التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 04:57 ص , بتوقيت القاهرة

أفلام تحدت الزمن - Jurassic Park 1993

الأسبوع الحالي سيبدأ عرض عالم جوراسي Jurassic World، وهو الفيلم الرابع من سلسلة Jurassic Park الشهيرة، التي بدأها المخرج المعروف ستيفن سبيلبرج عام 1993 عن رواية بنفس الاسم لأديب الخيال العلمي مايكل كريتون، صدرت عام 1990.


من المنتظر أن يصبح الفيلم الجديد من أنجح أفلام الصيف، نظرا لشعبية السلسلة. أو لمزيد من الدقة شعبية الفيلم الأول بالأخص، لأن الجزء الثاني والثالث لم ينالا الكثير من التقدير، على عكس الأول الذي لا يزال محتفظا بشعبيته حتى الآن بعد مرور 22 عاما بالتمام والكمال على عرضه الأول.


اقرأ أيضا: أهم 10 أفلام هوليوودية في صيف 2015


لماذا صمدت جماهيرية بعض الأفلام عقودا وعقودا، وتوارثتها أجيال أصغر؟.. السؤال محور سلسلة أجلت كتابتها أكثر من مرة، لكن حان الوقت أن نبدأها الآن وفورا، لأن Jurassic Park أفضل افتتاح لـ أفلام تحدت الزمن. السلسلة ليست ريفيو عن فيلم، بقدر ما هي محاولة لتحديد نقاط وعوامل خلوده.



سحر Jurassic Park امتداد لسحر أفلام سبيلبرج الأخرى قبله مثل:
Close Encounters of the Third Kind  
Raiders of the Lost Ark 
E.T. the Extra-Terrestrial 


في هذه الأفلام وغيرها، احتفظ سبيلبرج بروح الطفل دائما معه، وصبغها على أغلب شخصياته. لا تتعلق المسألة بالأطفال فقط، المتواجدين دائما في أغلب أعماله، لكن حتى في شخصيات الكبار. الكل يريد أن يستكشف ويمرح. الكل يريد أن يلعب بشكل ما. 



في Jurassic Park ستجد هذه الروح في كل الأبطال. الملياردير جون هاموند صاحب الحديقة، الشغوف بالديناصورات بعيدا عن أي طمع مادي. خبراء الحفريات المبهورين بمشاهدة ديناصورات حية أخيرًا، بدلا من مجرد عظام. وبالطبع الأطفال قبل كل ما سبق. ولأن الكل يريد أن يمرح ويستكشف، تنتقل هذه العدوى إلى المتفرج وتضاعف المتعة. 


شغف الاستكشاف ولذة تذوق ما هو جديد غير موجودة في أغلب أفلام المغامرات الأخرى. الديناصورات مرعبة وقاتلة في الفيلم، لكن سبيلبرج لم ينس أبدا أنها يجب أن تكون ممتعة. على مدار 22 عاما بعد الفيلم، شاهدنا  خدعا سينمائية أفضل في عشرات الأفلام، لكن من الصعب أن تذكر في أغلبها مشهدا واحدا خالدا، ينقل لك عدوى الاستكشاف والمرح والشد العصبي بنفس القدر وفي نفس اللحظة، بشكل يعادل مشاهد Jurassic Park. وأخص بالذكر هذا المشهد.


They're Flocking This Way


شخصيات الفيلم بسيطة ولا يمثل أي منها تحديا دراميا صعبا، لكن أجاد الكل عمله حتى أصحاب الأدوار الثانوية. شاهد دور صامويل جاكسون الصغير كمثال، قبل أن ينتقل في العام التالي مباشرة للأمجاد مع دوره في Pulp Fiction. 


اختيار الممثلين الأطفال كان موفقا أيضا. كيوت لدرجة تجعل أي متفرج طفل يتوحد معهم، وتسحر في المقابل كل متفرج ناضج، ليرغب في أن يكونوا أولاده. أحد أكبر مشاكل الجزء الثاني The Lost World: Jurassic Park 1997 كانت في الأطفال. طوال الفيلم تقريبا، كنت أتمنى من كل قلبي، أن تلتهمهم الديناصورات في مشهد دموي بالسرعة البطيئة!


Back in the Car


سبيلبرج أحد أساتذة مدرسة Less is more أو القليل أكثر فاعلية. وهو ما ستجده في مشاهد القرش في فيلمه الشهير Jaws بالأخص. في رواية Jurassic Park عدد كبير من المواقف والمشاهد المرعبة، بوصف تفصيلي دموي كان تجنبه حتميا، لأن سبيلبرج أراد لفيلمه أن يصبح بتصنيف رقابي مناسبا للمراهقين PG-13.


رغم هذا لا توجد تنازلات، ويلسعك سبيلبرج من وقت لآخر بلمسة خاطفة دموية غير مباشرة، يترك فيها لخيالك تكملة الصورة والحدث المرعب، بفضل ألاعيب المونتاج وشريط الصوت. هذا المشهد الخاطف مثلا وما تلاه لا يُنسى، وتأثيره أكثر رعبا من تأثير تنفيذ الهجمة تفصيليا بشكل مباشر. 



الديناصورات روح الفيلم. عام 1993 لم تكن الخدع السينمائية على تطورها الذي نعرفه الآن. الجرافيك كان لا يزال لعبة مبتكرة جدا. وباستثناء فيلم أكثر روعة وهو Terminator 2: Judgment Day 1991 للمخرج جيمس كاميرون - عمل خالد سنتعرض له يوما ما في هذه السلسلة بالتأكيد - لم تشهد هوليوود قبل Jurassic Park اعتمادا حقيقيا على الجرافيك لصناعة وحوشها، مقارنة بالنماذج الميكانيكية وتقنيات الـ stop motion العتيقة.


الفريق المسؤول عن خدع الروبوت المعدني في Terminator 2، كان اللاعب الأساسي في فريق خدع الديناصورات في Jurassic Park. الأول ستان وينستون خبير النماذج الميكانيكية وألاعيب الماكياج، والثاني دينيس مورين خبير الجرافيك وألاعيب تعديل الصورة. 



الطريقتان مختلفتان تماما. في أحدهما للديناصور هيكل حقيقي متواجد في الاستوديو أمام الكاميرات، وفي الثانية الديناصور غائب وعليك أن تتخيله في الاستوديو، وتُصور المشهد بشكل يلائم ما سيضيفه خبراء الجرافيك لاحقا. وهو تحدٍ صعب جدا بسبب حداثة التجربة وقتها.


النتائج في الفيلم ممتازة في الحالتين، ولا تزال خدع الفيلم مبهرة بمقاييس 2015، لأن سبيلبرج اختار الجرافيك في المشاهد التي تتطلب حركة يستحيل أن توفرها النماذج الميكانيكية بنفس المصداقية (شاهد أول فيديو في الصفحة كمثال). واختار النماذج الميكانيكية في المشاهد، التي كان من الصعب جدا على جرافيك أوائل التسعينات صناعتها. 


قبل وبعد - المؤثرات البصرية 


هرب سبيلبرج بذكاء من تواضع قدرات الجرافيك وقتها. أحيانا بوضع ديناصوراته بعيدا في خلفية المشهد. أحيانا باختيار الظلام والضباب للتغطية على عيوب الجرافيك. أحيانا بسرعة التقطيع والتغطية على الديناصور بتفاصيل أخرى في الصورة. وأحيانا باختيار النماذج الميكانيكية كبديل.


أيا كانت الطريقة يوجد غالبا ديناصور مقنع على الشاشة بمقاييس 2015، في 90% من مشاهد الفيلم. للمقارنة شاهد مثلا هذه اللقطة من DragonHeart 1996 عندما قرر صناع الفيلم عرض التنين الجرافيك بوضوح، فأصبحت النتيجة شبه كارتونية.



هذا لا يعني بالطبع انعدام الهفوات في ديناصورات سبيلبرج. الـ 10% تظهر بوضوح في مقاطع أخرى. مشهد ظهور الديناصورات أمام السيارة الجيب مثلا، يعكس خللا في اختيار زاوية الإضاءة المناسبة عند تصوير السيارة، وهو ما نتج عنه انعدام مصداقية. الخطأ هنا يخص سبيلبرج.


لكن إجمالا أجاد فريق الخدع عمله واستحق الأوسكار، لأنها كانت فترة تحدٍ، يريد الكل فيها إثبات جدارته بصناعة ديناصور حقيقي على الشاشة. من المفترض حاليا بعد كل هذه السنوات أن نشاهد باستمرار ما هو أفضل بسبب تراكم الخبرات والتطور التكنولوجي. رغم هذا للأسف أقلية من المخرجين، تجيد الاختيار والمزج بين تقنيات الجرافيك وباقي التقنيات.


جون ويليامز وأوركسترا Jurassic Park


من الصعب أن تنسى الديناصورات على الشاشة. والأصعب أن تنسى الموسيقى التصويرية لـ جون ويليامز. 


إلى أي مدى سيستعيد Jurassic World سحر الأصل؟.. هذا السؤال سنعود لإجابته تفصيليا قريبا بعد مشاهدة الفيلم، لكن بالتأكيد فكرة العودة لزيارة حديقة الديناصورات ممتعة في حد ذاتها. على صعيد آخر لدينا موعد آخر مهم مع شركة بيكسار في نوفمبر، في فيلم The Good Dinosaur لإجابة السؤال العكسي: ماذا لو لم تنقرض الديناصورات من الأصل؟
 
اقرأ أيضا: بيكسار تنافس نفسها بفيلمين في 2015



المشهد النهائي ختام ممتاز للفيلم. لم نعرف بعد بالتفصيل كيف كان شكل العالم عندما حكمت الديناصورات الأرض، لكن سنظل نذكر - وللأبد غالبا - كيف احتلت ديناصورات سبيلبرج موسم 1993 السينمائي، وأصبحت نجمة أنجح فيلم في التاريخ، حتى ظهور فيلم تيتانيك.


لمتابعة الكاتب على الفيس بوك