على الرغم من ادعاءات الشفافية التي تتشدق بها إمارة قطر بين الحين والآخر، إلا أن واقع الشفافية في الداخل القطري يبدو معدوما. ففي الوقت الذي تتهم فيه الإمارة الخليجية الدول العربية بانعدام الشفافية، نرى أن رصيد تنظيم "الحمدين" الحاكم في قطر مذريا للغاية في هذا الإطار، ليس فقط على الجانب السياسي ولكن أيضا على الجانب الإنساني.

ففي تقرير لها يوم السبت، ترصد صحيفة "الجارديان" البريطانية المدى الذي وصلت إليه إمارة "الحمدين" في تغييب الحقائق، التي تدور معظمها حول انتهاك حقوق الإنسان، ليس فقط بقمع المعارضين على المستوى السياسي، ولكن أيضا في تجاهل سؤال أحد العائلات البريطانية حول السبب في مقتل أحد المواطنين البريطانيين في يناير الماضي.

قصة جديدة قديمة

إنها قصة مآساوية جديدة، ترصدها الصحيفة البريطانية، حول قضية قديمة ثارت لسنوات طويلة في ضوء تجاهل دولي كبير من قبل العديد من المنظمات والقوى الدولية، ألا وهي قضية انتهاك حقوق العمالة الوافدة لقطر، للمشاركة في أعمال البناء المتعلقة بتنظيم بطولة كأس العالم المزمع إقامتها في قطر في عام 2022.

إلا أن الضحية في هذه المرة أوروبي بريطاني، يدعى زاك كوكس، وهو الأمر الذي ربما أثار حفيظة "الجارديان"، وربما تثير حفيظة منظمات أخرى في المستقبل القريب لتعيد فتح الملف الشائك من جديد.

خرس قطري

كوكس، بحسب ما قالت الصحيفة البريطانية، كان يشارك في أعمال البناء المتعلقة باستاد خليفة، إلا أنه لقى مصرعه جراء سقوطه من ارتفاع يقدر بحوالي 40 مترا، وذلك في شهر يناير الماضي، وهو الأمر الذي أثبت عدم توفر ضمانات السلامة، والتي يلزم توافرها عند القيام بمثل هذه المشروعات.

إلا أن القضية الأكثر إثارة في هذا الإطار، هي حالة الرفض القطري التام للرد على الاستفسارات المرتبطة بظروف الحادث والتي أدت إلى وفاة المواطن البريطاني، سواء من قبل الشرطة البريطانية أو وزارة الخارجية، وهو الأمر الذي يضع الكثير من علامات الاستفهام.

ضمانات غائبة

تقول السيدة إيلا جوزيف، وهي أحد أقارب الضحية البريطاني، في تصريحات لـ"الجارديان"، أنه "بعد عشرة أشهر كاملة من وفاه كوكس لا يوجد لدينا أي إيضاح رسمي من قبل السلطات القطرية حول الأسباب التي أدت إلى الوفاة.. لا توجد أية ضمانات حول عدم تكرار مثل هذا الحادث من جديد مع آخرين."

وأكدت العائلة أنها مازالت ترفض إغلاق التحقيقات وتصر على إيجاد رد واضحا على ملابسات الحادث الذي أدى إلى وفاة ابنهم، موضحة أن ما يهمهم في هذا الإطار هو ضمان عدم تكرار مثل هذا الحادث المؤسف مع آخرين.

أزمة كوكس ليست الأولى من نوعها في قطر، فقد رصدت بعض المنظمات الحقوقية البارزة حول العالم، ومن بينها منظمة العفو الدولية، انتهاكات الإمارة الخليجية مع العديد من العمال الوافدين من مناطق مختلفة حول العالم، والتي أدت إلى مقتل المئات منهم، بالإضافة إلى ضياع حقوق ألاف آخرين بسبب تقاعس الإمارة عن دفع رواتبهم، وكذلك حرمانهم من حقوقهم في حياة آدمية داخل قطر، بالإضافة إلى منعهم من الخروج من الإمارة الخليجية والعودة إلى بلدانهم.