التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 06:08 ص , بتوقيت القاهرة

عباس العقاد.. رجل المعارك من رأس الملك حتى هتلر

عباس العقاد
عباس العقاد

أديب، ومفكر، وصحفي، وشاعر، وعضو في مجمع اللغة العربية، لم يتوقف إنتاجه الأدبي بالرغم من الظروف القاسية التي مر بها، لكن نقده المستمر لمعارضيه جعله يتربع على عرش الأكثر خلافًا، إنه عباس محمود العقاد، أديب مصري عاش رحلة مليئة بالإنجازات على مدار خمسة وسبعين عامًا، والتي بدأت منذ طفولته حينما انشغل بالقراءة والاطلاع والتأليف، كما استطاع أن ينشر عددا من مقالاته التي كان يرسلها إلى الجرائد المصرية الصادرة في أوائل القرن العشرين مثل "اللواء"، و"المؤيد" وعمره وقتها لم يتجاوز السادسة عشرة.

وفي ذكرى وفاته نستعرض نبذات عن حياة الأديب الكبير:

عباس العقاد
عباس العقاد

 

فكر العقاد

كان العقاد ذا ثقافة واسعة، إذ عُرف عنه أنه موسوعي المعرفة، فكان يقرأ في التاريخ الإنساني، والفلسفة، والأدب، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، كما قرأ وأطلع على الكثير من الكتب

بدأ العقاد حياته الكتابية بالشعر والنقد، ثم زاد على ذلك الفلسفة والدين، لينضم الرجل إلى صفوف المدافعين عن الإسلام وعن الإيمان فلسفيا وعلميا في كتبه، ككتاب الله وكتاب حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، ودافع عن الحرية ضد الشيوعية والوجودية والفوضوية (مذهب سياسي)، كما كتب عن المرأة كتابا عميقًا فلسفيًا أسماه "هذه الشجرة"، حيث يعرض فيه المرأة من حيث الغريزة والطبيعة وعرض فيه نظريته في الجمال.

يقول "العقاد": "إن الجمال هو الحرية، فالإنسان عندما ينظر إلى شيء قبيح تنقبض نفسه وينكبح خاطره، ولكنه إذا رأى شيئًا جميلًا تنشرح نفسه ويطرد خاطره، إذن فالجمال هو الحرية، والصوت الجميل هو الذي يخرج بسلاسة من الحنجرة ولا ينحاش فيها، والماء يكون آسنا لكنه إذا جرى وتحرك يصبح صافيًا عذبًا، والجسم الجميل هو الجسم الذي يتحرك حرًا فلا تشعر أن عضوًا منه قد نما على الآخر، وكأن أعضائه قائمة بذاتها في هذا الجسد.

تمثال العقاد
تمثال العقاد

 

اختلافه مع أحمد شوقي

دخل العقاد عشرات المعارك الفكرية والأدبية، بداية من معركته الشهيرة مع أمير الشعراء أحمد شوقي، فقد رفض العقاد ما كان يكتبه "شوقي" جملة وتفصيلًا، واعتبر شعره تقليديا لا جديد فيه ولا روح، على حد رؤيته، ما دفعه برفقة صديقيه الأديبين عبدالقادر المازني، وعبدالرحمن شكري، إلى تشكيل "جماعة الديوان"، والتي تعتبر أول جماعة أدبية عربية في العصر الحديث، وراحت الجماعة تكيل الهجوم والضربات للخطاب الشعري، لمدرسة الإحياء الشعري بزعامة شوقي، وحافظ إبراهيم، فيما بدأ العقاد وزملاؤه يجددون شكل العمود الشعري، وإن جاءت محاولتهم في إطار شكلي محض، وأضعف من البعد النظري الذي تحدثوا عنه، فجاءت تجربتهم الشعرية بها حالة من الجفاف.

عباس العقاد يصافح منصور فهمي
عباس العقاد يصافح منصور فهمي
 

البرلمان والسجن

لم يكتف العقاد بحياته الأدبية فانخرط في العمل الصحفي،  وصار من كبار المدافعين عن حقوق الوطن في الحرية والاستقلال، فدخل في معارك حامية مع القصر الملكي، مما أذاع صيته وتمكن من الفوز بمقعد داخل مجلس النواب، لكن هذا المقعد لم يكن شافعًا له، فقد سجُن الرجل عام 1930 لمدة تسعة أشهر،  بتهمة العيب في الذات الملكية؛ فحينما أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسؤولة أمام البرلمان، ارتفع صوت العقاد من تحت قبة البرلمان على رؤوس الأشهاد من أعضائه قائلًا: "إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه".

العقاد
العقاد

الهروب من عقاب هتلر
ربما اعتاد الرجل على المعارضة ليس فقط أدبيًا أو سياسيًا في الداخل، فقد امتد رفضه إلى خارج البلاد، بعد أن وقف موقفًا معاديًا للنازية خلال الحرب العالمية الثانية، ما جعلت أبواق الدعاية النازية تضع اسمه بين المطلوبين للعقاب، وما إن اقترب جنود إرفين روميل، من أرض مصر حتى تخوف العقاد من عقاب الزعيم النازي أدولف هتلر، وهرب سريعًا إلى السودان عام 1943 ولم يعد إلا بعد انتهاء الحرب وخسارة دول المحور.