كتب- أحمد الفخراني:

تقول الأسطورة إن جيل السبعينيات لهث وراء فيلم جنسي بعنوان "هويدا والرسام"، جاءت شهرته من أن هويدا المقصودة هي ابنة صباح.. هويدا والرسام كلمة السر وفخ لاصطيادك إلى مواقع إباحية ومواقع أفلام مقرصنة، أسطورة لا يمكن لأحد تأكيدها إلا من رأى الفيلم قد تضاهي أسطورة فيلم "الكوتشينة" لوردة الجزائرية الذي اتضح أنه مجرد سراب.

هذا كل شيء؟ هذا كل ما تبقى من "الأمورة الحلوة" حبيبة أمها؟ لكن هذا كان كل شيء.

هكذا دهست الشجرة الظل؟
أغنيتان تبادلتهما الأم والابنة.. صباح غنت لهويدا الأغنية الأشهر حبيبة أمها، بينما غنت هويدا لصباح أغنية لا يذكرها أحد تطلب فيها السماح.. شجرة وظل.. نجم يعرف طريقه وينتصر على الحياة بل وعلى الموت.. وأخرى بلا هوية متخبطة في ظل نجومية أمها الطاغية.

حياة كاملة حاولت فيها هويدا محدودة المواهب، أن تخرج من عباءة نجمة النجوم؟ لكن لا شيء.. فضائح.. فرص نجومية ضائعة.. مرض.. هروب.. عجز.

هي فقط هويدا ابنة صباح.. لا أكثر.. لا أقل.

علاقة مشتبكة، متخبطة، تحيطها المحبة واللعنات.

موزارت مصر.. طموح يقتله فرس
كان عبد الوهاب المنسي، صاحب الجوقة الشهيرة في بداية العشرين، يتجول من دولة عربية إلى أخرى بفرقته، عندما قابل ألماظ ابنة الحاخام اليهودي في القدس، أسلمت وقررا الهرب، مستمرين في تغريبة، لينجبا عبد الفتاح منسي في العراق والعازف الموهوب أنور منسي، أو موزار مصر كما أسمته الصحف، أم كلثوم جعلته عازفا في فرقتها في سن السادسة عشر، وكان صوليست لعبد الوهاب، فريد الأطرش، محمد فوزي.. وأفرد له عبد الوهاب عزف مقدمة النهر الخالد، بعد خلافه مع أم كلثوم التي نهرته أمام الجمهور عندما أخذته الحماسة في العزف، "إيدك معايا يا منسي"، شعوره بموهبته كعازف جعلته يترك الفرقة.


كان أنور منسي هو الزوج رقم 3، من لحن يعزفه إلى آخر، كان يصرح لها بحبه، حتى اقتنعت صباح أنها بدورها وقعت في الحب.. شجرة تهزم ظلا، أنجبا هويدا التي سميت بذلك تيمنا بنجاح أغنية هويدا هويدا لك. كان يطمح إلى ما هو أكبر، نجومية، حاول التمثيل، ظهر في أفلام مع أنور وجدي، لكن فطرة الشمس هي إخفاء النجوم، الشقة الهادئة على النيل، عرفت الخلافات.

هويدا ابنة العازف والمطربة، كانت في عمر السنتين.. عندما ترك الوالد، أعظم عازف في مصر، البيت، ولا يوجد تأكيد لصحة ما ذكره مسلسل "الشحرورة" عن كونه مقامرا، كان يضرب صباح من أجل المزيد من المال.

ربما كان القمار إن صح هو هربه من سطوة الشمس، مطربة يسطع نجمها، ذلك لن يضاهي نجومية عازف موهوب ووسيم.

عام 1961، وقع موزارت المصري من فوق فرس، مات.. وعندما مُنعت صباح من البقاء في مصر وعادت إلى لبنان، أعادت ابنتها إلى الديانة المسيحية، بعد أن كانت سجلتها كمسلمة في مصر للاحتفاظ بحضانتها.

شجرة أديان
هويدا.. من أب مسلم، أم مسيحية.. جدة يهودية.. عازف ومطربة وصاحب جوقة.. شجرة أديان تعزف الموسيقى.. أسطورة مهيئة للسحر.
لكن الشمس لا تعرف النجوم.

عندما فقدت صباح صوتها
كانت هويدا في السادسة عشر من عمرها، عندما عادت صباح من لبنان لتكتشف أنها تزوجت بدون علمها، وكانت الصبوحة تملك خطة أخرى لابنتها، لذا جن جنونها عندما عرفت أن "دلوعتها" اختارت مسارا آخر.. دفعتها إلى السينما، بلا موهبة حقيقية.. سوى سطوة اسم الأم.. وجمال نادر لهويدا.. الابنة الأشهر.

لم يكن مقدرا لها، أن تسجل مسرحية "المتزوجون" الشهيرة، مصورة، كانت تؤدي دور لينا الذي صورته الممثلة شيرين، سمير غانم وجورج سيدهم، لم يكونا راضيين عن أداء هويدا الباهت، كانا ينتظران بفارغ الصبر، أن يتم استبدالها.

في فيلم "نار الشوق" كان على صباح أن تصفع ابنتها في أحد المشاهد، لأنها عادت إلى المنزل مخمورة، لم تستطع، مع كل إعادة للمشهد، كان الناتج صفعات خفيفة لا تفي بالغرض، حتى أقنعها المخرج محمد سالم، إن عليها أن تصفعها بقوة إن أرادات لابنتها أن تصير ممثلة قوية، صفعتها بقوة، ثم انسحبت باكية ومنهارة.. المخرج الذكي أضاف بكاؤها وانهيارها إلى المشهد، رغم أن ذلك لم يكن في السيناريو.

بعد سنوات، ستبيع صباح منزلها، وتعيش في فندق في كاليفورينا لتنفق على علاج ابنتها من مرض شمع الكبد، الذي أصابها نتيجة إدمان الكحول.. تلك المرة بلا صفعات.. بلا انهيار.

كانت هويدا ترغب في الهروب من سطوة الشمس.. من انشغال صباح بأزواجها الذين أشعلن غيرة هويدا، تبادلا الاتهامات، المحبة وظلت تبحث عن شيء آخر.. شيء انتهى بهزيمتها أو ربما انتصارها بانتزاعها شهرة فريدة ومجنونة بعيدا عن أمها. سينطفيء كل شيء.. إلا شمس "الصبوحة".. وعلامة سيرش على الإنترنت تدعى هويدا والرسام.

شاهد:  صور نادرة للشحرورة صباح

إقرأ أيضا: كوكو شانيل.. حواديت الشياكة والنازية وسر رقم 5