عندما تسمع اسم "والت ديزني"، يخطر ببالك تلقائيا شخصية ميكي ماوس، التي كانت سبب شهرته ونجاحه، لكن إذا كنت تريد أن ترى الخلفية الدرامية الأكثر تعقيدا، والمليئة بالأحداث منذ بدايتها، عليك التعرف على بعض خبايا شخصية "دونالد داك" أو بطوط باللغة العربية، الذي يعتبر أحد أشهر شخصيات ديزني، وله قاعدة جماهيرية تفوق ميكي ماوس في العالم.

خطر لوالت ديزني فكرة ولادة شخصية بطوط بعد أن سمع كلارنس ناش، "وهو أحد مؤدي أصوات شخصيات ديزني" يؤدي صوت بطة تغني، فابتكر والت ديزني شخصية بطوط، وقد بُنيت خصيصا لكي تناسب الصوت، وليس العكس.

وكان أول ظهور لبطوط يوم 9 يونيو عام 1934، في فيلم كرتون قصير بعنوان "الدجاجة الصغيرة الحكيمة"The Wise Little Hen، ولم يكن شخصية رئيسية في الفيلم حتى شكل بطوط لم يكن مرسوما بالشكل الذي نراه اليوم، فقد كان برقبة طويلة ومنقار طويل.

وفي عام 1936، أُعيد تعديل رسم بطوط لتكون معالمه أكثر وضوحا، ووضع إطار للشخصية من حيث الصفات والسمات مثل سرعة الغضب والعصبية والتسرع وسوء الحظ وحدد كارل باركس رسام ومؤلف قصص بطوط اسمه بالكامل ليصبح "دونالد فانتلروي داك" وتاريخ ميلاده يوم الجمعة 13 مارس بدلا من 9 يونيو في فيلم "The Three Caballeros"، وهو تاريخ يحيل على سوء الحظ الشديد.

وبدأت صدارة شخصية ميكي ماوس تتراجع جماهيريتها نسبيا، ورغم ذلك لم يتخلَ والت ديزني عن الشخصية التي ترسخت في وجدان الطفولة، والسبب في نجاحه، إلا أن شعبية بطوط ظلت تتصاعد بشكل ملفت إلى يومنا هذا.

وبدأت الشخصيات الجديدة من عائلته تظهر بالتدريج مثل زيزي (Daisy)، والجدة بطة (Elvira Duck)، وأخت بطوط (Della Duck)، وعم دهب (Scrooge McDuck)، ومحظوظ (Gladstone Gander)، ثم أبناء أخته التوأم الثلاثي سوسو وتوتو ولولو (Huey, Dewey and Louie) عام 1938.

لغز شجرة عائلة بطوط

أعدّ المؤلفان والرسمان دون روزا وكارل باركس شجرة عائلة شهيرة لبطوط، والتي تبين من خلالها صلات قرابة أفراد عائلة البط ببعضهم وتوضح أصل عائلة البط الخيالية الموجودة بمدينة البط، التي تقع في الساحل الشرقي من ولاية "كاليسوتا" الخيالية في أمريكا الشمالية.

تعتبر الجدة بطة حفيدة للجد الأكبر كورنيلوس كوت، وهو مؤسس مدينة البط، وهي تزوجت من أحد أفراد العائلة في فترة خمسينيات القرن العشرين، وصولا للأحفاد التوأم الثلاثة "سوسو وتوتو ولولو".

وهم أبناء أخت بطوط Della Duck، وحتى الآن لا أحد يعلم من هو أب الأحفاد الثلاثة، حيث ظهر في شجرة العائلة دون ملامح واضحة ودون اسم، ما جعل أجيال كثيرة تتساءل عن هوية الأب وزوج Della Duck، فكثرت الأقاويل حول لغز الأب المجهول، وتضاربت الروايات بين ان Della Duck، تركتهم في عهدة أخيها بطوط ليربيهم، ثم رحلت مع زوجها لعلاجه بعد أن وضع أبنائه الألعاب النارية العملاقة تحت كرسيه.

بينما يُقال أن أحد الرسامين سمع دون روزا يتحدث عن هذا الموضوع في غموض، فقال اعتبروا أن والدي الأحفاد قد لقوا حتفهم، لكن الحقيقة ستظل غامضة، والتي اعتبرها بعض الناس أنها ستكون رواية حزينة بالنسبة لعائلة شخصية كوميدية مثل بطوط، إلا أن الرواية التي تدار فى الخفاء أنه نسب مشكوك فيه.

بطوط وهتلر

ومع الحرب العالمية الثانية، بدأت تدخل شخصية بطوط في الأحداث السياسية، فقد كان له دور في الحرب العالمية الثانية، وتحديدا في الأفلام الموجهة ضد الخصوم السياسيين المختلفين موجهة للكبار والصغار للتأثير على الرأي العام.

فكان عرض الفيلم الكرتوني (In Der Fuehrer's Face) موجها ضد هتلر والنازية، وكانت أحداث الفيلم تصور بطوط كعامل في مصنع نازي للأسلحة والصواريخ.

ومن كثرة ضغوط الوقت والعمل الشاق يجن جنونه ويصاب بانهيار عصبي حاد، فيستيقظ بطوط عندئذ من النوم وكابوسه المريع ليتطلع إلى تمثال الحرية والعلم الأمريكي بجانبه ويظهر ولائه له.

فاز هذا الفيلم السياسي الخادم لأجندة الحرب بأوسكار عام 1942، وكان بداية سلسلة أفلام كرتونية لبطوط وهو في الجيش الأمريكي، ومنها فيلم كان الهدف منه تخريب قاعدة جوية في اليابان، حتى بعد الحرب العالمية الثانية تم اعتماد شخصية بطوط لفترة شعار خفر السواحل الأمريكية.

صوت بطوط ضد دولة إسرائيل

صوت بطوط من أكثر الأصوات المميزة الفريدة من نوعها، من كل الرسوم المتحركة، فكما أشرنا في البداية أنه أساس تكوين شخصية بطوط بسبب أداء كلارنس ناش، والذي استمر لمدة خمسين سنة حتى وفاته عام 1985، ليكمل تلميذه  توني أنسلمو المسيرة.

وفي الدبلجات العربية يؤدي صوت بطوط حاليا الممثل محمد الصاوي، بعد أن تم الاستغناء عن مقدم البرامج المصري وائل منصور، والذي أدى صوت بطوط لمدة 8 سنوات، ودبلج من خلالهم أكثر من 500 حلقة، ويرجع ذلك بسبب تغريدة نشرها على "تويتر" يعادي فيها الصهيونية ودولة إسرائيل، ما أثار سخط أبيجايل، حفيدة ديزني شخصيا.

وجاء في تغريدة وائل التي كانت سبب استغناء ديزني عنه: "أتمنى بصدق فناء إسرائيل، أكره الصهيونية، لدي كراهية كبيرة بداخلي تجاههم، بسبب كل طفل قتلوه أو أرض احتلوها".