التوقيت الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024
التوقيت 04:27 ص , بتوقيت القاهرة

الحكاية مش حكاية فاتن حمامة

موت الكبار فرصة مناسبة لكل إناء علشان ينضح بما فيه.


الكبار هنا مش كبار السن، لكن كبار القيمة والقامة والمقام والحجم والتأثير، ولأن فاتن حمامة مش أي حد، فكل حد استغل الفرصة علشان يأكد على فكرته، حتى لو فكرته دي مالهاش علاقة باللي اتوفى من قريب ولا من بعيد، ولذلك، كل ردود الفعل بـ أشوفها عادية وطبيعية 100%.


يعني، اهتمام كل شخص تقريبا على السوشيال ميديا بإنه يقول حاجة، أو يشير صورة، أو يقول تعليق، ده في حد ذاته له دلالة، فيه ناس عبرت عن ضيقها من ده، وإنه يا جماعة الست عندها 84 سنة، إنتو ليه محسسينا إنها اتوفت وهي عندها 34 سنة، وسايبة عيال وراها.


كلامهم ده كان ممكن يبقى صحيح لو اللي اتوفت واحدة ست، مجرد واحدة ست، مش جزء من تاريخ بلد، ووعيها، ووجدانها. جزء خاص من شخصية كل حد فينا، إحنا مزيج من خبراتنا، وفي القلب من الخبرات دي تفاعلنا مع الإبداع والمبدعين، شعر ولا رواية ولا سينما ولا مسرح ولا غنا ولا لوحة ولا.


اللي كتب حاجة، كان بـ يكتب عن اللوعة آمنة مع هنادي، حيرة عزيزة بخصوص قيمها، طموح نعمة واصطدامه بالواقع، صراع نرجس في أرض الأحلام، محدش فينا يعرف السيدة فاتن حمامة نفسها، إحنا نعرف الستات الكتير اللي قدمتهم على الشاشة، ووفاتها فرصة إننا نعيد التعرف عليهم، ونفكر نفسنا بيهم، لأنهم عايشين، عايشين ع الشاشة، وعايشين وسطينا، وبعضهم عايشين جوانا، حتى الرجالة مننا ممكن يبقوا شايلين جواهم صراع لأي ست من دول.


الصراع حوالين عمر الشريف طبيعي، وعادي جدا إنه يبقى فيه تردد: هل يجوز إننا نفتكر علاقتهم ونشير صورهم، بما في ذلك الصور الحميمة؟ ولا المفروض نلتزم أخلاقيا، ونفتكر إن ليها زوج عاشت معاه 40 سنة؟ التفكيرين ليهم أسباب وجيهة جدا.


يعني مثلا أم كلثوم كانت متجوزة من الدكتورة حسن الحفناوي، والجوازة دي قريبة جدا من جوازة فاتن حمامة مع الدكتور محمد عبد الوهاب، ومع ذلك اللي فضل، واللي اتكتب فيه مقالات وروايات وأشعار علاقاتها مع رامي والقصبجي وحبها لمصطفى أمين، وحبها وجوازها من محمود الشريف، وده مش تبرير، بس فعلا، الفنان بـ يتصدق بـ جزء من خصوصيته، والجزء ده بـ يكبر كل ما قيمته زادت، ودي حاجة طبيعية جدا.


بس كمان احترام الزوج الموجوع، الزوج اللي قدر يحقق التوازن للنجم، الزوج اللي حب في صمت، وضحى من غير بروباجنده، له علينا حق، نحترم مشاعره، وده كمان طبيعي جدا، ودي حاجة ما لهاش حل، وعلى رأي عباس فارس في "الزواج على الطريقة" ده صراع أزلي، مش هـ ينتهي طول ما الحياة قائمة.   


فيه بقى ناس شتمت، وعبرت عن فرحتها الواضحة، دول بقى 3 أنواع:


النوع الأول ضد الفن فعلا، وشايفينه خطر على المنظومة اللي بـ يحاولوا يكرسوها، مشكلتهم مش مع فاتن حمامة، مشكلتهم مع الحياة ذاتها، إحنا مش لازم نعيش، مش لازم نفكر، مش لازم نحس، مش لازم نغلط، مش لازم نتحط في مواقف إنسانية تخلينا مش عارفين الصح فين والغلط فين؟ إحنا آلات لازم تموت وهي عايشة، علشان تعيش بعد ما تموت، هم بـ يفكروا كده.


النوع التاني، موقفه السياسي الضيق عمى عينه عن كل حاجة: هو دلوقتي بيقسم الدنيا اتنين: فريق الخير، اللي معانا، وفريق الشر، اللي ضدنا، عنده رفض لـ فكرة إن الحياة أوسع بكتير من الانحيازات السياسية، وإن السياسة نفسها أوسع بكتير من الخيارين اللي زانق نفسه فيهم، دول تقريبا بـ يقربوا من النوع الأول لحظة بعد لحظة.


النوع التالت، بلاش نتكلم عنه، قاموس الألفاظ التي لا تخدش الحياء العام، مش مناسب للحديث عنهم، بس كلنا عارفينهم، زي ما إحنا عارفين المثل اللي بـ يقول:


"إن طلع العيب من أهل العيب، ما يبقاش عيب"


ولا يبقى؟


مش عارف


صباح الخيرات