التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 05:41 م , بتوقيت القاهرة

رحلات روبرت داوني جونيور 3 (الرجل الحديدي لا يتخلى عن صديق)

يُرجى قراءة الأجزاء السابقة قبل المتابعة. 
الجزء الأول
الجزء الثاني


كيف يُمكن إذًا أن يفيد تاريخه المعقد كممثل وشخص رحلة فيلم مثل Iron Man (دعائيًا)؟!


الإجابة كما يراها مخرج الفيلم جون فافرو بعيدًا عن موهبة جونيور في الدراما والكوميديا المثالية للدور، تكمُن في تاريخه الشخصي المُطابق لتاريخ الشخصية.


توني ستارك الملياردير العابث صاحب العَلاقة المُضطربة مع والده، الذي أورثه أكبر مصنع أسلحة دمار، يعادل جونيور الممثل العابث صاحب العلاقة المضطربة مع والده، الذي أورثه الإدمان!.. توني ستارك يمر بصدمة ويغير حياته ومسار مصنعه لإنقاذ العالم.. وجونيور يمر بصدمة ويغير مسار حياته ويقلع عن الإدمان!.. توني ستارك نجم يطارده الإعلام ويعرف عنه العامة بالتفصيل أمجاده وفضائحه.. وجونيور نجم يطارده الإعلام ويعرف عنه العامة بالتفصيل أمجاده وفضائحه!


صورة مع والده


صورة مع والده


الاختيار المُلهم حول عُقدة الوالد والمخدرات والفشل، وكل ما أوشك على نسف مستقبله تمامًا سابقًا، إلى بوابة للنجاح والتألق والنجومية مع الدور.


والنقطة الأهم هي قدرته كممثل أن يبلور الشخصية لتصبح نموذجًا للـ (الوغد المحبوب). ستارك شخص غير مهذب.. مغرور.. يستعرض ذكاءه طوال الوقت.. سليط اللسان.. زير نساء غير مُخلص.. ويتعامل مع الباقين بتكبر. مواصفات تتعارض تماما مع النموذج الكلاسيكي الأخلاقي المثالي للبطل المتواضع، والذي يمثله مثلا في عالم مارفل "كابتن أمريكا" بالأخص.   



وبفضل حضور وكاريزما جونيور، انتهت المعادلة فعلا بـ وغد محبوب، عشقه الجمهور منذ الفيلم الأول، الذي تجاوز كل التوقعات في صيف 2008 وحقق عالميا 585 مليون دولار، ليصبح وش السعد على مارفل في أول أفلامها.


لم يمر صيف 2008 بدون مفاجأة أخرى للجمهور والنقاد، بفضل الفيلم الكوميدي Tropic Thunder الذي قدم فيه أداءً ساخرًا لممثلٍ حاصل على جوائز أوسكار عديدة، ويهوى التقمص والتمادي مع الشخصيات، لدرجة تغييره شكله بالكامل ليصبح أسود البشرة، من أجل تصوير فيلم حربي ضخم ينتهي بمشاكل كبرى.  


Tropic Thunder - Trailer


أداؤه المتميز الساخر عن نجم أوسكار، انتهى بحصوله هو شخصيًا على ترشيح آخر للأوسكار كأفضل ممثل مساعد!.. في لمسة تقدير نادرة لا تتكرر كثيرًا من أعضاء الأكاديمية لأدوار المغامرات الخفيفة، لم تحدث منذ حصول جوني ديب على ترشيح عن دوره في أول أفلام قراصنة الكاريبي عام 2003.  


اقرأ أيضا: هل قتل جوني ديب (النجم) جوني ديب (الممثل)؟


في أبريل 2009 بدأ عرض The Soloist الذي حقق إيرادات متواضعة ونجاحًا نقديًا أقل من المتوقع بالنظر لتاريخ مخرجه جو رايت، قبل أن يسترد جونيور إشادة النقاد والنجاح الجماهيري مع Sherlock Holmes  في ديسمبر، في دور اعترض الكثيرون في البداية على حصول ممثل أمريكي عليه؛ بسبب طبيعة الشخصية العريقة الإنجليزية الأصل.


من جديد انطبعت معادلة (الوغد المحبوب) على شخصية هولمز هذه المرة. الذكاء والفطنة سمات أصيلة للشخصية. وأضيف لها الغرور.. اللسان السليط.. مع لمسة أكشن ومهارات بدنية، نجح المخرج جاي ريتشي في مزجها وربطها بقدرات هولمز على التحليل والتوقع. 


Sherlock Holmes 2009 Clip 


انتهى الفيلم بـ 524 مليون دولار عالميا رغم عرضه أمام وحش شباك التذاكر Avatar. وتكرر النجاح ثانية مع Sherlock Holmes: A Game of Shadows  الذي حقق 545 مليون دولار عام 2011.


عاد لدور الرجل الحديدي بنجاح في Iron Man 2 عام 2010 الذي حقق 624 مليون دولار عالميا، وقدم في نفس العام فيلم الكوميديا Due Date  الذي حقق 211  مليون دولار. قبل أن يقود فريق Avengers في هجمة جبارة صيف 2012 على شباك التذاكر انتهت بـ 1.5 مليار دولار.


ولأن جونيور مخلص جدا لأصدقائه ويصون الجميل، تحمس جدا لاختيار شين بلاك لكتابة وإخراج Iron Man 3  بعد أن منحه بلاك سابقا الفرصة في فيلم الأكشن والكوميديا Kiss Kiss Bang Bang  عام 2005. قبل عرض Avengers ، توقع البعض أن يكون الفيلم الذي يجمع كل الأبطال في سلة واحدة دافعا لنفور الجمهور لاحقا من السلاسل الفردية. ما حدث هو العكس. وانتهى الفيلم الثالث بحصد أكثر من 1.2  مليار دولار عالميا صيف 2013، وهو ما يعادل ضعف الأول والثاني.


شين بلاك وروبرت داوني جونيور أثناء الترويج لـ Iron Man 3شين بلاك وروبرت داوني جونيور أثناء الترويج لـ Iron Man 3


في أكتوبر 2011 وأثناء تكريمه بجائزة خاصة من American Cinematheque عن مشواره الفني، اختار صديقه ميل جيبسون ليسلمه الجائزة، قبل أن يفاجئه مع الحاضرين بخُطبة مؤثرة جدا، يطلب فيها الصفح الهوليوودي والجماهيري لـ جيبسون، بعد مشاكله الشخصية واتهامه بالعنصرية ومعاداة السامية، أثناء محاولة ضابط مرور إيقافه بتهمة القيادة تحت تأثير الخمر عام 2006.


لم يخجل جونيور من الاعتراف بكل خطاياه، وبفضل جيبسون عليه ماديا ومعنويا أثناء أزمته لتجاوزها، مؤكدا أن للكل خطايا، وأنه آن الأوان أن ينال جيبسون الفرصة ثانية، تمامًا مثلما نالها هو منذ سنوات بعد سقوط مدوي.


الفيديو المؤثر الذي انتهى بعناق حار، أحد فيديوهاتي المفضلة عن نجوم هوليوود، خاصة أن لميل جيبسون مكانة خاصة جدا جدا منذ الطفولة. سنصل يوما ما إلى وقفة طويلة مع مشواره الفني. هذا وعد.


روبرت داوني جونيور يطلب الصفح لصديقه ميل جيبسون


حتى الآن لا يزال جونيور يكافح من أجل عودة صديقه، وحاول جاهدا إقناع مارفل بمنحه دور الشرير في Iron Man 3 دون جدوى. كما صرح مؤخرا بأنه يتمنى أن يتولى جيبسون مهمة إخراج الجزء الرابع إذا تم تنفيذه يوما ما.


وكعادته في مساندة الأصدقاء ورد الجميل، لم يتردد بعد كل هذه النجومية في المشاركة بدور صغير في فيلم Chef 2014 للمخرج والممثل جون فافرو، صاحب الفضل عليه في دور Iron Man.


عام 2014 نجح في صياغة معادلة أخرى مختلفة للـ (الوغد المحبوب) ولتاريخه الشخصي، في فيلم The Judge. الذكاء والغرور واللسان السليط صفات أصيلة في هانك بالمر المحامي، الذي يعود لزيارة أسرته بعد وفاة أمه، ليساند أبيه القاضي المتهم في جريمة قتل. ولمرة ثانية تتمتع الشخصية بعلاقة متوترة ومضطربة جدا مع الوالد.


The Judge 2014 Clip


حاليا يتصدر فيلمه Avengers: Age of Ultron  الإيرادات عالميا في صيف 2015، وجار الإعداد لجزء ثالث من شيرلوك هولمز لم يتحدد موعده بعد، بالإضافة إلى 3 أفلام أخرى مبدئيا مع الوغد المحبوب توني ستارك، أولها Captain America: Civil War  المنتظر عرضه في مايو 2016، ويليها فيلمان باسم Avengers: Infinity War  للعرض في مايو 2018 و2019.


جدول مزدحم مع سلاسل جماهيرية ستحرمنا من مشاهدته في أدوار جديدة، لكن بكل تأكيد تضمن له الاحتفاظ بلقب الأنجح والأغنى وسط أقرانه السنوات القادمة.


هل ينجح فعلا في وضع صديقه ميل جيبسون يوما ما على طريق العودة للجماهيرية؟.. هل سيقدم مستقبلا دورا أكثر شهرةً من  Iron Man وSherlock Holmes؟.. هل سينال يوما ما ترشيح الأوسكار الثالث، أو يفوز بالجائزة بالفعل؟.. كلها أسئلة سيحدد إجابتها مستقبلا جونيور الذي احتفل بعيد ميلاده الـ 50 في أبريل الماضي.  



أقلية من البشر تنجح في العودة من السقوط التام إلى عجلة النجاح.. أقلية أكثر تفعل ذلك بعد تجاوز الـ 40 من عمرها.. أقلية أكثر وأكثر تفعل ذلك، في صناعة معقدة جماهيريا وإعلاميا مثل هوليوود.


ما يميز جونيور أنه لم يعُد فقط لعجلة النجاح، بل عاد لتصدرها!.. عاد وهو لا ينكر تاريخه وأخطاءه.. ورَد خلال المشوار بعد النجاح الجميل بشكل علني لكل من سانده وقت أزمته. ولهذا سيظل وللأبد شخصا مُلهما جديرا باللقب الخاص الخارق الذي استحقه عن كل جدارة:
الرجل الحديدي. 


لمتابعة الكاتب