انخفاض أسعار النفط.. مشكلة طارئة أم أزمة مستمرة؟
"نحن لسنا إزاء انخفاض مؤقت في أسعار النفط.. وما نشهده الآن هو تغيير في نموذج عرض النفط في الأسواق الدولية ومن المتوقع أن يظل مستوى سعر برميل النفط عند الحدود المنخفضة لفترة قد تكون طويلة".. بهذه الكلمات حذر الدكتور محمد العريان، الخبير الاقتصادي الدولي، في ورقة نشرتها وكالة بولمبرج الاقتصادية الأمريكية، مؤخرا .
وجاء تحذير الاقتصادي المصري، المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، ليجدد مخاوف الدول الخليجية التي تعتمد في اقتصادياتها على تصدير النفط، فضلا عن أجواء الترقب والحذر في الأسواق العالمية والتي عادة ما تصاحب أي انخفاض في أسعار النفط دوليا.
تغيير هيكلي
أكد العريان خلال مقاله في بولمبرج، أن الأسواق الدولية تشهد تغيرا فى نموذج العرض للنفط، فبينما كيفت الأسواق نفسها على توقعات بأن يقوم أعضاء اوبك بتخفيض انتاجهم كرد فعل للانخفاض القوى فى الاسعار، إلا أن أوبك لم تستطيع تكرار الأمر هذه المرة نظرا لمعارضة السعودية وهي أكبر منتج للنفط أي تخفيض في الإنتاج، نظرا لخوفها من تكرار تجربتها السابقة في التسعينات عندما خسرت حصتها السوقية بسبب خفضها لإنتاجها من النفط، الأمر الذي يعني أنه لم يعد أحد قادرا على التحكم في الأسعار، أو التاثير على السوق ومن ثم ترك تحديد السعر لآليات العرض والطلب المعتادة.
وأوضح العريان، أن هذا يعني أننا إزاء تغيير في هيكل الإنتاج للنفط، لافتا إلى أن العديد من الدول المستوردة للنفط ستشهد زيادة في الناتج الإجمالي مع انخفاض تكاليف الطاقة للصناعة، ومع إنفاق أقل للمستهلكين على الغاز وأكبر على أشياء أخرى، وهذه الزيادة في النشاط الاقتصادي من المرجح أن تحفز الاستثمار في صناعات جديدة ومعدات وقوى عاملة ممولة من سيولة مجنبة لدى الشركات.
دورة اقتصادية
من جهته قال الخبير الاقتصادي المصري المقيم في المغرب، عمر نجيب: إنه من غير المتوقع أن تشهد أسواق النفط أي انفراجه في مستوى الأسعار خلال 2015 على الاقل، ولذلك يمكن القول أن الأزمة الحالية ليست أزمة مؤقته إنما هي ممتدة ومرتبطة بعدد من الظروف والمتغيرات.
وأوضح نجيب، لـ"دوت مصر"، من المتوقع ألا تشهد أسعار النفط أي ارتفاع مجددا في الأسعار إذا ظلت صناعة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الامريكية صامدة، لافتا إلى أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية كان يصل لنحو مليون و250 الف برميل يوميا قبل 6 شهور ومع الانخفاض الحالي في أسعار النفط وصل السعر إلى 800 ألف، وسيظل سعر البرميل دون الـ50 دولار حتى ينخفض إنتاج النفط في الولايات المتحدة، ومن ثم يمكن الحديث عن استرداد السوق النفطي لعافيته.
وأشار إلى أن الاقتصاد العالمي هو الآخر يعاني من التباطؤ والانكماش وليس من المتوقع أن يكون هناك إقبال على شراء النفط بمعدلات كبيرة تساهم في رفع الأسعار إلا قبل 3 سنوات، إذا ظلت الأوضاع مستقرة كما هى عليه الآن لاسيما في السعودية أكبر منتج للنفط في العالم.
ترقب خليجي
أما المحلل والباحث الاقتصادي بجريدة الإتحاد الإماراتية، محمود الخضيري، فيقول: إن سعر برميل النفط من المرجح ألا يزيد خلال 2015، ومن الممكن أن تكون هناك مؤشرات ايجابية مع بداية 2016، مشيرا إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي سبق وأقرت موازنات 2015 بالفعل، والموارد دُبرت بالفعل، ولذلك فأن الازمة الحقيقية ستظهر في 2016.
وأشار الحضري، لـ" دوت مصر" إلى أن الدول الخليجية لديها سيناريوهات للتعامل مع أسوأ الظروف من إمكانية استمرار أزمة اسعار النفط وقت طويل، مؤكدا أن انخفاض أسعار النفط المفاجىء في 2008-2009 إبان الأزمة المالية العالمية، كان درسا قاسيا ولن يتكرر على المستوى الخليجي.
ولفت الحضري، إلى أن السوق سوف يشهد تصحيح نفسه بنفسه، واذا كانت الاسعار ارتفعت بشكل قياسي خلال العامين الماضيين لتصل إلى نحو 150 دولار، فإن هذا كان سعرا غير منطقي ويصعب تكراره ولذلك فإن الحديث عن سعر ما بين 70 إلى 80 دولار للبرميل خلال فترة استرداد السوق لعافيته يعد عادلا كفاية.