التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 02:41 م , بتوقيت القاهرة

نزار قباني.. الدبلوماسي المغضوب عليه بسبب الشعر

قررت يا وطني اغتيالك بالسفر، وحجزت تذكرتي وودعت السنابل.. والجداول.. والشجر، وأخذت في جيبي تصاوير الحقول، أخذت إمضاء القمر وأخذت وجه حبيبتي وأخذت رائحة المطر، قلبي عليك، وأنت يا وطني تنام على حجر.


هكذا قال الشاعر السوري نزار قباني في إحدى قصائده، نزار الذي يظن كثيرون أنه كتب أشعارا ودواوين وأغنيات عن الحب والمرأة فقط، ولكن لم يعلموا أن نزار له "المجموعة السياسية الكاملة" بقلمه، ولم يعلموا أيضا أنه كان واحدا من الدبلوماسين في بلدته سوريا.



نزار قباني وُلد في 21 مارس لعام 1923، لأسرة سورية مثقفة، حيث كان جده أبوخليل القباني، رائد المسرح العربي.



 


درس  نزار الحقوق في الجامعة السورية وتخرج فيها عام 1945، وعمل فور تخرجه بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية السورية، وتنقل في سفاراتها بين مدن عربية وأوروبية منها "القاهرة ولندن وبيروت ومدريد"، كما تم تعيينه سكرتيرا ثانيا للجمهورية المتحدة في سفارتها بالصين، وذلك بعد إتمام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959، وأتقن الشاعر السوري اللغة الإنجليزية جيدا، في الفترة التي عمل سفيرا لسوريا في لندن بين عامي 1952- 1955.


وطالب رجال الدين في سوريا بطرده من الخارجية وفصله من العمل الدبلوماسي في منتصف الخمسينيات، بعد أن نشر قصيدته الشهيرة "خبز وحشيش وقمر" التي أثارت ضده عاصفة شديدة وصلت إلى البرلمان.


وقال فيها كلمات قصيدته عندما يولد في الشرق القمر.. فالسطوح البيض تغفو تحت أكداس الزهر.. يترك الناس الحوانيت ويمضون زمر لملاقاة القمر.. يحملون الخبز.. والحاكي.. إلى رأس الجبال ومعدات الخدر.. ويبيعون.. ويشرون.. خيال وصور.. ويموتون إذا عاش القمر.


ما الذي يفعله قرص ضياء؟ ببلادي.. ببلاد الأنبياء.. وبلاد البسطاء.. ماضغي التبغ وتجار الخدر.. ما الذي يفعله فينا القمر؟  فنضيع الكبرياء.



وانتقلت المعركة إلى البرلمان السوري، وكان نزار أول شاعر تناقش قصائده في البرلمان وقدم بعدها نزار استقالته من عمله في السلك الدبلوماسي عام 1966.


ولم ينه نزار بعد استقالته من العمل الدبلوماسي مسيرته السياسية، بل جعل قصائده وأشعاره تتحدث بلغة السياسة، وحيث حدثت نكسة 1967 كتب نزار العديد من القصائد السياسية، ومنها القصيدة التي منعته من دخول مصر "هوامش على دفتر النكسة"، وأثارت القصيدة عاصفة شديدة في العالم العربي، وأحدثت جدلا كبيرا بين المثقفين في آن الوقت، وصدر قرار بمنع إذاعة أغاني نزار وأشعاره في الإذاعة والتليفزيون المصري.



والتى قال فيها "إذا خسرنا الحرب لا غرابة.. لأننا ندخلها بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابة.. بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة.. لأننا ندخلها بمنطق الطلبة والربابة.. لا تلعنوا السماء إذا تخلت عنكم.. ولا تلعنوا الظروف.. فالله يؤتي النصر من يشاء.. وليس حدادا لديكم.. يصنع السيوف.



كما حذفت وزارة التعليم المصرية قصيدته "عند الجدار" في عام 1990 من مناهج الدراسة بالصف الأول الإعدادي، وذلك لما تتضمنته القصيدة من معان غير لائقة وقد أثار القرار ضجة في حينها، واعترض عليه كثير من الشعراء في مقدمتهم محمد إبراهيم أبوسنة.


واستمر نزار في أشعاره وقصائده حتى استقر به المقام في لندن، التي قضى بها الأعوام 15 الأخيرة من حياته، ومن لندن كان نزار يكتب أشعاره ويثير المعارك والجدل، خاصة قصائده السياسة خلال فترة التسعينيات منها "متى يعلنون وفاة العرب"  و"المهرولون" وأم كلثوم على قائمة التطبيع.



ووافته المنية في لندن في مثل هذا اليوم 30 أبريل لعام  1998، عن عمر يناهز 75 عاما.