بين المصالح والشرعية.. السيسي يزور 27 دولة في عامه الأول
27 دولة.. هي حصيلة زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية خلال عامه الأول، بدأها، خلاف المتوقع، بالجزائر، حيث كان قد أعلن وقت ترشحه أن أول زيارة له رئيسا للجمهورية ستكون إلى المملكة العربية السعودية تقديرا لدورها في الوقوف إلى جانب مصر بعد ثورة 30 يونيو.
وتنوعت زيارات الرئيس السيسي بين دول عربية وإفريقية وأوروبية وآسيوية، فضلا عن التواجد على أعلى المستويات في المحافل الدولية، كما حدث في قمة الاتحاد الإفريقي ومؤتمري دافوس المنعقدين في سويسرا والأردن والدورة الـ 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك المنعقدة في شهر سبتمبر من العام الماضي والقمة العالمة للطاقة مطلع العام الجاري.
وفي برنامجه الانتخابي، أكد السيسي على أهمية العمل فى النطاق الإفريقى لتعزيز التعاون الاقتصادى والاستثمارى والعلمى، دفاعا عن حق شعوب القارة فى التنمية المستدامة والوصول إلى آفاق الرخاء والاستقرار فضلا عن الحفاظ على حقوق مصر المائية وأمن شعبها، لافتا إلى أن مصر باعتبارها دولة إفريقية تعمل على تأكيد المصالح المشتركة بينها وبين الدول الأفريقية وبصفة خاصة مع دول حوض النيل، كما أكد على أهمية إعادة تفعيل التعاون المتوسطى الذى انطلق منذ عام 1993 بمبادرة مصرية.
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور حسن نافعة، أن لزيارات السيسي الخارجية هدفين أساسيين، الأول هو دعم شرعية النظام المصري بعد ثورة 30 يونيو، فكان هناك حاجة للتأكيد على اعتراف الدول الكبرى بالنظام المصري، وتستقبله وتقيم علاقات معه أيضا.
وأضاف نافعة في تصريح لـ"دوت مصر" أن الأمر الآخر يتمثل في المجال الاقتصادي، لافتا إلى أن بعض الزيارات هدفت إلي إعادة دوران النشاط الاقتصادي والذي كان شبه متوقف عقب الثورات المصرية، مشيرا إلى أهمية الزيارات في دعم الاقتصاد المصري وتوجيه رسالة للعالم بأن مصر بلد الأمان تستقبل الاستثمارات.
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلي أنه كان هناك زيارات معينة هدفت لمعالجة أزمات بعينها، مثل أزمة سد النهضة وغيرها من زيارات هدفت إلى تحسين العلاقات بدول إفريقيا التي ساءت على مدار الأعوام السابقة.
مساعد وزيرالخارجية سابقا السفير جمال بيومي أكد أن زيارات السيسي الخارجية كانت بمثابة "إزاحة صدأ دام لسنوات" على ملفات حيوية، لاسيما الملف الإفريقي الذي أهمله الرئيس الأسبق حسني مبارك عقب محاولة اغتياله في أديس أبابا عام 1995، واستمر الوضع قرابة الـ 20 عاما، لافتا إلى أنه علي الرغم من وجود سفارات مصرية في الدول الإفريقية، إلا أن عدم تبادل الزيارات علي المستوى الرئاسي قد أضعف العلاقات مع دول إفريقيا فضلا عن بعض سوء الفهم المتبادل مع بعض الدول الإفريقية وتجاهل دعواتهم إلى مصر لزيارة بلادهم.
وفيما يتعلق بالملف العربي، أكد بيومي أنه كان يحتاج دفعة قوية، لافتا إلى الزيارة الأولى للرئيس السيسي إلى الجزائر، وهي دولة ذات أهمية سياسية كبيرة بالنسبة لمصر حيث تتكامل الدولتين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية، كما جاء لقاء السيسي بنظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عاكسا للروابط التاريخية التي جمعت بوتفليقة والرئيس المصري جمال عبد الناصر، لافتا إلى أن الأول يحمل لمصر مودة شديدة ويعلم مدى تأثيرها في المنطقة العربية.
وأضاف إلي أن الرئيس السيسي استكمل توطيد العلاقات المصرية العربية من خلال زيارته للمملكة العربية السعودية وزيارة العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
من ناحية أخرى، أكد مساعد وزير الخارجية سابقا أن زيارات دول الشرق كالصين وروسيا جاءت كخطوة من تلك الدول لتوطيد علاقتها مع مصر، بعد أن تخلوا عن الرئيس أنور السادات عندما بدأ مسيرة السلام وهم من عادوا الآن إلى مصر، مشيرة إلى أن تلك الدول تستحق تماما تحسين العلاقات والتي نتج عنها توقيع العديد من الاتفاقيات في كافة المجالات وخاصة صفقات الأسلحة والطائرات والتي توليها مصر اهتماما بالغا في ظل ظروف الحروب الدائرة حاليا ومواجهة الارهاب.
وتابع: "أوروبا تحتل وضعا قويا على جدول الأعمال المصري الخارجي، على الرغم من أنه كان من النادر جدا أن يزور رئيس مصري دول أطراف أوروبا مثل أسبانيا وقبرص واليونان، وهو ما أسفر عن نتائج وتعاون هائل في مجال الطاقة"، لافتا إلى أن مصر تنتظر دعوة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما وزيارات السيسي إلى دول السويد والنرويج والدنمارك وفينلاندا في الشمال وهي دول ذات أهمية كبيرة بالنسبة لمصر.
الصلات المباشرة على المستوى الرئاسي تغير خريطة العلاقات الثنائية، فمثلا ألمانيا اتخذت موقف من مصر عقب 30 يونيو أن هناك انقلابا في مصر، إلا أنه عقب لقاء الرئيس السيسي بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على هامش مؤتمر دافوس بسويسرا، أكد دبلوماسي ألماني رفيع المستوى أن المقابلة أحدثت الكيمياء المطلوبة بين البلدين، وهو ما حدث على هامش اجتماعات الدورة الـ 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما لقاء السيسي وهي مجاملة واضحة من أوباما لم يكن مضطرا لها لولا إدراكه للدور المصري.