التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 06:37 م , بتوقيت القاهرة

بروفايل| محمود السعدني.. الولد الشقي

ولد محمود السعدني في 1928، بمحافظة الجيزة. وهو واحد من رواد الكتابة الصحفية الساخرة، وشارك في تأسيس العديد من المطبوعات الصحفية المصرية والعربية.


في بدايه عمله الصحفي تنقلّ بين عدد من الجرائد والمجلات الصغيرة، ثم عمل في مجلة "الكشكول"، حتى إغلاقها، ثم "المصري" الوفدية، ومن بعدها عمل في دار الهلال. 


بعد ثورة يوليو 1952، عمل بجريدة "الجمهورية"، التي أصدرها مجلس قيادة الثورة إلى أن تم الاستغناء عنه بعد بعد تولي السادات منصب رئاسة البرلمان، مع مجموعة أخرى من الكتاب مثل بيرم التونسي وعبد الرحمن الخميسي. فانتقل ليعمل مديرا لتحرير مجلة "روز اليوسف"، التي كانت لا تزال مجلة خاصة.



في السجن


في أواخر الخمسينيات كان في زيارة صحفية إلى سوريا، وطلب أحد أعضاء الحزب الشيوعي السوري منه إيصال رسالة مغلقة للرئيس جمال عبدالناصر، لكنه لم يكن يعلم محتواها الذي يحمل تهديدا لعبدالناصر، فألقي القبض عليه وسجن على أثرها عامين، أفرج عنه بعدها، فعاد ليعمل في "روز اليوسف" بعد تأميمها، ثم تولى رئاسة تحرير مجلة "صباح الخير".


بعد وفاة عبدالناصر، لم يسلم الرئيس الراحل أنور السادات من سخريته اللاذعة، فأطلق مجموعة من النكات كان موضوعها شخصية الرئيس وأسرته، وكانت هناك نكتة شهيرة تناقلتها الألسن عن السادات تقول "إن عبدالناصر برغم ديكتاتوريته أذاق الشعب الخوف طيلة 18 عاما، ولكن السادات سيميته من الضحك بعد 18 يوما من حكمه".


نتيجة ذلك وجد نفسه متهما بالتنظيم لانقلاب على السلطة في القضية الشهيرة إعلاميا بـ"مراكز القوى"، وتمت محاكمته والحكم عليه بسنتي سجن، بالإضافة إلى إقالته من منصبه كرئيس تحرير مجلة "صباح الخير"، ومنعه من الظهور بأي شكل في المطبوعات المصرية، ما اضطره للتنقّل من جديد للعمل في صحف ومجلات مختلفة ولكن خارج مصر هذه المرة.


ولم تتركه المشاكل والمضايقات أيضا، فترك الواحدة تلو الأخرى في لبنان والإمارات والكويت وليبيا والعراق، وصولا إلى لندن التي استقر بها قبل العودة إلى مصر بعد مقتل السادات.



الولد الشقي


تعد مذكراته نموذجا متميزا لأدب السيرة الذاتية، وبدأ كتابتها منذ نهاية الستينيات، وصدرت في 6 أجزاء: الأول والثاني تحت عنوان "الولد الشقي"، والثالث بعنوان "الولد الشقي في السجن"، أما الرابع فكان بعنوان "الولد الشقي في المنفي"، والخامس بعنوان "الطريق إلى زمش"، وكان الجزء السادس بعنوان "ملاعيب الولد الشقي".


وكتب للإذاعة في السبعينيات مسلسلا بعنوان "الولد الشقي"، في 3 أجزاء، قام ببطولته محمد رضا وشقيقه صلاح السعدني وصفاء أبوالسعود.


وفي مذكراته قدّم السعدني الكثير من الحكايات بأسلوب ساخر مرّ، من خلال تقديم تاريخه الشخصي وربطه بالتاريخ الثقافي لمصر وحكاياتها التي لا تنتهي. كتب قصة طفولته وصباه في الجيزة، وبدايته مع الصحافة ورؤيته لها كمهنة حرّة، وكتب عن شخصيات متنوعة عرفها في السجن، وقصة منفاه في عهد السادات. ولم ينس السعدني في خضم تلك الرحلة الفكرية تسليط الضوء على عدد من الكتاب الذين لم ينالوا حظهم من الشهرة.


استعان في مذكراته بأسماء وهمية وأخرى حقيقية ليرسم بورتريهات تجمع بين الأسى الداكن والسخرية الشديدة، تؤكد على تفرده في هذا اللون من الأدب.



توفي السعدني يوم الثلاثاء 4 مايو 2010، عن عمر يناهز 82 عاما، إثر أزمة قلبية.