ألمظ وعبده الحامولي..روحي وروحك حبايب
ألمظ وعبده الحامولي ثنائي يقترن اسمهما دائما. الحامولى أبرز مطربي القرن الـ19 وواحد من مجددي الموسيقى العربية. ولد في 1836 بقرية الحامول التابعة لمحافظة المنوفية. أما ألمظ فولدت في الإسكندرية عام 1860 تحت اسم "سكينة" لكن لجمال صوتها ونقاوته الشبيهة بالألماس، عُرفت باسم شهرتها وكانت أشهر مطربات زمانها في العمر القصير الذي عاشته.
كانت الصدفة هي البطل في حياة العاشقين فقد نشأ كلاهما في بيئة هامشية فقيرة ثم انتقلا إلى الثراء ورفقة "الرؤوس الكبيرة"، وكذلك من المنافسة الحامسية بينهما إلى اعجاب متبادل وعلاقة مكللة بالزواج.
نشأة وشهرة
في كتابه "فيض الخاطر" وهو عبارة عن مجموعة من المقالات الأدبية والاجتماعية وصدرت بعد وفاته في كتاب، يكتب أحمد أمين عن الحامولي وألمظ:
"من عبده؟ ومن ألمظ؟ ولماذا كان لهما هذا الصوت الجميل والفن البديع؟ الله يعلم أين يضع سره من غير قانون معروف، ولا نظام مألوف. فعبده لم تعلمه مدرسة ولم يهذبه كتاب، ولم يتلق دروسا في النوتة والعود والكمان. ولم يعرف أبوه بفن ولا صوت، ولكن الله منح عبده صوتا رخيما، آية في الجمال، لفت إليه الأنظار. أما ألمظ فهي فتاة فقيرة يضطرها فقرها أن تشتغل "فاعلة" مونة الجير والتراب في "قصعة" لتناولها للبنائين، ثم تلهمها نفسها وحسها أن تغني للعمال فيسمعوا منها صوتا بديعا يخفف عنائهم ويزيد نشاطهم، ويشاء القدر أن تسمع صوتها وهي تغني "عالمة" من أكبر عوالم مصر اسمها "الست ساكنة" كانت تقطن حي السيدة سكينة بالقاهرة، فتأخذها وتربيها تربية فنية، فتتفوق "ألمظ" على معلمتها، ويكون منها أكبر "عالمة" فسبحان ربي القدير يهب ما يشاء لمن يشاء".
غراميات مرحة
قصة الحبّ بين الحامولي وألمظ بدأت من الأغاني التي كان يتنافس كل منهما في إجادتها، حيث وصلت شهرتهما لكامل أرجاء المحروسة. ولكن هناك أسطورة، لا يمكن التأكد من صحتها التاريخية، تقول إن رسائل مداعبة رقيقية تبادلها الطرفان في الحفلات الكبرى التي كانت تجمعهما: تغني ألمظ في "السلملك" المخصص للنساء ويكون الحامولي في الطابق الأرضي.
يقال إن أول لقاء جمعهما كان في الجيزة لإحياء حفل زفاف أحد الأرستقراطيين. سبقته المظ واستقلت مركبا لتعبر النيل وارتجلت في عبورها موّالا تقول فيه :
"عدي يا المحبوب وتعالى
وإن ما جتش أجيلك أنا
وإن كان البحر غويط أعملك عالقلب سقالة"
وفي أحد الأعراس في حي الجمّالية، غنّت ألمظ:
"رد يا اللي تروم الوصال وتحسبه أمر ساهل.
ده شئ صعب المنال وبعيد عن كل جاهل.
إن كنت ترغب وصالي، حصّل شوية معارف.
علشان حرارة دلالي صعبة وانت اللي عارف"
فرد عليها الحامولي بأغنية يقول فيها:
"روحي وروحك حبايب
من قبل دة العالم والله
وأهل المودة قرايب
سلمى مع سالم"
وتزوجا العاشقان وعاشا حياة سعيدة لا تخلو من منغصات الشهرة والغيرة، فقد منع الحامولي زوجته من الغناء إلى أن أمر الخديوي إسماعيل، وكان من المعجبين بهما، بدعوة ألمظ للغناء في قصره، ورفض الحامولي فأعاد الخديوي أمره ثانية مع بعض القوة والتهديد الأمر الذي استدعى تدخل الشيخ على الليثى، شاعر البلاط، للتوسط وإ0عفاء الحامولي من الحرج، فاستجاب الخديوي ونزل على رغبته.
مع الوحدة والأيام
لم يمهل القدر ألمظ الكثير من الزمن لتعيشه فغادرت الحياة في عام 1886 في سن الـ 36، وبوفاتها صاحب الحزن الحامولي لفترة وأنشد لزوجته لاراحلة:
"شربت المر من بعد التصافي
ومر العمر وما عرفتش أصافي
عداني النوم وأفكاري توافي
عدمت الوصل، يا قلبي عليه"
توفي عبده الحامولي يوم 12 مايو 1901 في حلوان، نتيجة لداء السلّ الذي كان قد أصابه منذ سنوات.