التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 06:36 م , بتوقيت القاهرة

نجومية البطاريق بتركيبة السنيد في The Penguins of Madagascar

النصيحة الأعظم على الإطلاق بخصوص أصول التسويق السينمائي وأذواق الجماهير، هو أنه لا يمكنك أبدا توقع أذواق الجماهير بشكل كامل. المهم أن تكون عمليا في اتخاذ القرار بناء على معطيات ونتائج الواقع.


ولهذا ومنذ فجر السينما والتليفزيون، شهدت العديد من الأعمال شخصيات جانبية أو هامشية، انتهت بتحقيق تفاعل جماهيري عال غير متوقع، فاستحقت أن تنتقل إلى خانة البطولة في أعمال مستقلة.


بعيدا عن هوليوود التي تمثل مصنعا لا يتوقف لتحقيق المعادلة السابقة، ستجد القاعدة مطبقة عالميا. على سبيل المثال التطبيق المعاصر المصري الشهير لها، ستجده في اللمبي، الذي انتقل من فيلم الناظر لبطولة مستقلة في فيلم باسم الشخصية، جعل من محمد سعد نجم شباك. وإتش دبور الذي انتقل من مسلسلات السيت كوم إلى دور مساند في فيلم مرجان أحمد مرجان، ومنه إلى فيلم مستقل باسم الشخصية، صنع أول محطات نجومية أحمد مكي سينمائيا.


الرسوم المتحركة ليست استثناءً. ديزني تصنع منذ عقود أفلاما ومسلسلات للتسويق على قنوات الكارتون وشرائط الفيديو، مقتبسة من شخصيات هامشية في أفلامها، ومنها مثلا حلقات تيمون وبومبا في التسعينات، المقتبسة من نجاح الشخصيتين في فيلم The Lion King 1994.



في يوليو 2015 سيبدأ عرض فيلم Minions، بعد أن انتزعت هذه الكائنات الصفراء الهستيرية  لنفسها البطولة والاسم من سلسلة Despicable Me، وأتوقع أن ينافس الفيلم بشراسة على المركز الثالث من حيث الإيرادات في نهاية الموسم الصيفي بعد Avengers: Age of Ultron - Furious 7 مباشرة.


اقرأ أيضا: أهم 10 أفلام هوليوودية في صيف 2015


شركة دريم ووركس للرسوم المتحركة التي تسير هنا على نفس النهج في  Penguins of Madagascar 2014 وتمنح البطاريق البطولة، بعد أدوار مساندة في سلسلة أفلام Madagascar التي صُنع منها ثلاثة أفلام كان أولها 2005، سبق لها أيضا اقتباس شخصية القط Puss in Boots من سلسلة أفلام Shrek في فيلم مستقل حقق نجاحا جيدا عام 2011. والطريف أن البطاريق مرت قبل أن تغزو السينما في 2014 بأول تجاربها المستقلة في حلقات تليفزيونية بدأت عام 2008 بعد 3 سنوات فقط لا غير منذ ظهورها السينمائي الأول.



تراكم الخبرات من أعمال وشخصيات أخرى، و3 أفلام من سلسلة Madagascar  بالإضافة إلى مسلسل تليفزيوني سابق، يُفترض أن ينتج في النهاية عملا جيدا على كل المستويات، خصوصا مع قائمة تضم 7 أسماء لكتابة القصة والسيناريو للفيلم. رغم هذا النتيجة النهائية للأسف متوسطة إجمالا. 


السبب الرئيسي يكمن في أن صانعي الفيلم - وعلى عكس جمهور البطاريق - لم يروا في الشخصيات أكثر مما كان في أفلام Madagascar. مجرد كائنات مبالغ فيها، هستيرية التصرفات، تتميز بامتلاكها مهارات تجسس وقتال لا تقل غرابة، وتظهر من وقت لآخر لتقديم اسكتشات سريعة أو إيفيه من نوعية:  



هذا التناول لا بأس به لشخصيات جانبية في عمل جماعي، لا تسيطر فيه على الشاشة أغلب الوقت، ويصلح أكثر وأكثر لحلقات تليفزيونية كوميدية خفيفة سريعة (10 - 12 دقيقة)، لكن من الصعب بناء قصة وفيلم كامل جيد على مدار ساعة ونصف، لعرض هذه الاسكتشات بشكل متواصل وحدها.  


حتى عندما حاول صناع الفيلم تطعيمه بفريق مساند جديد من عالم المنظمات السرية، ينضم إلى البطاريق في مهمتهم، فرضت طريقة السيناريو نفسها، وتحول الطاقم الجديد الذي يضم أسماء ممتازة في الأداء الصوتي إلى فريق اسكتشات آخر.  


مقارنة دور العميل السري مثلا الذي يقدمه هنا صوتيا بيندكت كامبرباتش، بدورين ممتعين قدمهما في نفس العام، مثل التنين سموج في أخر أفلام The Hobbit  و آلان تورينج في The Imitation Game تعطينا لمحة إلى أي مدى أضاع صناع الفيلم مواهب متميزة، في عمل متواضع سيُنسى سريعا. وهو نفس ما يمكن قوله عن دور ممثل ثقيل الوزن مثل جون مالكوفيتش.



من وقت لآخر يظهر اسكتش ما، جيد بالفعل على مستوى الكوميديا، ومنها مثلا مشهد المشاكل الهندسية في مكالمة الفيديو للشرير، لكن تظل إجمالا مجرد ومضات خاطفة على مدار الفيلم، الذي يعود سريعا إلى كل الكليشيهات المحفوظة في أفلام الرسوم المتحركة.


النكتة الوحيدة المُبتكرة التي قدمها السيناريو والحوار في الفيلم، وتثبت في الذاكرة نسبيا، هي توظيفه لأسماء مشاهير، لتتحول إلى صيغ أوامر على لسان الشرير لفريقه، ومنها مثلا:
Drew! Barry! More power
Nicolas, cage them
Hugh, Jack, man the battle stations


يمكن اعتبار ما سبق نوعا من الألش الرخيص، لكنه هنا موظف جيدا ومنسجم مع الجو العام للفيلم. 



على صعيد الصورة فالأمور أفضل نسبيا مقارنة بالسيناريو، خصوصا في مشاهد مدينة البندقية، لكن لا يوجد شىء ثوري أو مبتكر.


هندسيا تتضاعف قدرات أجهزة الكمبيوتر في معالجة البيانات كل عامين تقريبا، ويوازي هذا تقدم مماثل في البرامج، وهو ما يجعل جودة الجرافيك وثراء التفاصيل في ازدهار حتمي مستقبلي متواصل. من المؤسف أن قدراتنا كبشر على السرد والابتكار لا تحقق نفس الشىء.


الخط العام لشركة دريم ووركس مؤخرا، لا ينبىء بعودة قريبة الى مستويات  Shrek 2001، وباستثناء The Croods 2013  لاتوجد في أعمال مثل  Home - How to Train Your Dragon 2 - Turbo - Monsters vs. Aliens  معالم جودة تُذكر على مستوى السرد والأفكار والشخصيات. الأزمة ليست فقط في عدم وجودها. الأزمة الأكبر أن محاولة الإتقان أو التميز نفسها لم تعد موجودة تقريبا.  


اقرأ أيضا: Home يحتفظ ببطاقة جنسية دريم ووركس



باختصار:
الرحلة الأولى المستقلة لبطاريق مدغشقر على شاشة السينما، أقل تسلية من بداياتهم، رغم النجوم الكبار الجدد في الأداء الصوتي. الفيلم إجمالا كليشيهات واسكتشات مكررة من كل ما شاهدناه من قبل لهم ولغيرهم، في عمل يعكس من جديد ملامح استسهال وكروتة بدأت تزحف على استوديو دريم ووركس للرسوم المتحركة.


لمتابعة الكاتب