التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 01:07 ص , بتوقيت القاهرة

الصناعة في عهد السيسي.. أحلام لم ترى النور

عقب تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي، حكم البلاد، بعد إزاحة الإخوان، تصاعدت الآمال وارتفع سقف الطموحات والأحلام لدى الشعب المصري، لتحقيق طفرة قوية في كافة قطاعات الدولة ومنها بالطبع الصناعة.


تلك الأحلام منها ما بدأت الحكومة تطبيقه كحلم القناة الجديدة، ومنها من أرجأت تنفيذه، ومنها أيضا من سقط سهوا أو ربما عمدا من ذاكرة الحكومة، لتبقى أحلام قطاع الصناعة حبيسة لا ترى النور  حتى الآن.


فرغم الشعارات التي تنادي بها الحكومات المتوالية من نهضة صناعية، وكفاءة إنتاجية، إلا أن الحقائق تثبت ضعف القطاع الصناعي، وعدم قدرته على خلق قدرات صناعية قوية قادرة على المنافسة والتصدير، لا سيما بعد الأزمات التي تعرض لها هذا القطاع بعد ثورة يناير وحتى الآن، ولم تستطع الحكومة خلال عام من حكم السيسي النهوض بشكل كبير بهذا القطاع الحيوي.


المصانع المتعثرة.. الدولة والبنوك في قفص الاتهام


آلاف المصانع في مصر أغلقت أبوابها منذ 25 يناير، وتشرد الآلاف من العاملين بها، وتتوالى التصريحات من جانب المسؤولين بشأن تلك المشكلة، إلا أن المستثمرين مازالوا يعانون ويطالبون الدولة بالحل، وهناك ما يقرب من 84% من أسباب تعثر المصانع تعود إلى أسباب مالية.


وتتضارب الأرقام بشأن عدد هذه المصانع المتعثرة، فوفقا لإحصاءات مجالس أمناء المدن الصناعية وجمعيات المستثمرين بالمحافظات، بلغ عدد المصانع المتوقفة نحو 7 آلاف مصنع، تقدر استثماراتها بـ42 مليار جنيه، ويعمل بها قرابة المليوني شخص، فيما قالت رئيس المجلس التخصصي الرئاسي للتنمية الاقتصادية الدكتورة عبلة عبداللطيف: إن عدد المصانع المتعثرة بلغ نحو 900 مصنع، والحكومة تضع خطة واضحة لحل الأزمة خلال الأيام المقبلة.



ووفقا لتقرير مركز تحديث الصناعة بلغ عدد المصانع المتعثرة نحو 552 مصنعا، فى حين أعلن منير فخرى عبد النور أن إجمالى المصانع المتعثرة وصل إلى 855 مصنعا.



وانتقد رئيس اتحاد الصناعات المصري، المهندس محمد السويدي، مؤخرا محافظ البنك المركزى هشام رامز، لرفضه الاستجابة لمطالب اتحاد الصناعات المصرية بعقد اجتماع لبحث مشكلات الصناعة مع الجهاز المصرفي، لافتا إلى أن قطاع الصناعة يعانى مشكلات كبرى أهمها أزمة التمويل بالتعاون مع الجهاز المصرفي.


وانتقد السويدي، الإجراءات التعسفية التي تتبعتها البنوك في سياستها للتعامل مع المصانع المتعثرة داخل الدولة، مؤكدا أن العديد من البنوك تعمدت تتبع سياسة التعنت مع المصانع وكأنها غير مدركة لحالة التردي الاقتصادي الذي أثر سلبيا على أعمال المصانع خلال فترة الركود التي مرت بها الدولة عقب الثورة.



وقال رئيس جمعية مستثمري 6 أكتوبر محمد جنيدي لـ"دوت مصر": هناك مقترحا من جانب وزير الاستثمار، بشأن إنشاء صندوق لمخاطر الاستثمار، سيقدم لرئيس الوزراء، لحل أزمة المصانع المتعثرة.


وطالب جنيدي ألا يقل رأس مال هذا الصندوق عن مليار جنيه، وأن يوجد لجنة مشتركة مجتمعة من البنوك الدائنة، والجهات الحكومية، ومنظمات الأعمال التي يمثلها المستثمر، في محاولة لحل تلك الأزمة.


وأضاف جنيدي أنه لا يوجد حصر لعدد هذه المصانع المتعثرة، لافتا إلى أن ما تقدم منها لوزارة الصناعة حوالي 1000 مصنع، أما المعلومات الأكيدة أن هناك أكثر من 7000 مصنع مغلق بالفعل ،بحسب قوله، وما يقرب من 30 ألف مصنع يعمل بأقل من طاقتهم، مشيرا إلى أن عدد تلك المصانع يزيد بمعدل يومي.



وأرجع جنيدي السبب في ذلك إلى تقاعس الحكومة عن حل الأزمة، مشيرا إلى أن هناك مشكلات كثيرة مع التأمينات الاجتماعية، ومع الضرائب العامة، والبنوك، وبسبب رغبة الدولة في تحصيل الأموال، وفي ظل عدم قدرة المصانع على السداد تقوم الدولة بالحجز على تلك المصانع، دون النظر للضعف الذي أصاب هذه المصانع وما قد تتيحه من فرص عمل واستثمارات في حال عودتها من جديد.


ولفت إلى أن تراجع حجم الصادرات في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، إلى جانب أزمة المصانع المتعثرة يعكس ما آلت إليه الصناعة المصرية وما تعانيه من أزمات في الفترة الأخيرة.


 تراجع الصادرات


تراجعت الصادرات المصرية للعام الحالي حتى نهاية أبريل الماضي بنسبة 20.96%، إذ بلغ إجمالي الصادرات نحو 6.21 مليار دولار "46.41 مليار جنيه"، مقابل 7.85 مليار دولار "54.71 مليار جنيه" عن نفس الفترة من العام المنصرم، بحسب الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات.


ولفتت الهيئة إلى أن المستهدف حتى نهاية أبريل فقط هو 9.23 مليار دولار، وقد مثلت الـ6.21 مليار دولار ما نسبته 24.83% من مستهدف الخطة السنوية للصادرات والبالغ 25 مليار دولار لـ2015، وكانت قد وضعت الوزارة مستهدفا لعام 2014 بنحو 25 مليار دولار ولم يتحقق منه سوى 22.24 مليار فقط.


فيما ارتفعت الصادرات خلال النصف الثاني من 2014 بنسبة محدودة، محققة في الفترة من أول يوليو وحتى نهاية ديسمبر نحو 10.079 مليار دولار، مقابل 10.023 في الفترة المماثلة من 2013، بحسب الهيئة.



وتعقيبا على تراجع الصادرات بشكل ملحوظ، قال وزير الصناعة والتجارة، منير فخري عبدالنور، إن هناك عدة أسباب دفعت الصادرات للتراجع، أولها أزمة الطاقة، إذ تسبب عدم توريد الغاز للمصانع كثيفة الطاقة، في التأثير على القدرة الإنتاجية، وقدرة المصانع على التصدير، وأبرزها مصانع الأسمدة والأسمنت والسيراميك.



أما السبب الثاني، فأرجعه عبدالنور إلى الحالة الأمنية المتدهورة في بعض الدول العربية التي كانت تمثل أسواقا هامة بالنسبة لمصر من حيث الصادرات، مثل ليبيا وسوريا والعراق واليمن، ومن ثم تأثرت الصادرات المصرية سلبا بما يجري في تلك الدول، هذه بجانب أزمة الدولار التي أثرت بشكل ملحوظ على الصادرات، بعد أن تراجعت قدرة المنتجين المصريين على فتح اعتمادتهم لاستيراد خامات الإنتاج.


ولفت إلى أن تأثير سعر صرف الجنيه، مقابل العملات الأجنبية أدى لتراجع الصادرات أيضا، وأهمها ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري مقابل اليورو، باعتبار أن اليورو هو العملة المستخدمة مع دول الاتحاد الأوروبي.



دعم الطاقة


من جانبه، قال رئيس اتحاد الصناعات، محمد السويدي: إن الاتحاد قدم مذكرة لرئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب، برفع دعم الطاقة على فترات، في مقابل دعم الصادرات، موضحا أن المبالغ الذي سيتم تخفيضها من رفع الدعم عن الطاقة، تدعم الصادرات بالربع، لمدة 4 سنوات فقط.


وأضاف أن الحكومة خفضت دعم الطاقة، ولم تدعم الصادرات، بل خفضت موازنة الصادرات، لافتا إلى أن ذلك أدى لتراجع الصادرات في الفترة الأخيرة، مطالبا الدولة بتفعيل هذا المقترح، للمحافظة على معدل تشغيل العمالة والتصدير، ومعدل عائد الدولة من العملة الأجنبية.


ووضع اتحاد الصناعات خطة لزيادة الصادرات المصرية من جانب، وتوفير الدولار من جانب آخر، موضحا أن الدولة تتجه للاستيراد من إفريقيا عدد كبير من السلع الأساسية كاللحوم والجلود والبن وغيرها، فبدلا من دفع عملة أجنبية مقابل كل السلع المستوردة، ندفع 50% منها عملة أجنبية، و50% سلع ومنتجات مصرية، ويتطلب دور كبير من جانب التمثيل التجاري لتفعيل هذا الحل.




أما فيما يتعلق بالمشروعات القومية، بحسب بيانات وزارة الصناعة، فقد كان من أبرز النتائج المتعلقة بتلك المشروعات، إسناد إعداد المخطط العام لمشروع المثلث الذهبي إلى شركة ديبولنيا الإيطالية، والذى سيتم تسلم النسخة الأولية منه خلال شهر يونيو الحالي، تمهيداً لبدء تنمية هذه المنطقة التي تضم مشروعات صناعية وتجارية وتعدينية وسياحية.


وتتضمن البيانات إعداد تصور شامل لتطوير ميناء سفاجا التعديني ليصبح ميناء صناعي يصدر من خلاله منتجات ذات قيمة مضافة عالية، ويشمل إقامة مناطق تخزين وتداول ومناطق صناعية لتصنيع الخامات التعدينية والمنتجات الغذائية، فضلا عن استكمال إنشاء المرحلة الأولى لمدينة الجلود بالروبيكي، وتوقف الأمر حتى الآن عند تلك التصريحات والبيانات والتصورات، دون اتخاذ أية خطوات فعلية على أرض الواقع.


وأصدرت وزارة الصناعة خلال العام الحالي، عددا من القرارات الخاصة بمراجعة التشريعات المنظمة للأنشطة الاقتصادية، إذ تم إصدار عدد من القرارات من خلال مبادرة إصلاح مناخ الأعمال "إرادة" واللجنة العليا للإصلاح التشريعي ومن بينها تنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة.



كما أقرت الوزارة تعديلات على  قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وقانون الشركات وقانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، بالإضافة إلى قانون تفضيل المنتجات المحلية في المشتروات الحكومية وقانون تنظيم نشاط التمويل متناهى الصغر.



رسوم حماية


كما تم فرض رسوم حماية "نهائية" في أبريل الماضي على واردات حديد التسليح بنسبة 8% لمدة ثلاث سنوات لحماية الصناعة المحلية، وهى لن تقل عن 408 جنيهات للطن في السنة الأولى لأغراض البناء لمدة ثلاث سنوات، و325 جنيها للطن في السنة الثانية و175 جنيها للطن في السنة الثالثة.


وبلغ إجمالى الموافقات الصناعية التي أصدرتها هيئة التنمية الصناعية خلال الفترة من يوليو 2014 وحتى أبريل 2015 نحو 2347 موافقة، منها 1645 موافقة نهائية، بتكلفة استثمارية تصل إلى  27.9 مليار جنيه، وتتيح 66.4 ألف فرصة عمل مباشرة، و702 موافقة للتوسعات بتكلفة استثمارية تصل إلى 48.6 مليار جنيه وتتيح 70.2 ألف فرصة عمل مباشرة .


وبلغ إجمالي المنشآت الحاصلة على السجل الصناعي من هيئة التنمية الصناعية 5278 شركة، منها 1229 قيد لأول مرة و 3595 تجديد قيد و454 تعديل في السجل.