بروفايل| عبدالله البرغوثي.. "شبح" حماس في سجون إسرائيل
قبل حوالي 12 عاما، وفي مارس من عام 2003، أصدرت محكمة إسرائيلية حكما غير مسبوق في تاريخ الاحتلال، حيث حكمت على أحد قادة كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، بالسجن المؤبد 67 مرة، فضلا عن إلى 5200 عاما، ليودع "مهندس حماس"، عبدالله البرغوثي، ابنته "تالا"، التي تركها وحيدة في مستشفى رام الله، دون أن يعلم أنه قد لا يراها مجددا، في حال تطبيق الأحكام.
هذا الحكم - الذي يمكن توزيعه على قبيلة دون أن يخرج أحد من أبنائها من السجن حيا - من الطبيعي أن يثير فضول أي إنسان للتعرف على هذا الرجل الذي استحق بحسب قوانين الاحتلال الإسرائيلي هذا الحكم، وليس هناك من حصل على هذا الحكم سوى عبدالله غالب عبدالله البرغوثي.
عشق السيارات والجودو
اختارت الأقدار، عبدالله البرغوثي، ليتحول من عشق السيارات ورياضة الجودو، إلى أسير في السجون الإسرائيلية، يقضي حاليا حكما من أعظم الأحكام في التاريخ بالسجن، لمسؤوليته عن مقتل 67 إسرائيليا في سلسلة عمليات نفذت بين عامي 2000 و2003.
ولد "البرغوثي" لأسرة فلسطينية بالكويت في عام 1972، قبل أن تنتقل عائلته إلى عمّان إثر الغزو العراقي للكويت عام 1990، واضطر القيادي الحمساوي إلى فتح محل لميكانيكا السيارات التي كانت هوايته المفضلة، فضلا عن عشقه ممارسة رياضة الجودو، التي بدأها في الكويت واستمر يمارسها بعد عودته إلى الأردن، لكن لم تفلح تجربته العملية في سد الأموال التي استدانها لفتح المحل، فسافر إلى كوريا الجنوبية مع صديق، كي يبدأ حياة زاخرة بالتجربة امتدت 6 سنوات شملت دراسة الهندسة الكهربائية، إلى جانب العمل المهني والتجارة.
في تلك الرحلة، أتقن "البرغوثي" الكمبيوتر والاتصالات وكل ما يخصهما، حتى أنه لم يكن يعجزه شيء في هذا المجال، وبعد ذلك أتقن التفخيخ وصناعة المتفجرات والتحكم فيها عن بعد من خلال الهاتف النقال، بحسب تقارير سابقة لموقع "الجزيرة" القطري.
العودة إلى فلسطين
عاد "البرغوثي" إلى فلسطين في نهاية التسعينيات، وهناك بدأت حكايته مع حركة "حماس"، حيث لم يكن أي من المحيطين به يعلم عن مهاراته الإبداعية في مجال تصنيع المتفجرات، وبعد طول بحث، أرشده حدسه لابن عمه بلال البرغوثي، المحكوم عليه حاليا بـ16 حكم مؤبد.
طلب بلال البرغوثي من ابن عمه الانضمام لصفوف "كتائب القسام"، ليصبح "مهندس إنتاج العبوات الناسفة"، ويشرف على إنتاج مواد سامة من "البطاطا"، فضلا عن إنتاج الصواعق، وأقام معملا خاصا للتصنيع العسكري في أحد المخازن في بلدته.
بلغ مجموع القتلى في العمليات التي نسقها عبدالله البرغوثي نحو 66 قتيلا إسرائيليا وأكثر من 500 مصاب، ومن بين العمليات البارزة التي شارك فيها عملية "سبارو"، وعملية "الجامعة العبرية"، ومقهى "مومنت"، والنادي الليلي في مستوطنة "ريشون لتسيون" قرب تل أبيب، التي قتل فيها نحو 35 إسرائيليا وأصيب 370 آخرين، بحسب "الجزيرة".
وداع "تالا
اعتقلته المخابرات الإسرائيلية على غير يقين من هويته، في 5 مارس 2003، حيث كان يخرج من إحدى مستشفيات رام الله، بعد أن أسرع صباحا إلى معالجة طفلته الكبرى "تالا"، عندها فوجئ بالقوات الخاصة تقتحم يديه وتكبله.
على الرغم من أن أقصى مدة تحقيق مسموح بها قانونيا لا تتجاوز 90 يوما، إلا أن التحقيق المتواصل مع التعذيب استمر مع "البرغوثي" مدة زادت عن 5 أشهر، حيث اعتقل في مارس وخرج من التحقيق في نهاية شهر أغسطس من العام نفسه، وفي 30 نوفمبر 2003، عقدت المحكمة العسكرية الإسرائيلية جلسة عاجلة حكمت فيها بـ67 مؤبد، فضلا عن 5200 عام، ويمكث الأسير الفلسطيني في زنزانة انفرادية منذ اعتقاله في عام 2003، واعتبارا من 12 أبريل 2012 خاض إضرابا مفتوحا عن الطعام حتى تحقيق مطلبيه المتمثلين بالخروج من العزل الانفرادي والسماح له بلقاء والديه، اللذين لم يرهما منذ العام 2000.
عودة للانفرادي
السلطات الإسرائيلية عزلت القيادي الحمساوي، الذي يلقب بـ"أمير ظل القسام"، اليوم الأحد، عقب مكالمة أجراها مع إذاعة محلية في غزة، من داخل سجنه، فأخرجته إدارة سجن رامون إلى زنازين الحبس الانفرادي للسجن، كإجراء عقابي ضده.
وكانت مصلحة السجون وإدارة سجن رامون في النقب، توعدت بإيقاع أقصى العقوبات بحق "البرغوثي"، ذلك بعد المكالمة التي أجراها مع برنامج "أحرار" في محطة إذاعية في غزة، أمس السبت.
ودعا "البرغوثي"، في مكالمته، قيادة المقاومة وحركة "حماس" وجناحها العسكري "كتائب القسام" إلى عدم الاستعجال والتسرع في إنجاز صفقة تبادل الأسرى، مؤكدا أن المعتقلين "ثابتون ومستعدون للصبر".