التوقيت الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024
التوقيت 06:35 م , بتوقيت القاهرة

مشوار حياة المخرج العبقري "شادى عبدالسلام"

ولد الراحل شادي عبد السلام في الإسكندرية في 15 مارس 1930، وتخرج في كلية "فيكتوريا" بالإسكندرية عام 1948، ودرس فنون المسرح بلندن من 1949 إلى 1950 وتخرج في كلية "الفنون الجميلة" قسم العمارة عام 1955، وحصل على درجة الامتياز في العمارة، ولكن لم تكن لديه الرغبة في العمل كمهندس معماري.



ونظرًا لحبه وغرامه بالسينما، فقد قرر أن يدخل إليها وكانت البداية عن طريق المخرج صلاح الدين أبو سيف في فيلمه (الفتوة 1957)، وكان عمل شادي وقتها يقتصر على تدوين الوقت الذي تستغرقه كل لقطة. هكذا كانت بدايته، بدأ صغيرًا جدًا في المجال السينمائي، ولم يستصغر هذا العمل لأنه كان مؤمنًا بأن الطريق دائمًا يبدأ بخطوة، مهما كانت تلك الخطوة صغيرة. عمل كمساعد للمهندس المعماري رمسيس ويصا واصف عام 1957، بعدها عمل مساعدًا لصلاح أبو سيف في أفلام "الوسادة الخالية، الطريق المسدود، أنا حرة".


عمل شادى عبد السلام كمساعد مخرج  في عدة أفلام لمخرجين أجانب، فىشارك في الفيلم البولندى "الفرعون" من إخراج كافليرو فيتش.. وهي نقطة البداية الحقيقية في مشواره، وشارك في إعداد ديكورات الفيلم وأزيائه وإكسسواراته، وعمل أيضًا كمساعد مخرج في فيلم "وإسلاماه" من إخراج أندرو مارتن .. والفيلم الإيطالى "الحضارة" للمخرج  "روبرتوروسللين".. والفيلم الأمريكي "كليوباترا" للمخرج "جوزيف مانكوفيتش".


فيلم "المومياء.. يوم أن تحصى السنين"، الذي أخرجه شادي عام 1974، يعتبر من أهم الأفلام العربية التي قُدمت في تاريخ السينما، وهو يعالج قضية الهوية والحفاظ على التراث الحضاري لمصر، فكان شادي يرى أن الحضارة المصرية القديمة هي عبارة عن تجربة إنسانية وفكرية عميقة، تستحق أن تُدرس وتستلهم؛ لتكون مصدرا لنهضة وتقدم مصر. وقد استهل شادي فيلمه "المومياء" بهذه الكلمات:


"يا من تذهب سوف تعود..
يا من تنام سوف تصحو..
يا من تمضي سوف تبعث"..


بهذه الكلمات أراد شادي عبد السلام أن يبعث برسالة فقال عن الفيلم: " أريد أن أُعبر عن نفسي وعن مصر.. أريد أن أُعبر عن شخصية الإنسان المصري الذي يستعيد أصوله التاريخية وينهض من جديد".


حصل  فيلم "المومياء... يوم أن تحصى السنين" على العديد من الجوائز في المهرجانات العالمية، منها جائزة "سادول" وجائزة النقاد في مهرجان قرطاج 1970 م وغيرهما.. ومن أجل فيلم المومياء استحق شادي عبد السلام وبجدارة، أن يكون أحد أبرز مخرجي العالم.. فقد تم  اختياره ضمن أهم 100 مخرج على مستوى العالم خلال تاريخ السينما في العالم من رابطة النقاد الدولية في فيينا. وقد احتل فيلمه "المومياء" المرتبة الأولى في استطلاع الأفلام الأجنبية الذي أجرته  فرنسا عام 1994 م.



ترك شادي عبد السلام بصمة مهمة في مجال تصميم الديكور والأزياء من خلال الأفلام التي شارك فيها ومنها :-


" وا إسلاماه - عنتر بن شداد - ألمظ وعبده الحامولي - الخطايا - شفيقة القبطية - رابعة العدوية - أميرة العرب - أمير الدهاء - بين القصرين - السمان والخريف - أضواء المدينة". أيضاَ صمم شادى عبد السلام ديكورات وملابس الفيلم التاريخي الهام "الناصر صلاح الدين" من إخراج يوسف شاهين.


لقد ظل شادي عبد السلام يبحث عن التاريخ الغائب وعن الهوية وعن الجذور، أحب التاريخ الفرعوني.. تاريخ قدماء المصريين.. أراد أن يعيد توظيفه من أجل بث الهمة في روح الشعب المصري، أراد أن يستخلص منه دروسًا تفيد الأجيال القادمة، من خلال تعميق فكرة الانتماء لديهم وربطهم بماضيهم وحضارتهم وجذورهم.


وظل شادي عبد السلام يعمل في حُلمه الثانى فيلم "مأساة البيت الكبير"، أو كما عرف باسم (إخناتون) نسبة إلى الشخصية المحورية فيه شخصية إخناتون.  وللأسف هذا الفيلم لم يرَ النور حتى الآن" وقد ظل يعيد في كتابته عشر سنوات، في أثنائها قام بإعداد التصميمات والديكورات والأزياء والإكسسوارات الخاصه بالفيلم، وقد قدمت له عدة عروض لإنتاج هذا الفيلم ولكنه رفضها جميعا.. وظل يسعى أن تقوم وزارة الثقافة بإنتاج الفيلم الذي يتطلب تكلفة إنتاجية عالية لكن جهوده باءت بالفشل للأسف.


توفي شادي عبد السلام في أكتوبر عام 1986 م. قبل أن يتم أحلامه للسينما والفن، التي بدأها برائعته "المومياء".. وفي عام 2005م وتقديرًا لدور الراحل وتخليدًا لذكراه وبمناسبة مرور 75 عامًا على مولده في هذا العام، أنشئ متحف للراحل شادي عبد السلام داخل مكتبة الإسكندرية، ويتضمن العديد من تصميمات الراحل "الأزياء والديكور والإكسسوارات"، وأيضًا بعض مقتنياته الشخصيه "مكتبه".. تلك الثروة كانت نتاج مسيرته الفنية وسنوات عمله وجهده.


*صور من متحف شادى عبد السلام بمكتبة الإسكندرية