في ذكرى النكبة.. "المسيرات" صوت فلسطين في وجه الرصاص
لم يعد الخامس عشر من شهر مايو بالنسبة للفلسطينيين، يوما للبكاء على الأطلال، والحسرة على "أيام الدوة" وأشجار الزيتون والرمان، فمع مرور67 عاما على "النكبة" أصبح وعي الشعب الفلسطيني بقضيته أكثر إلماما وشمولا، وبات الحراك الشعبي يشكل بؤرة كبيرة للتمسك بحق العودة.
في هذا السياق، جابت المسيرات السلمية والفعاليات الشعبية شوارع الداخل المحتل لإحياء ذكرى النكبة، تشاركها المدن الفلسطينية في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، كما ينضم إلى جانبهم الجاليات العربية والأجنبية للمطالبة بضرورة تطوير النضال المشترك لتحقيق حق العودة.
مواجهة النضال السلمي
يقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية النائب، مصطفى البرغوثي، لـ"دوت مصر": "إن إسرائيل تدعي أنها الضحية، لكن النضال السلمي عرَّاها أمام العالم، حيث تواجه هذا النضال الذي يتعاظم في ذكرى النكبة بالشراسة العسكرية".
ويضيف أن :"إسرائيل تخشى المسيرات السلمية التي يشارك فيها الفلسطينيون دون استثناء، لمعرفتها فعالية المقاومة الشعبية، فضلا عن أنها تكشف مزاعمها وزيفها أمام العالم".
ويوضح "البرغوثي" أن ذكرى النكبة فارقة وعظيمة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وتعد يوم نهوض للمقاومة الشعبية السلمية بين عموم الفلسطينيين، ويوم وحدة للنضال الفلسطيني، حيث يوحد الداخل المحتل منذ 1948 مع الضفة وغزة والشتات.
ويشير النائب الفلسطيني إلى أن المقاومة الشعبية التي يعمل الفلسطينيون على تطويرها منذ أكثر من 10 سنوات وصلت إلى ذروتها خلال مسيرات يوم الأرض والنكبة، حيث عملت على توحيد النضال السلمي وحركات التضامن الدولي التي تتواجد في جميع المدن والقرى الفلسطينية.
ويوضح الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية أن "المسيرات السلمية تؤكد صحة الاستراتيجية للجمع بين النضال السلمي وحركة التضامن الدولي وقطع الطريق على إسرائيل، فهي تحقق أهدافها بشكل أفضل من المفاوضات التي لم تقدم أي شيء للفلسطينيين".
وأردف: "إن المقاومة الشعبية السلمية تسير في الاتجاه السليم، وكل ما تريده أن تجعل تكاليف الاحتلال أكثر، فهذا النضال يغير ميزان القوى لدى إسرائيل ويهدد اقتصادها، ويكلفها خسائر هائلة في التصدي للمسيرات السلمية من جيش وعتاد وأسلحة".
ويري "البرغوثي" أن ما يدفع الفلسطينيين بجسدهم العاري للتصدي للترسانة العسكرية الإسرائيلية خلال مسيرات النضال السلمي، هو الشعور بالكرامة والحرية، ورفضهم أن يكونوا أذيالا للاحتلال.
رسالة حضارية
تحمل المقاومة الشعبية، بحسب النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي، أحمد الطيبي، رسائل حضارية وإنسانية عن وقف الظلم والاحتلال، توجه إلى العالم لمعرفة حقيقة الاحتلال المزيفة.
ويشير النائب العربي إلى أن الحب المطلق لفلسطين والرغبة في العيش بكرامة وحرية، هو ما يدفع الفلسطينيين للخروج بمسيرات سلمية، رافعين شعارات التمسك بأرضهم وحقوقهم المسلوبة.
ويستطرد: "إن إسرائيل لا تقبل بأي نوع من المقاومة سواء كانت سلمية أو شعبية أو مسلحة، بل تريد من الفلسطينيين والعالم قبول احتلاها الأراضي الفلسطينية وشكرها عليه، ولكن هذه الوقاحة الإسرائيلية يجب أن تواجه بتصعيد كبير من المقاومة السلمية".
ويشير "الطيبي" إلى أن إسرائيل تخشى المسيرات السلمية وتواجهها عسكريا، لأنه المقاومة السلمية أثبتت نجاعتها، كما أنها تحرج الاحتلال أمام العالم أكثر من أي أسلوب آخر، لاسيما أن بعض القيادات العسكرية الإسرائيلية اعترفت بعجزها عن مواجهة هذا النوع من المقاومة.
نموذج للظلم
من جهة أخرى، يؤكد مسئول مكتب شؤون اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ياسر علي، أن تطور التمسك بحق العودة عبر الأجيال يثبت سيره تجاه تحقيق الهدف الصحيح.
ويتابع: "إن النكبة تشكل نموذجا للظلم، وانتفاضة الشعب الفلسطيني على الظلم إحدى نماذج النضال الشعبي في هذا العصر، وبذلك أصبح هذا الشعب النموذج والقدوة على أرض خصها الله وما حولها بميزتين لم يخص بهما أي أرض أخرى، هما: القدسية، والبركة، وقد بات النصر والعودة حتمية تاريخية نسير إليها بخطى ثابتة".
ويواصل: "يوم ذكرى النكبة يشكل ذروة العمل على مدى عام كامل، وبالتالي فإن أهمية هذا اليوم تتجسد في تفعيل الحراك الشعبي لرفع منسوب هذه الذكرى في الوجدان الجمعي، وزيادة التحركات العملية للمطالبة بحق العودة".
في هذا الصدد أصبحت مسيرة حق العودة، ومسيرة القدس، ومؤتمر فلسطينيو أوروبا، نقطة تحول في تاريخ الشعب الفلسطيني.
ويشير مسؤول مكتب شؤون اللاجئين في لبنان إلى أن "المسيرات السلمية حققت قفزة نوعية في وسائل الصراع مع العدو، وغيرت أسلوب عمل اللاجئين، وفضلا عن تغييرها الكبير في بيئتهم في التفاعل مع قضيتهم، أظهرت قدرة الجيل الجديد من اللاجئين على نصره قضيتهم التي ورثوها عن الآباء والأجداد".