التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 03:25 ص , بتوقيت القاهرة

كيف تحارب شوارع القاهرة ومسئولوها السياحة ويشوهونها؟

وزيرة السياحة رانيا المشاط
وزيرة السياحة رانيا المشاط

تعانى مصر منذ عدة سنوات من تراجع كبير فى معدلات السياحة، لعدة أسباب كان آخرها وأكثرها تأثيرا سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء ومصرع جميع ركابها، وبصرف النظر عن مَن أسقط الطائرة؟ هل هم إرهابى سيناء؟، أم أجهزة مخابرات دولية للضغط على مصر واقتصادها؟، إلا أن التأثير كان كبيرا على قطاع السياحة، وقبل سقوط الطائرة ومنذ 25 يناير 2011 شهدت مصر حالة من عدم الاستقرار الأمنى والسياسى كان له تأثير كبير على السياحة أيضا، ليس هذا موضع توضيحه.

وعقب ذلك ولمواجهة هذه الخسائر الفادحة فى قطاع السياحة خاصة والاقتصاد المصرى عامة على مدى سنوات، قامت الحكومة بحملات ترويجية ضخمة في الداخل والخارج للترويج للمقصد السياحى المصرى، وإعادته للعمل، ليقوم بدوره في تشغيل آلاف العاملين ويدر على الدولة حصة كبيرة من النقد الأجنبى وتكلفت هذه الحملات ملايين الدولارات.

إلا أن المراقب لشوارع القاهرة وخاصة فى الأماكن السياحية فى العاصمة الكبرى، يجد بعين ليست فاحصة، أن الدولة وشوارعها ومسئوليها، بل وبعض مواطنيها، ليسوا بالقليل، لا يشجعون السياحة ولا عودتها، ولكنهم فى الحقيقة يحاربونها ويشوهون مقاصدها السياحية ويسيئون لتاريخها الممتد عبر آلاف السنوات، بل ويغيرون الصورة الزهنية التى يأتى بها السائح من بلده عن مصر، بلد الحضارة والآثار وبناة الأهرام، إلى صورة أخرى خربة مشوهة.

ونظرة واحدة إلى أهم شارع فى القاهرة الكبرى وهو شارع الهرم، الطريق الرئيسى المؤدى إلى المزارات السياحية فى الجيزة ومنطقة الأهرامات والمتحف الكبير الجديد وغيرها، يجده نموذجا للإهمال والفشل ولا أبالغ عندما أقول إنه نموذج للفساد أيضا، فهذا الشارع معبر أتوبيسات السائحين والملىء بالفنادق الخاصة بسكنهم، يمتلئ منذ بدايته إلى نهايته بأعمال الحفر منذ شهور، بحجة تغير شبكة الكهرباء، وجميع الأرصفة مهدمة والشارع مليء بالأتربة والأحجار منذ شهور، رغم وجود مبنى المحافظة ومكتب المحافظ فى الشارع نفسه، ومن المفروض أن المحافظ يسير فى الشارع مرتين يوميا على الأقل ذهابا وإيابا ومع ذلك لم يتغير شىء.

وحتى لو أن هناك أعمال حفر أو صيانة أو استعداد للمترو كما يقال، لكن ذلك يجب أن يتم بشيء من الترتيب، وتكون له مدة محددة، ويتم تغطية هذه الأعمال لحجبها عن المارة أو إحاطتها بكردون، ويقسم الشارع إلى قطاعات، وكل قطاع تنتهى به الأعمال، يتم إعادته إلى أصله، لكن ذلك لا يحدث في مصر مثل باقى الدول سواء المتقدمة أو غيرها، فأعمال الحفر فى كل الشارع منذ شهور ولا شىء يتم أو ينتهى.

كما أن الشارع به رصيفان للمشاة، وهو من الشوارع القليلة فى مصر التى تتمتع بذلك، والرصيفان غير صالحين للمشى، وحتى العمارات والمبانى التى بها أعمال بناء في الشارع لا تلتزم بأي اشتراطات سلامة طبقا للقوانين المنظمة، فلا تعزل هذه الأعمال عن بحر الشارع ولا حرمه، ولا تغطى أعمال البناء بل تلقى بالأتربة والمخلفات الناتجة عنها في الشارع بدون أى رقيب رغم أن هذا الشارع يديره 3 أحياء، بالإضافة إلى مبنى المحافظة، ومع ذلك لم يقم أى رئيس حى أو حتى موظف حى من هذه الأحياء باتخاذ إجراء حيال هذه المخالفات.

ورغم أن هذا الشارع من أكثر الشوارع المصرية ازدحاما، إلا أننا نستطيع أن نرى بسهولة ووضوح، خلال رحلة واحدة من أول الشارع إلى آخره، أكثر من مواطن يقضى حاجته على أحد أرصفة الشارع أمام المارة، بسبب عدم وجود مرحاض عام، وفى بعض الأحيان يتوقف أحد أوتوبيسات السياحة صدفة بجانب هذا المواطن ويلتقط له السياح الصور، فى حالة من الاستهجان لهذا التصرف.

كما أن الجزيرة النباتية في منتصف الشارع تعتبر من أهم صور الفساد، والإهمال، فهذه الجزيرة يتم زراعتها بالنباتات الغالية والورود عدة مرات في السنة وتتكلف آلاف إن لم يكن الملايين من الجنيهات سنويا، ومع ذلك لا تصمد تحت أقدام المارة عدة أيام، كما يقوم العمال بها بحفر جوانبها وإلقاء الأتربة فى الشارع، مما يجعل الشارع ملىء ببرك الطين والأتربة بدون داع، وإذا كانت هذه الجزيرة لا تحتفظ بنبتاتها إلا أيام، فلماذا الإبقاء عليها أصلا؟ لماذا لا يتم التخلص منها وتوسيع الشارع ووقف نزيف الأموال التى تنفق عليها بدون داع؟

لن يتسع المقام للحديث عن كل صور الإهمال فى شوارع القاهرة وأثارها، وشارع الهرم ما هو إلا نموذج فقط لما يحدث فى كل شوارعنا، ناهيك عن عشوائية منطقة أثار الهرم والمنطقة المحيطة بها، مما يؤكد أننا جميعا كدولة لا تقدر تاريخها ولا كنوزها وثرواتها ولا نشجع السياحة ولكننا نحاربها.