
وأوضح محروس، "أن الشيخ يونس القاضى، هو مكتشف أم كلثوم سيدة الغناء العربى، حيث سافر إلى قريتها بالمنصورة وأقنع والدها بأن تقوم بغناء القصائد والأغانى الوطنية والعاطفية بجانب الإنشاد الدينى والمديح، ولكن والدها كان يرفض ذلك، وظل القاضى يلح على والد أم كلثوم إلى أن وافق أن تغنى قصائد عبده الحامولى، ومنها أغنية "وحقك أنت المنى والطلب" وبعدها لحن لها عبد الوهاب أغنية "قال ايه حلف ما يكلمنيش" من تأليف الشيخ يونس القاضى، وسرعان ما اشتهرت بها حتى أصبحت تنافس الست منيرة المهدية.
المصنفات الفنية
وينوه حسين على محروس: "أن الشيخ يونس القاضى أول رقيب مصرى على المصنفات الفنية حيث عمل فى هذه المهمة بعد قرار وزارة الداخلية باختياره كرقيب فنى على المسارح والملاهى والأغانى لإيقاف ومنع ما يضر الفن المصرى، حتى أنه منع "طقاطيق" كان هو شخصيًا كتبها لمنيرة المهدية وزكريا أحمد".
مؤلف النشيد الوطنى المصرى
وقال أحمد محمد الجعيص، أحد أقارب الشاعر محمد يونس القاضى، بمركز أبو تيج لـ"دوت مصر": "إن كثيرا من الشباب لا يعرفون من هو محمد يونس القاضى، والذى نردد نشيده يوميا فى كل صباح داخل المدارس وفى المناسبات العامة، ونطالب وزارتى التربية والتعليم والثقافة بأن يتم توعية التلاميذ وفى قصور الثقافة بنبذة تاريخية عن مؤلف النشيد الوطنى، ونشأته، كما أن وزارة الثقافة عليها أن تولى اهتماما بعمل يوم ثقافى أو أمسية أدبية وثقافية للشاعر محمد القاضى، والذى له العديد من الأعمال الأدبية والفنية، أصبحت فى طى النسيان".
وأضاف أحمد الجعيص: "نتمنى أن يتم تحديد يوم لإحياء ذكرى وفاة أو ميلاد الشاعر الكبير محمد يونس القاضى بمسقط رأسه بقرية النخلية بمركز أبو تيج بأسيوط، أو أن يتم إطلاق اسمه على أحد الشوارع الرئيسية بأسيوط، لأن الشاعر يستحق الكثير من الاهتمام لكونه أحد الشعراء الذين أثروا الحياة بالعديد من المسرحيات والأبيات الشعرية التى كانت شعاعا للنور ضد الاحتلال الإنجليزى".
جدير بالذكر أن الشاعر محمد يونس القاضى له العديد من الأغانى الوطنية منها النشيد الوطنى "بلادى بلادى، وحب الوطن فرض علىّ، ويا بلح زغلول، واهو ده اللى صار وادى اللى كان، ويا عزيز عينى، وشال الحمام حط الحمام من مصر لما للسودان، ويا ست مصر صباح الخير.. يسعد صباحك يا عنية"، كما له العديد من المسرحيات من بينها "حسن أبو على سرق المعزة، كلام فى سرك، كلها يومين، الثالثه تابته، كيد النسا وغيرها من المسرحيات التى كانت تعالج المشكلات الاجتماعية فى المجتمع المصرى، وتوفى محمد يونس القاضى عام 1969، عن عمر يناهز الـ81 عاما، كتب خلالها أكثر من 58 مسرحية وآلاف الأزجال والأغانى وصحح مسار الإبداع المصرى فى مجال الأغنية والمسرح من خلال توليه منصب أول رقيب على المسارح الملاهى والأغانى المصرية.