فيسك: إسرائيل تخفي القصة الحقيقية وراء ضرب غزة
يتحدث الكاتب البريطاني روبرت فيسك عن الأسباب الحقيقية وراء الحملة الإسرائيلية العسكرية على قطاع غزة مستعرضا عدد من الأحداث التاريخية والمواقف السياسية للقادة الإسرائيليين والتي تكشف بما لايدع مجالا للشك عن أنهم لايسعون ولم يكونوا يسعون في أي وقت من الأوقات إلى السلام وأن مقتل الشبان الإسرائيليين الثلاثة في الضفة الغربية منذ أسابيع لم يكن السبب الحقيقي وراء رد الفعل الإسرائيلي العنيف مؤكدا أن السبب كان وسيظل دائما الصراع على الأرض .
وإلى نص المقال :
مقال لروبرت فيسك*
ترجمة : زياد مكي
بعد سقوط اربعين قتيل فلسطيني مقابل صفر من الجانب الإسرائيلي ، قررت أن أحدثكم اليوم عن قصة غزة التي لن تسمعوها من أى طرف أخر .
في عام 1948 كان سكان سديروت أو هوج بالعربية ، من العرب الذين قاموا في عام 46 بمساعدة اثنين من مقاتلي الهاجاناة الإسرائيلية على الهروب من ملاحقة الجيش البريطاني.ولكن عندما عاد الهاجاناه بعد سنتين طردوا كل من في القرية إلى غزة وعلى الرغم من تصريح بن جوريون حينها بأن ما حدث "غير مقبول وظالم" إلا أن السكان الأصليين لم يسمح لهم بالعودة مرة أخرى إلى أراضيهم.
واليوم يعيش نحو 6000 من سكان تلك القرية في غزة في فقر مدقع بين من تسميهم إسرائيل بالإرهابيين الذين يقذفون قرية هوج بالصواريخ.حقاً إنها قصة مثيرة!
لنسأل أنفسنا ، ماذا سيفعل سكان لندن لو تعرضوا للقصف على يد إسرائيل؟ ألن يقوموا بالرد على من قصفهم؟ نعم، هذا صحيح ولكن البريطانيين ليس لديهم أكثر من مليون مواطن سابق يعيشون الآن في مخيمات لاجئين في ظروف غير إنسانية بالقرب من لندن.
لقد أثيرت نفس تلك الأسئلة من قبل في 2008 عندما احتلت إسرائيل غزة و قتلت أكثر من ألف فلسطيني ، في حين لم تفقد سوى 13 إسرائيلي حينها، لقد وجه السفير الإسرائيلي سؤالاً حينها وقال ماذا سيحدث إذا تعرضت دبلن لهجوم صواريخ دون أن يعرف أن مدينة كروسماجلن البريطانية والموجودة بشمال أيرلندا تعرضت للقصف من جمهورية أيرلندا ولكن سلاح الجو البريطاني لم يقصف عاصمتهم دبلن ويقتل النساء الأيرلنديات والأطفال.
في كندا عام 2008 قام مؤيدو إسرائيل بترويج نفس الحجج الباطلة فتساءلوا ماذا سيحدث لو تعرض سكان فانكوفر أو مونتريال للقصف ؟ ولكن الكنديين لم يلقوا بالسكان الأصليين في مخيمات لاجئين.
ذات مرة قال نتنياهو أنه لا يستطيع التحدث مع "الرئيس" الفلسطيني عباس لأنه لا يمثل حماس ولكن عندما عقد عباس مصالحة مع حماس ، خرج نتنياهو ليقول بأنه لن يستطيع اجراء محادثات مع عباس لأنه تحالف مع "إرهابيين" واليوم يعود نتنياهو ليقول أنه سيتحدث مع عباس في حالة نبذ المصالحة مع حماس - على الرغم من أن عباس لن يمثل حماس حينها.
عندما تحدث المفكر اليساري الإسرائيلي يوري أفنيري عن الخطر الذي تمثله داعش على إسرائيل ، خرج نتنياهو ليقول أنه "إذا لم يتم إيقاف داعش عند حدود نهر الأردن فإنهم سيظهرون على أبواب تل أبيب". على الرغم من الحقيقة التي يعلمها الجميع أن الطيران الإسرائيلي قادر على سحق داعش إذا حاولت التفكير في عبور الحدود الأردنية من العراق أو سوريا.
النقطة الأهم هنا هي أن إسرائيل ستبقى جيشها على الحدود الأردنية لحمايتها من داعش ما يعني أن الدولة الفلسطينية لن يكون لها حدود وستتحول لجيب داخل إسرائيل.
" ستصبح مثل بوتسوانا في جنوب إفريقيا" حسبما يقول أفنيري أو بمعنى أخر فإنه لن يكون هناك وجود لدولة فلسطينة قابلة للحياة.
عندما صرح مارك ريجيف ، المتحدث بإسم رئيس الوزراء نتنياهو ، لقناة الجزيرة قائلاً بأن " حماس عبارة عن منظمة إرهابية متطرفة لا تختلف شيئاً عن داعش في العراق أو حزب الله في لبنان أو بوكو حرام".
هل حزب الله الذي يقاتل حرب مصيرية في سوريا ضد داعش أو بوكو حرام التي تبعد ألاف الكيلومترات من اسرائيل ، يمثلان خطرا على إسرائيل؟
ولكن الحقيقة واضحة فإسرائيل قررت ربط فلسطيني غزة في تحالف مع الإسلاميين المعارضين للمالكي في بغداد وللأسد في دمشق و لجودلك في أبوجا.
هل سأل الإسرائيليون أنفسهم، لماذا تبني حكومتهم مستوطنات غير شرعية على الرغم من تصريحها بأن داعش تتقدم نحو الضفة؟
ما يحدث ليس له علاقة بالجريمة التي ارتكبت ضد 3 فتية إسرائيليين في الأراضي العربية المحتلة أو بمقتل الصبي الفلسطيني في القدس الشرقية .كما أن ما يحدث ليس له علاقة بالقذائف الصواريخية بل هو كالعادة نتيجة الصراع على "الأرض".
*روبرت فيسك هو صحفي بريطاني يعمل مراسلاً للإندبندنت لشؤون الشرق الأوسط في بيروت.
- نقلا عن صحيفة الإندبندنت البريطانية