التوقيت الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024
التوقيت 03:49 ص , بتوقيت القاهرة

صديق سعيد مهران يسرق الشيخ الشعراوي

ظهيرة يوم الجمعة من كل أسبوع، اعتاد الناس أن يجلسوا أمام التلفزيون يشاهدون الشيخ الشعراوي ممسكًا بالمصحف يفسر الآيات بطريقة أحبها البسطاء، وفي الأحياء الشعبية وضعوا صورته على يافطات المحلات التجارية، نوعًا من التبرك صنعته الفطرة التي تحب دون أن تبحث عن فتوى التحريم والمنع.

في 15 أبريل 1911، ولد الشيخ محمد متولي الشعراوي، في قرية دقادوس، محافظ الدقهلية، لتبدأ رحلة استمرت لـ 87 عامًا، يجتمع حوله المريدين والأحباب، ترافقه الشائعات أينما ذهب، يحتفي به نظام، ويترصده نظام آخر، يستمع الناس إلى خواطره كل جمعة، ومن ثّمَّ تأخذ مقدمة البرنامج مساحة مناسبة في ذاكرة المصريين، فضلًا عن حفظهم اسم المخرج عبد النعيم شمروخ، الذي اختفي من تترات البرامج الأخرى بعد وفاة إمام الدعاة.

في حياة الشعراوي حكايات كثيرة، مواقف إنسانية لا يعلمها معظم متابعيه، مثل خلافه مع يوسف إدريس، وحادثة السرقة التي ارتبطت بشكل غير مباشر مع البطل الحقيقي لرواية نجيب محفوظ "اللص والكلاب"، وموقفه من الأحزاب الدينية، ومن هي "ام فتحية" التي كانت وراء زواجه المبكر.

(1) اللص والكلاب
في مارس 1987، عاد الشيخ الشعراوي من الباب الأخضر في الحرم الحسيني، الثالثة فجرًا، إلى شقته في حي الحسين، فتح دولابه ليكتشف سرقة 60 ألف جنيه، كانت مقسمة في مظاريف لتوزيعها على الفقراء، وبشكل فوري قام رجال مباحث قسم الجمالية بالتحريات، وضع في خانة الاتهام أحد جيران الشيخ، وهو مسجل خطر، هارب من تنفيذ عدة أحكام قضائية، وكان صديقًا لسفاح الستينات محمود سليمان، والذي اقتبس قصته الأديب نجيب محفوظ في روايته "اللص والكلاب".

ووفقًا لما ذكرته صحيفة الجمهورية في الثمانينات، كان المشتبه الأول في سرقة الشعراوي، يقوم بتوزيع وإخفاء وبيع مسروقات محمود سليمان، أو سعيد مهران كما عرفناه في الأدب والسينما. 

(2) الشعراوي والضرائب
عام 1974، قدم الشيخ الشعراوي إقراره الضريبي لأول مرة، وكان دخله السنوي وقتها 90 جنيها فقط، وفي أواخر الثمانينات كان دخله السنوي 220 ألف جنيه، بعدما سجل أحاديثه لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، وحصل على 200 جنيه عن الحلقة الواحدة، ونسبة 60% من عائد تسويق الحلقات الدينية في الدول العربية والغربية.

في عام 1988، قدم الإمام طلبًا بإعفائه من الضرائب؛ لأن المبالغ التي يحصل عليها معفاة قانونيًا، بناءً على المادة رقم (82) من القانون (157) لسنة 1981، في شأن الضرائب التي تقضي بإعفاء أرباح التأليف والترجمة للكتب والمقالات الدينية، واعمال الترجمة الفورية للأحاديث التي تلقى في الإذاعة والتلفزيون.

عام 1993، فصلت إدارة الفتوى بمجلس الدولة، في طلب الشعراوي، وأكدوا أنه "لا يخضع المقابل الذي يحصل عليه الممول على حلقات أحاديثه يوم الجمعة للضريبة"، واسترد من الضرائب أمواله عن الفترة من (1981-1988).


(3) أم فتحية 
عندما كان الشعراوي طالبًا في الابتدائية، في المعهد الأزهري بالزقازيق، كان يسكن مع زميله وابن قريته حسن إمام، في غرفة ملك سيدة اسمها "ام فتحية"، وكانت لديها بنت اسمها صفاء، وفي إحدى الأيام طلبت الأم من الأزهريين الصغيرين أن يساعدا ابنتها في حل بعض المسائل الحسابية.

حينما وافق التلميذان على طلب صاحبة العقار، كان والد الشعراوي في زيارة مفاجئة للزقازيق، وقرر أن يمر على ولده للاطمئنان عليه، وعندما فتح باب غرفته وجد ابنة صاحبة البيت تذاكر مع ولده وصديقه، فانصرف إلى دقادوس، وقرر أن يزوجه بنت خاله، والتي صارت أمًا لأولاده سامي، وعبد الرحيم، وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة.
الشيخ الشعراوي وهو صغير
 

(4) صدام مع حسن البنا
كان الشعراوي في شبابه وفديًا، وفي ذات الوقت عضوًا في جماعة الاخوان المسلمين، وقد صرح بذلك في حوار جريدة السياسة الكويتية، عام 1990، وقد سبب له هذا المزج بين الحزب والجماعة صدامًا مع حسن البنا.

عام 1937، تم إقالة حكومة النحاس باشا، وبعدها تم منع الوفديين –منهم الشعراوي- من الاحتفال بذكرى سعد زغلول، فقرر إمام الدعاة ورفاقه الذهاب إلى النادي السعدي واحتفلوا، وألقى قصيدة، عندما علم حسن البنا بتلك الواقعة غضب منه.

دافع الشعراوي عن قصيدته التي ألقاها حبًا في الوفد أمام البنا قائلًا: "إن أقرب الزعماء الموجودين في مصر حاليًا إلى منهج الله هو النحاس.. وإذا كان لابد أن نولي زعيمًا فهو النحاس"، فقال المرشد الأول لجماعة الإخوان: "النحاس هو أعدى اعدائنا؛ لأن له ركيزة في الشعب، هو الوحيد الذي يستطيع أن يضايقنا، أما الباقون نستطيع أن نبصق عليهم"، وبعد تلك الحادثة انفصل الشعراوي عن الجماعة، وبعد سنوات كثيرة أعلن رفضه للأحزاب القائمة على أساس ديني.
حسن البنا
(5) مولانا والمثقفين
عام 1983، أجرى الشيخ الشعراوي حوارًا مع جريدة الشعب، التي اتهم من خلالها يوسف إدريس، وزكي نجيب محمود، وتوفيق الحكيم، بالتجرؤ على الدين، وكتابتهم فيها تضليل وإخلال، وأمام هذا الاتهام الصريح نشرت الشعب في العدد التالي ردًا من يوسف إدريس.

تحول الأمر إلى تبادل اتهامات بين الشيخ وإدريس الذي طالبه بمنع التكفير لفئة، ومنح صكوك الغفران لفئة أخرى، واستحضر إدريس موقف الشعراوي الشهير في مجلس الشعب، عندما قال ما معناه إن السادات لا يسأل، وفسر الأديب هجومه الشيخ عليه، بعدما طالبه بأخذ موقف تجاه حرب لبنان، وحرب إيران والعراق في الثمانينات، بدلًا من محاربة وهم الشيوعية.
يوسف ادريس والشعراوي
تجدر الإشارة إلى أن الشعراوي ولد في قرية دقادوس في ميت غمر عام 1911، حصل على الشهادة العالمية من كلية اللغة العربية بالأزهر، عام 1941، تدرج في المناصب من معهد الإسكندرية إلى معهد الزقازيق، تم إعارته للعمل في السعودية عشر سنوات، تقلد منصب مدير الدعوة في وزارة الأوقاف، ثم مديرًا لمكتب شيخ الأزهر، ثم رئيس بعثة الأزهر في الجزائر، وأستاذ زائرًا في السعودية، ثم مدير مكتب وزير الدولة لشؤون الأزهر، وأخيرًا وزيرًا للأوقاف.