التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 09:58 ص , بتوقيت القاهرة

السعودية تتحدث عن نفسها: ثلاثة مشاهد ثلاثة أغراض

متتبعو السياسة الإقليمية والدولية خلال الأسبوع الماضي يجب ألا تفوتهم ثلاثة مشاهد، مترابطة، وذات دلالة مهمة جدا، ثم بالنسبة للمصريين تجيب عن سؤال متداول، رغم أن مصر ليست موجودة في أي منهم:

1. غياب ملك السعودية عن قمة كامب ديفيد:

رغم كل التصريحات الدبلوماسية التي تقلل من شأن هذا الغياب، فليس غيابا عاديا. الدعوة مقدمة من رئيس القوة العظمى بصفته، لبحث موضوع هام جدا دوليا وإقليميا، هو موضوع الملف النووي الإيراني. تجاهل الدعوة من قبل الملك سلمان بن عبد العزيز معناه أنه غير راض عن المسار، ولا مقتنع بجدوى المحادثات.

2. تقارب سعودي قطري تركي:

السعودية تتحرك إقليميا لزيادة الضغط على سوريا، تواكبا مع حرب نفسية إعلامية تذيع أخبارا عن اغتيال لبشار الأسد، وأخرى عن انقلابات عليه، وثالثة عن تجهيز قيادات علوية بديلة له. في نفس الوقت أخبار عن توحد صفوف فصائل من المعارضة السورية.

3. زيارة سعد الحريري إلى روسيا:

العلاقات السعودية الروسية متوترة عادة. كلنا يذكر تعليق وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بن عبد العزيز في القمة العربية في القاهرة على رسالة الرئيس الروسي إلى القمة، والتي حمل فيها روسيا مسؤولية استمرار نظام الأسد في سوريا. في التعديلات الملكية الأخيرة تولى السفير عادل الجبير منصب وزير الخارجية خلفا للأمير سعود، بعد 40 سنة كاملة قضاها في المنصب. هذا من جهة. من جهة أخرى العلاقة الوثيقة بين سعد الحريري والسعودية، بالإضافة إلى تطابق مصالحهما في الملف السوري، تعني أن في الزيارة رسالة سعودية إلى روسيا.

يحدث هذا في نفس الأسبوع الذي التقى فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف (أول لقاء وجها لوجه مع بوتين منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية). اللقاء حسب بيان الخارجية تناول الشأن السوري، وسبل التوصل إلى "حل سياسي"، هناك.

هذا مهم جدا حين نتحدث عن الأغراض، وسنوجزها في ثلاثة:

1. تسعى السعودية حثيثا إلى سباق الوقت. تريد تغييرا في سوريا تسبق به توصل الدول الغربية وأمريكا إلى اتفاق نووي، سيكون من شأنه رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وبالتالي تمكينها من تحمل عبء اقتصادي لمشاريعها الإقليمية، ومنها الحفاظ على بشار الأسد. هذه نقطة خلاف أساسية بين السعودية وأمريكا. التوقيت. الغرض الأساسي للسعودية إسقاط نظام الأسد، وبالتالي ضرب الحلقة الإيرانية الأهم، وقطع شريان الإمداد عن حزب الله. أما الغرض الأساسي لأمريكا في سوريا فهو الحل الذي يضمن عدم وصول متطرفين إلى السلطة في دمشق.

2. حتى لو لم يتحقق الغرض السعودي من إسقاط نظام بشار الأسد فلها في زيادة الضغط عليه غرض آخر لا يقل أهمية. هو دفع إيران إلى مزيد من الأفعال/الأخطاء التي تكشف سلوكها وتصعب بالتالي من مهمة أوباما في الترويج لاتفاقه معها، أو على الأقل تحسن شروط الدول الخليجية للموافقة على هكذا اتفاق. وهي الشروط التي يشير غياب الملك سلمان إلى عدم تحققها حتى الآن، وإلى غضب السعودية من المطروح بشأنها.

3. ربما لا يتحقق هذا الغرض أيضا كما تريد السعودية. في هذه الحالة يتحقق غرض ثالث في الترتيب. هو استباق الوضع لتحسين موقف خصوم إيران وخصوم حلفائها ميدانيا. على غرار غرض ما يحدث في اليمن إثر عاصفة الحزم.

على هامش المشاهد والأغراض هناك رسائل لا بد من ملاحظتها. منها مثلا إحياء أو تنشيط ملف اغتيال الحريري، وهو ملف تدنى الاهتمام به منذ اعتلى أوباما كرسي الحكم. وهو وسيلة ضغط على إيران وحلفائها، ورسالة طمأنة أمريكية للسعودية.

نأتي هنا إلى ما يهم مصر. وهو ما سبق أن أشرت إليه في مقالات سابقة. الخطط السعودية في سوريا واليمن تحتاج - إلى جانب قطر وتركيا - إلى الإخوان. تحتاج إليهم بشدة. من هنا يأتي الغزل السعودي غير الرسمي معهم. والذي أفهمه كمصري من هذا المدخل، وليس من مدخل خلاف مصري سعودي. قد يدعم ما أقول التهدئة النسبية في ليبيا منذ القصف المصري انتقاما لذبح مواطنيها. وكذلك تصريحات وزير الخارجية القطري خالد العطية عن مصر لصحيفة لوموند الفرنسية.