التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 08:48 م , بتوقيت القاهرة

Licence to Kill - رخصة بوند المسحوبة من تيموثي دالتون

سانشيز: لماذا تحمل مسدس؟
بوند: في عملي يجب أن تستعد لكل شىء.
سانشيز: وما هو عملك؟
بوند: أساعد البشر بخصوص مشاكلهم.
سانشيز: تحلها؟
بوند: ابادتها هى التعبير الذي أفضله. 


ساعات قليلة تفصلنا عن بدء عرض سبكتر Spectre. الفيلم رقم 24 في السلسلة الرسمية لجيمس بوند، ورقم 4 للنجم دانيال كريج في الدور. قبل أن نصل لهذه المحطة في ريفيو خاص، من المهم أن نتوقف مع محطات مهمة سابقة. 


المحطة الأولى كانت مع Goldfinger 1964 أفضل أفلام شون كونري في السلسلة. المحطة الثانية مع الجاسوس الذي أحبني The Spy Who Loved Me 1977، أفضل أفلام روجر مور. المحطة الثالثة مع رخصة للقتل Licence to Kill 1989 ثاني وآخر أفلام الممثل تيموثي دالتون في الدور.



لمعرفة درجة اختلاف أفلام دالتون عما سبقها، نحتاج لوقفة سريعة مع أوائل الثمانينات بالنسبة لسلسلة بوند بالأخص، ولأفلام الأكشن والمغامرات عامة.


نجم الدور وقتها كان لا يزال روجر مور، الذي قدم 3 أفلام في أعوام (81 - 83 - 85). مع عرض أولها، بدأت الشكوى بخصوص معالم السن التي يصعب إنكارها على حركته وملامحه. وبحلول الثالث نظرة للقتل A View to a Kill 1985  أصبح من المستحيل انكار هذة المعالم. 


عندما حقق الأخير إجمالي عالمي أقل من الـ 4 أفلام التي تسبقه، أصبح اختيار بوند جديد مسألة حتمية. قرار منطقي جدا بخصوص ممثل من مواليد 1927، بدأ حقبة الثمانينات وعمره 53 عاما. روجر كما سبق وذكرنا، قدم الشخصية في إطار عبثي شبه كارتوني، لم ينل رضا كثير من النقاد، لكن نجح رغم ذلك في تحقيق إيرادات ضخمة. 


روجر مور - View to a Kill 1985


في المقابل شهدت السبعينات بداية تصاعد قوي، لنغمة العنف والبطل الشرس في شباك التذاكر. معالم ذلك تتضح في أقوى حالاتها مع سلسلة هاري القذر Dirty Harry التي بدأت 1971 واستمرت حتى 1988 مع النجم كلينت إيستوود.   


المثال الآخر المهم من العقد التالي هو رامبو. المحارب الذي دشنه النجم سلفستر ستالون بفيلم أول عام 1982 وأكمله بعملين آخرين ناجحين خلال نفس العقد (1985 - 1988). 


التركيبة مختلفة عن بوند. البطل أكثر عنف ودموية وأقل أناقة وأرستقراطية أو استخدام للتكنولوجيا. مساحة الجنس في الشخصية الرئيسية أو الحبكة ككل، باهتة في هذة الأفلام. البطل يواجه وحده دون مساندة قانونية أو مؤسسية، طوفان مجرمين وفاسدين ويعمل على تصفيتهم. الطابع أكثر سوداوية عامة. والدافع الأساسي الذي يحرك البطل هو الانتقام قبل أى شىء.  


نفس العناصر ستجدها في أفلام ثمانينات أخرى لـ ستالون وشوارزينجر. بالإضافة الى أفلام الدرجة الثانية الأقل تكلفة، التي تصدرها نجوم مثل ستيفن سيجال وفان دام وشاك نوريس.


ستالون - شوارزينجر


حان الوقت إذا لصياغة بوند جديد يناسب المرحلة. بعد بحث ومفاوضات - تضمنت بالمناسبة بيريس بروسنان - وقع الاختيار في النهاية على تيموثي دالتون. الإنجليزي الوسيم ذو القوام الطويل الممشوق (188 سم)، صاحب التاريخ الجيد في مسرحيات شكسبير والأعمال التليفزيونية.


فيلمه الأول أضواء النهار The Living Daylights 1987 لامس عالم العنف المطلوب، وأصبح فيه بوند أكثر جدية ودموية من حقبة روجر مور. رغم الإيرادات المتواضعة في أمريكا، حقق الفيلم الذي تكلف 40 مليون دولار، اجمالي عالمي وصل الى 191 مليون.


طبيعة بوند ونجمه الجديد راقت لبعض جمهور السلسلة ورفضها آخرون، لكن تكفل الرقم بفيلم ثاني. شباك التذاكر استمر عامة في مساندة التركيبة الشرسة العنيفة خلال نفس الفتره، مع أفلام جديدة دشنت سلاسل مثل:
Lethal Weapon 1987
Die Hard 1988


نظرا للنجاح التصاعدي للتركيبة، قرر صناع بوند زيادة الجرعة أكثر وأكثر، في الفيلم الثاني رخصة للقتل Licence to Kill والالتزام بكل مواصفاتها. الحبكة بسيطة. صديق بوند المقرب يموت يوم زفافه، على يد تاجر مخدرات اسمه سانشيز. المخابرات البريطانية تتخلى عن بوند، الذي يعمل لوحده هذه المرة، في رحلة انتقام دموية مع 007 أقرب لآلة قتل لا تهدأ. 



الأشرار تغيروا أيضا. على عكس أفلام كونري وروجر مور، التي يرتكز محور الشر فيها على السوفيت، أو المهاويس ذو الطابع الاستعراضي الجنوني والخطط الطموحة، الساعين مثلا لاقتحام قلعة فورت نوكس، أو امتلاك رؤوس نووية لاخضاع العالم، يظهر الشرير سانشيز هنا كمجرد تاجر مخدرات شرس، يريد ضمان استمرار تجارته.


شرير غير طموح وغير أنيق يقاتل بيديه، مماثل للأشرار التي يواجهها جون ماكلين (بروس ويليس) في Die Hard أو الشرطيان (ميل جيبسون وداني جلوفر) في السلاح القاتل Lethal Weapon. اختار صناع الفيلم أيضا اسناد الموسيقى التصويرية لـ مايكل كامن، وهو نفس موسيقار السلسلتين.


رغم هذا قد يكون أداء روبرت ديفي لدور سانشيز أجود ما في الفيلم. ومن الجدير بالذكر هنا أن النجم بينسيو ديل تورو ظهر في دور ذراعه الأيمن. ويعتبر بذلك أصغر شرير ظهر في سلسلة بوند كلها تقريبا، لأنه قدم الدور وعمره 21 عاما فقط. 


اقرأ أيضا: Sicario - درس جهنم خارج الحدود


بينسيو ديل تورو - روبرت ديفي


المعركة النهائية نفسها امتداد لنفس الخط الثمانيناتي الهوية. على عكس أفلام بوند التي تنتهي عادة باقتحام مقر الشرير وتدميره، الختام هنا بمطاردة يقود فيها بوند شاحنة ضخمة، ويواجه الأشرار في طريق مفتوح، على طريقة معارك أفلام ماد ماكس.


اقرأ أيضا: ماكس المجنون يعيد هوليوود لصوابها في Mad Max: Fury Road


من حيث التنفيذ، المشاهد والمطاردات جيدة جدا بمقاييس الفترة، لكن في المجمل هى عنصر آخر دشن أكثر وأكثر، السبب الرئيسي لنفوري ونفور كثيرين، من 007 في حقبة تيموثي دالتون: هذا ليس بوند!.. ليس بوند نهائيا!


بوند دالتون ينتمي زمنا لفترة طفولتي، لكن من حيث المشاهدة تصادف أن شاهدت أولا أغلب أفلام روجر مور وشون كونري، وعند مشاهدة أفلامه بعدها، لم أشعر للحظة أن هذا 007 الذي أحبه.


تيموثي دالتون - روجر مور - شون كونري


بوند الذي أعرفه يستمتع بالجنس أكثر من استمتاعه بالقتال. يتوقف وسط القتال لمغازلة الجميلة التي تحاول قتله. يسخر من الشرير ولا يتعصب منه. يخرج من معاركه بكامل أناقته وشعره المصفف. يقود سيارة يمكن أن تتحول لغواصة، ويحمل حقيبة يمكن أن تتحول لطائرة وقت الأزمات!


بوند الذي أعرفه شخص أحلم أن أكون مكانه باستمرار، وهو ما لم يحدث بنفس القوة مع دالتون. بوند دالتون غير مميز ويشبه غيره. متجهم وغاضب. لا يستمتع بما يفعله، ولنفس السبب لا أستمتع. دالتون قدم الشخصية كما لو كانت عبئا على كتفه، ولم يمرح معها على طريقة كونري وروجر مور.


ولهذه الأسباب لم أفتقد دالتون نهائيا في دور بوند. فيلمه الثاني والأخير حقق إجمالي عالمي 156 مليون دولار (أقل من الأول بـ 35 مليون). ورغم عقده الذي يشمل 3 أفلام، اضطر منتجو السلسلة لوقفها 6 سنوات كاملة، بسبب مشاكل ونزاعات قانونية على حقوق الشخصية. وعندما عادت العجلة للحركة منتصف التسعينات، عادت ببوند جديد.


الرواية الرسمية أنه رفض العودة للدور مرة ثالثة بعد كل هذه السنوات، لكن في اعتقادي الشخصي هذه الرواية، مجرد إقالة مهذبة من منتجي السلسلة، لنجم حاول معهم أن يقدم بوند مختلفا، لكن لم تحقق التجربة نتائجها المرجوة.


لقطة من Licence to Kill


على كل، سواء كان الانسحاب قراره أو قرارهم، فقد ربحنا الكثير مع فوز غيره بالدور في العين الذهبية Golden Eye 1995. وهو ما سنناقشه تفصيليا في محطة بوند مع بيريس بروسنان.


رغم هذا تظل مشاهدة Licence to Kill تجربة مهمة لجمهور السلسلة، العاشق لشكلها الحالي مع النجم دانيال كريج. في الحقيقة محاولة دالتون الجدية، أقرب ما تكون لنفس محاولات دانيال كريج، منذ فيلمه الأول كازينو رويال Casino Royale 2006. 


لماذا تقبل الجمهور من كريج  ما رفضه من دالتون؟.. ولماذا أحببته هو في الدور؟.. هذا سؤال مهم، سنتوقف عنده قريبا أيضا بالتأكيد في تغطية مشوار بوند. حتى ذلك الحين اليكم روابط المواضيع السابقة عن 007:


1 - Goldfinger - فيلم بوند الذهبي في حقبة شون كونري
2 - The Spy Who Loved Me - فيلم بوند الذهبي في حقبة روجر مور
3 - شون كونري.. النسخة الأصلية من 007
4 - أفضل 10 أغان في أفلام جيمس بوند


لمتابعة الكاتب على الفيس بوك