"تهور" أردوغان يدفع تركيا لسياسة التناقض مع روسيا وإيران
تتراوح سياسة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بين التهور والتناقض الشديد في اتخاذ القرارات التي لها تأثيرات سلبية سريعة على الدول المجاورة، فالتخبط البالغ في قيادته لبلاده، يكتب النهاية القريبة للسياسة التركية، ولأردوغان، فبعد أن تحول خصوم الأمس التاريخيين، روسيا وإيران، إلى أقرب حلفاء تركيا اليوم، سهل ذلك حدوث تحولات جذرية في الإقليم وفي شبكة العلاقات الدولية المحيطة به.
علاقة مثلثية قصيرة المدى
بعد التقارب الشديد الذي حل مع الدول الثلاثة "إيران وروسيا و تركيا"، يجعلنا نتساءل، هل مصالح تلك الدول متطابقة؟، على الرغم من اعتماد الكثير منهم على الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الأمر الذي أكده الباحث "دوف زاخم" في مجلة "فورين بوليسي"، حيث قال: "أحد أهم التطورات المقلقة في مسار الحرب الأهلية السورية كان تقارب تركيا مع روسيا والتعاون مع إيران"، كما أكد أن هذه العلاقة المثلثة الأضلاع ستكون قصيرة الأمد على الأرجح، لعدم تطابق المصالح.
أعداء الأمس.. أصدقاء اليوم
على مدار الـ 150 عاما الماضية كانت تتميز العلاقات التركية مع إيران بالعدائية، لتتحول تدريجيا إلى علاقة يصحبها الحذر والشك، ليتحول هذا الحذر إلى حب متبادل يجمع بين روسيا وإيران وتركيا تحت مظلة احتواء الحرب الأهلية السورية.
أما عن تركيا وروسيا فالعداوة مكنونة منذ قرون مضت، الأمر ليس لها علاقة بمن بحكم، بل العداء متوارث للأجيال بين البلدين لتأتي بعدها حقبة أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتختلف الأوضاع رأساً على عقب، حيث اعتبرت روسيا نفسها حارسة الكنيسة الأرثوذكسية بعد سقوط بيزنطية في أيدي الأتراك.
حارب العثمانيون القياصرة، بسبب المحاولات الروسية للحصول على ممر إلى البحر المتوسط. لتبقي تركيا على الحياد في الحرب العالمية الثانية، وانضمت تركيا إلى حلف شمال الأطلسي لتمنح الناتو أطول حدود مع الاتحاد السوفياتي.
من ضمن الأسباب التى سببت حالة من العدائية المتواصلة بين الدولتين "حصن أزوف"، بعد ان احتلها القيصر بيتر الأكبر بعد أن كانت ملك العثمانين.
زيارات عسكرية وغير متوقعة للمرة الأولى
زار رئيس هيئة أركان الجيش الإيراني، محمد باقري، أنقرة، منتصف الشهر الماضي، لتكن هي المرة الأولى لمسؤول عسكري من هذا المستوى إلى خارج بلاده منذ ثورة إيران في 1979، والتي تَنم عن مدلول كبير للغاية وبأهمية متساوية.
جاءت بعدها زيارة رئيس أركان القوات الروسية، فاليري غيراسموف، رجل بوتين، إلى أنقرة، لمناقشة حالة الأمن في الإقليم وملفي سورية والعراق كما فعل الجنرال باقري.
الناتو يُخترق "عيني عينك"
من أساسيات الناتو المادة رقم 5، والتي تنص على أن أي هجوم على أي عضو هو هجوم على كافة دول الحلف، ومعاهدة الدفاع المشترك، كانت لحماية دول أوروبا الشرقية ضد الإتحاد السوفيتي، وهو الأمر الذي تم اختراقه بعد أن فرضت الولايات المتحدة الأمريكية قيودًا على إيران منذ أن احتجزت الرهائن الأمريكيين عام 1979، مما أدى إلى حظر تجاري كامل على طهران عام 1995، ليستمر الوضع حتى يومنا هذا ومازالت الأمم المتحدة تفرض عقوبات على إيران وذلك بعد إجراء إيران تجربة لصاروخ باليستي، فبعد عدد من تحذيرات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تابعت واشنطن خطواتها وفرضت حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية على طهران، لكن تركيا لم تقف بجوارها حتى الآن وفقاً للمادة الخامسة.
تركيا تخترق وتهدد
اعترف أردوغان بأنه اخترق العقوبات الأمريكية على إيران إذ قال: نحن لم نفرض أي عقوبة على إيران حتى تتهم أمريكا وزيري بخرق عقوباتها على إيران.
فالتناقض يظهر عندما حاول أردوغان إسقاط الأسد في سوريا من جهة، واخترق العقوبات الأمريكية على إيران أكبر حليف للأسد من جهة أخرى.
فهل يمكن بتلك المحاولات البائسة من أردوغان أن يُبْعِد تركيا عن الولايات المتحدة؟ بعد أن أعلنت أنقرة أعلنت في نوفمبر الماضي أن علاقاتها مع واشنطن ستشهد تحسناً كبيراً عقب فوز دونالد ترامب.
حيث قال أردوغان في تهنئته لترامب، إن فوزه سيمهد لمرحلة جديدة في هذه العلاقات، في الوقت الذي كانت إيران ألد الأعداء لتركيا، لتنقلب الأحوال في يوم وليلة.
الأحلام تتبخر
بعد تمسك إدارة ترامب بدعم ميليشيات الكرد في سورية، تبخرت أحلام أردوغان في الهواء، بعد أن بدأت تركيا أخيراً عملية تفاوض جادة مع روسيا لشراء أنظمة دفاعية متطورة على رغم احتجاج القيادة العسكرية للناتو على ذلك، فضلاً عن تعاون أنقرة الوثيق مع موسكو في مجال سورية الحيوي.
كما اتفقت إيران وتركيا لتعزيز الجهد العسكري بينهما في سورية والعراق، بجانب التعاون الثلاثي الوثيق بين تركيا وروسيا وإيران حول جملة من المسائل الحيوية، بينها دعم مفاوضات منصة آستانة والتنقيب المشترك عن النفط في بحر قزوين ودعم قطر في نزاعها مع الدول الأربع.
اقرأ أيضاً: