التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 12:55 ص , بتوقيت القاهرة

معاهدة 17 أيار.. "اتفاق العار" الذي باع لبنان لإسرائيل

"اتفاقية العار" أو "معاهدة 17 أيار".. اختلفت الأسماء والنتيجة واحدة، اتفاق لبناني إسرائيلي يقضي بإلغاء حالة الحرب بينهما، لتمكين تل أبيب من تأمين حدودها الشمالية، تبعها رفض شعبي وتأييد حكومي، أدي إلى تصعيد كبير ونشوب اقتتال داخلي، ما اضطر الحكومة لإلغاء المعاهدة.


32 عاما مرت على توقيع اتفاق 17 أيار/ مايو عام 1983، بين لبنان وإسرائيل في عهد رئيس الجمهورية اللبناني الأسبق أمين الجميل، وذلك بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 واحتلال إسرائيل لبيروت كثاني عاصمة عربية تحتل بعد القدس.


إسرائيل تحتل بيروت


"عملية السلام للجليل" و"عملية الصنوبر".. هكذا أطلقت عليها تل أبيب، حيث تحولت أراضي لبنان إلى ساحة قتال بين منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا من جانب وإسرائيل من الجانب الآخر.


وكان السبب الذي دفع إسرائيل لشن عملية عسكرية ضد منظمة "أبي نضال" التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، هو محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في بريطانيا، شلومو أرجوف، وبدأت هذه العملية في 6 فبراير عام 1982.



 احتلت إسرائيل جنوب لبنان بعد أن حاصرت منظمة التحرير وبعض وحدات الجيش السوري في بيروت الغربيّة، حيث انسحبت المنظمة من بيروت إلى تونس بعد أن تعرّض ذلك القسم منها إلى قصف عنيف، حيث كان ذلك من ضمن شروط تل أبيب لوقف الحرب.


وبعد الاجتياح البري الإسرائيلي للبنان عملت تل أبيب علي مشروع اتفاق لخلق علاقة سلمية بين إسرائيل ولبنان، فكانت معاهدة "17 أيار".


كواليس المعاهدة 


36 جولة من المفاوضات التي بدأت في ديسمبر عام 82 برعاية أمريكية، أسفرت عن توقيع "معاهدة" تقضي بإنهاء حالة الحرب بين لبنان وإسرائيل وانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان خلال 8-12 أسبوعا من سريان الاتفاق، بالإضافة إلي  تأليف لجنة اتصال مشتركة "لبنانية- إسرائيلية- أمريكية" للإشراف على تنفيذ الاتفاق، وإنشاء مكاتب اتصال في البلدين، بجانب إمتناع كل فريق عن أي شكل من أشكال الدعاوى المعادية للفريق الآخر، وإلغاء المعاهدات والقوانين والأنظمة التي تعتبر متعارضة مع هذا الاتفاق.



كما نصّ الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيليّة بعد خروج القوات السورية ومنظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وعدم نشر أسلحة ثقيلة في الجنوب اللبناني.


تأييد حكومي ورفض شعبي


عقد مجلس النواب اللبناني جلستين للنظر بالاتفاق، يومي 13 و14 فبراير 1983، حضرهما 72 نائبا، حيث صوت معظم الأعضاء لصالح الاتفاق وألقى خلالها رئيس الحكومة شفيق الوزّان كلمة دافع فيها عن المعاهدة وضرورة إبرامها تمهيدا لـ"تحرير الوطن" وبعد الجلستين، اعتبر رئيس مجلس النواب وقتها كامل الأسعد موقف المجلس "حضاريا"، بحسب ما ذكرت "النهار" اللبنانية.



رفض غالبية اللبنانيين الاتفاق، ووصفوه بـ"اتفاق العار"، ودعا رئيس حركة أمل نبيه برّي الجيش اللبناني للتمرد على أوامر قيادته العسكرية، ووصف معاهدة 17 أيار بأنها اتفاقية الذّل والعار.


وقد كان توقيع الاتفاقية تداعيات على مستوى الداخل اللبناني أبرزها نشوب الاقتتال الداخلي، فمنذ ذلك التاريخ، بدأت المتاعب الفعلية في لبنان. ففي 19 مايو اندلعت حرب الجبل التي انتهت في 19 سبتمبر 1983 بسيطرة الحزب التقدمي الاشتراكي على كل القرى الجبلية، تلتها انتفاضة 6 فبراير 1984 في بيروت وسيطرة القوى الرافضة لاتفاق 17 أيار على القسم الغربي من العاصمة.



وشهدت هذه الفترة تصاعد وتيرة استهداف القوات الإسرائيلية والأجنبية داخل لبنان، خاصة بعد حادث مقتل عدد كبيرمن قوات المارينز والمظليين الفرنسيين في 10 أكتوبر 1983.


إلغاء الاتفاقية


و بعد أقل من عام على اعتماد الاتفاقية، وبالتحديد في 5 مارس 1984، ألغيت الاتفاقية وقال عنها مجلس الوزراء اللبناني: "المستجدات الطارئة على الساحة اللبنانية تفرض التخلي عن هذه الوسيلة التي كانت معتمدة لتحقيق هذه الغاية"، مبررا إلغاء اتفاق 17 أيار.