بروفايل| أميتاب باتشان.. إمبراطور بوليود الغاضب
في وسط الساحة الأشبه بمسرح روماني، يقف العم الشرير متباهيًا بهزيمة خصمه، وفجاة يدخل شاب غاضب حاملا تمساحا حيا على ظهره، وبعد عدة جمل لم تخل من التقليدية "سأنتقم لأبي يا وغد.. وأعطيك درسا لن تنساه"، يبدأ العراك الدامي، عندئذ يطمئن الجمهور أن العدالة سيحققها الأسطورة "أميتاب باتشان".
ومجرد تخيل أن ممثل آخر سيؤدي هذا المشهد "الأوفر" بدلاً منه ستضمن تحول الجمهور من التصفيق إلى الضحك والسخرية من تقليد بطلهم، وتلك كانت أزمة الجيل الشاب الذي تسلم راية السينما الهندية في التسعينيات، كيف يخرجون من عباءة أميتاب وينجحون في ذات الوقت؟
نبرة صوته القوية المميزة لم يستطع الزمن أن يضعفها، اللحية البيضاء زادته وقارًا لم ينل من جمرة الغضب التي يشعلها عندما يوجه اللكمات للشرير، لا يزال الشاب الغاضب المحبوب رغم تعديه السبعين، الوحيد بين أبناء جيله الذي استمر - مع استثناء تواجد ريشي كابور الذي تحول لبطل ثان- واستطاع أن يخرج سليما من المقارنة التي يضعها فيه البعض مع الجيل الجديد، مثل شاروخان الملقب بملك بوليوود، والذي قال في إحدى اللقاءات عن أميتاب "عندما ذهبت إلى مصر لتصوير أغنيه مع كاجول في فيلم (kabhi khushi kabhie gham) عام 2001، كان المصريون يسألونني دوما عن السيد باتشان، حتى أنهم كانوا ينادونني أنا وكاجول باسم أميتاب، في مصر لا يعرفون سوى أميتاب باتشان".
"لست عجوزا مثل أبيك".. عنوان فيلم "Bbuddah Hoga Terra Baap song" لعبه أميتاب منذ قرابة 4 سنوات، لكن لا يخلو من رسالة خفية لمنتقدي أدوار الحركة التي يبرع في أداءها رغم كبر سنه، وينافس نجوم بوليوود الحاليين.
تلك المشاهد كادت أن تكون سببا في اعتزاله مبكرا عن الساحة، حادثة لم ينسها جمهور أميتاب الذي عاصر فترة الثمانينات، وقتها كان يصور فيلمه الشهير "Coolie" وفي إحدى المعارك التي تضمنها الفيلم أصيب في معدته، جراء الاصطدام بطاولة، أدت إلى تمزق الطحال، ولعدة شهور كان أميتاب تحت الرعاية الصحية، ومن أجله صلى الملايين من معجبيه كي يكمل مشواره الفني، وقد قرر مخرج الفيلم تمجيد لحظة الإصابة في الفيلم وعدم إزالتها في المونتاج.
فيلم "Coolie" لم يكن بطاقة التعارف التي جعلت أميتاب معشوقا في مصر، سبقته عدة أفلام هامة أشهرها فيلم "Sholay"، لكن ذلك الفيلم خصيصا كان سببًا في تقارب المسافات بين مصر والهند، خاصة عندما نطق الشهادة - لفترة ظنه المصريون مسلما - وغنى لمكة والمدينة، اللافت أن بعض كلمات تلك الأغنية يتشابه مع أغنية ليلي مراد "يا رايحين للنبي الغالي".. مصادفة ليست الأولى بين عالم بوليود والسينما المصرية، ففيلم kabhi khushi kabhie gham يكاد يكون معالجة جديدة للفيلم المصري "الخطايا".
أميتاب لم يكن ملهما فقط لنجوم بوليود، شهرته في مصر جعلته منافسا قويا في شباك التذاكر المصري، لذا أعاد العديد من النجوم حساباتهم تجاه نوعية الأدوار التي يجسدونها، وبدأت رحلة البحث عن تفاصيل جديدة تتوافق مع المزاج المصري، الأمر لم يكن صعبا لتحديد تلك المواصفات، والتي يمكن أن نوجزها على لسان ماجد الكدواني في فيلم طير إنت "واد شقي على برنس، واد شجاع على طيب كده، واد مخلص، مفيش حاجة تقف قصاد حبه، بطل أسطوري خرافي، واد كده من الآخر مبهر و ساحر".
نجوم مصريون كبار لعبوا أدوارا ماخوذة عن أفلام لـ أميتاب، مثل عادل إمام في فيلم سلام يا صاحبي، ونور الشريف الذي خرج من حارة حرافيش نجيب محفوظ ليحقق توازن تجاري مع فيلم أخرجه حسام الدين مصطفى اسمه "الظالم والمظلوم"، المقتبس من فيلم "aakhree raasta"، ولم يكن ذلك الأخير، حيث لعب الشريف بطولة أفلام ذات صبغة هندية اتضحت في العناوين مثل "لهيب الانتقام"، و"أقوى الرجال".
أميتاب أكثر النجوم تواصلا مع جمهوره، لذا تجده دوما حاضرا على مواقع التواصل الاجتماعي بقوة، وفي السينما يقتنص الأدوار التي تحافظ على مكانته، ولعل المشهد الذي سننهي به هذا التقرير يوضح كيف يمكن لنجم هندي أن يكون مؤثرا في محيط مجتمعه وخارجه أيضا.