اكسنبو.. قرية صينية تحرسها آلهة البحار
تتمتع الصين بحضارة وتاريخ عريق وفلسفات حية وعقائد ثابتة وأيضا نهضة حضارية وتجارية وصناعية وعلمية كبيرة، خصوصا في جنوب شرق الصين، حيث تقع مقاطعة كوانزو.
وتوجد في مدينة كوانزو أهم المراكز التجارية والثقافية والاقتصادية المتطورة وهي أيضا مصدر للكوادر والموارد البشرية ذات الكفاءة العالية، بها العديد من الأسواق والمحلات التجارية الفاخرة كما تذخر أسواقها بالمنتجات المحلية والعالمية ذات الطابع الغربي.
وتعتبر كوانزو معقلا رياضيا مهما الأمر الذي جعلها تحتضن الدورة الآسيوية السادسة عشر، بالإضافة إلى المناشط المحلية الرياضية الآخرى، ولكوانزو تاريخ قديم.
هي بمثابة الميناء التجاري الأشهر حيث البضائع الصينية التي تغرق الأسواق حول العالم وتطل على ساحل بحر الصين العظيم، وعندها تقع نقطة بدء طريق الحرير التاريخي حين كانت السفن والقوافل تحمل البضائع المكدسة إلى العالم قديما، مثل الحرير والتوابل والعاج واللؤلؤ والسلاحف، وقرون وحيد القرن، والخزف والشاي، والفنون والحرف اليدوية الصينية .
وكان لطريق الحرير تأثيرا كبيرا على ازدهار كثير من الحضارات القديمة مثل الصينية والحضارة المصرية والهندية والرومانية حتى أنها أرست القواعد للعصر الحديث.
قرية اكسنبو
تشمل كوانزو قرية ساحلية صغيرة تسمى "اكسنبو" وتتميز بعادات وتقاليد خاصة، وتشتهر النساء هناك بتربية المحار ولهن مظاهر خاصة ومن مواصفات المرأة الجميلة هناك أنها تضع دائما الورود الطبيعية فوق رأسها، وهناك طرق خاصة في العبادة وطبيعة خلابة وغموض يحيط بتلك القرية.
تقع اكسنبو على مسافة 10 أميال من كوانزو، ويعيش المواطنون في تلك القرية على صيد الأسماك، ولهم عادات شعبية في الزواج والمهرجانات المحلية وطرق ملابس تميزهم عن بقية المقاطعات الصينية وهم حريصون على الحفاظ والابقاء عليها مهما حدث من تطور.
وتشتهر القرية ببيوت مبنية من المحار وهي خاصة بالصيادين، وتحمل بصمتهم، وطقوسهم وعاداتهم وأجواء حياتهم اليومية وتمتلئ بقصص البحر وحكايات شعبية وأساطير.
في السنوات الأخيرة لوحظ الاقبال السياحي الكبير إلى القرية لمشاهدة الطبيعة والتصوير والتمتع بتجربة العادات الأصلية لسكان القرية الساحلية، والتعرف على نساء اكسنبو.
النساء تلفتن النظر في اكسنبو، ليس بسبب الجمال فحسب ولكن بسبب تسريحات شعورهن الفريدة والجذابة؛ فدائرة أو دائرتين كتيجان من زهور التيوليب والقرنفل تميز رؤوس نساء اكسنبو.
هوانج رونج هوي البالغ (68 عاما)، يعيش في القرية منذ طفولته ويعمل مديرا لجمعية كبار السن في هذه القرية، يقول إن تلك التسريحة علامة رمزية لنساء اكسنبو.
في اليوم الـ23 من الشهر القمري في كل عام بحسب الأشهر الصينية، يتم الاحتفال بعيد ميلاد ماتسو، النساء فوق الـ60 عاما والصيادين يذهبون إلى المعبد لعبادة ماتسو ألهة الصيد ويقدمون القرابين لترضى عنهم وتحميهم من غدر البحار.
يعبد سكان المناطق الساحلية في الصين الآلهة ماتسو آلهة الصيادين، وتقول الأسطورة إن ماتسو كانت ابنة لين يوان، في أوائل عهد أسرة سونغ الشمالية، واسمها الحقيقي Moniang يعني "الفتاة الصامتة"، لأنها لم تكن تبكي عند الولادة، وكانت تعمل على إنقاذ ومساعدة الصيادين المتعثرين في البحر.
واعتُقد في العصور القديمة بأن "الملكة السماوية"، أو ماتسو، تحمي الصيادين وتمنحهم مزيدا من الشعور بالأمان وبأن هناك ثمة من يحميهم ويقف إلى جانبهم في نضالهم مع الأمواج الهادرة.
في كل عام، يقام احتفال مهيب في اكسنبو لعبادة ماتسو؛ يستمر يومين إلى ثلاثة أيام، بعض النساء في منتصف العمر وكبار السن يرتدون معاطف حمراء، وسراويل السوداء ويقمن بحرق البخور وترديد أناشيد تمجيد لماتسو.
وتنتهي الاحتفالات، ويعود السكان إلى عملهم الدؤوب ونشاطهم، وعلى الرغم من المظاهر الشعبية البدائية وتلك البهجة والابتسامة والاحتفاء بالحياة والألوان، تبقى الصين الدولة الأكثر تأثيرا في العالم.
ومن الناحية التكنولوجية والاقتصادية والصناعية تظل على ريادتها كما كانت قديما.
إنها الصين.. بلاد السحر والحضارة والغموض.