التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 09:34 م , بتوقيت القاهرة

الحوار الصعب في كامب ديفيد

تعقد غدا، الخميس، القمة الأمريكية الخليجية بمنتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة. الرئيس أوباما أعلن في حواره مع الصحفي الأمريكي توماس فريدمان فى إبريل الماضى أن الحوار مع دول الخليج " سيكون صعبا، ولكنه حوار لابد منه."


ماسبب صعوبة الحوار؟


السبب الرئيسى في ذلك هو أن الرئيس أوباما يتبنى رؤية لمنطقة الخليج تختلف عن رؤية الدول العربية بهذه المنطقة، رغم التصريحات الوردية من الجانبين.


ونقطة الخلاف الرئيسية تتعلق بإيران.


رؤية أوباما تنطلق مما أصبح يعرف بـ "مبدأ أوباما"، والذي يقوم على أن سياسة الارتباط والحوار مع الدول المتشددة، سيؤدي لتحويلها إلى دول معتدلة وخاصة بعد دمجها في النظام الدولي. ويرى أوباما أن اتباع هذه السياسة مع إيران سوف "يخدم المصالح الأميركية أفضل بكثير مقارنة مع عقوبات وعزلة لا نهاية لهما"، خاصة أن العقوبات الاقتصادية لم تغير من السلوك الإيرانى فيما يتعلق ببرنامجها النووي.


في حواره مع توماس فريدمان، والذي من المتوقع أن يكرر مقولاته في حواره مع قادة الخليج فى كامب ديفيد، يقول أوباما: "إننا أقوياء بما يكفي حتى نستطيع اختبار هذه الأمور بدون أن نعرّض أنفسنا للخطر"، مضيفًا "علينا أن نقوم باختبار ما إن كانت سياسة الارتباط  ستفضي إلى نتيجة أفضل.. وإذا تبين أن ذلك لا يفضي إلى نتائج أفضل، فيمكننا أن نقوم بتعديل سياساتنا".


 وبالنسبة لإيران  يقول أوباما: "صحيح أنها بلد أكبر، وبلد خطير، وسبق أن انخرط في أنشطة تسببت في مقتل مواطنين أميركيين، ولكن الحقيقة هي أن ميزانية الدفاع الإيرانية تبلغ 30 مليار دولار في حين تبلغ ميزانيتنا الدفاعية ما يناهز 600 مليار دولار. فإيران تدرك أنها لا يمكنها أن تقاتلنا"، ويضيف "ومن يدري؟ فقد تتغير إيران. أما إذا لم تتغير، فإن قدراتنا الردعية وتفوقنا العسكري سيظلان كما هما".


باختصار أوباما يريد اختبار مبدأه مع إيران، ويرى أن إيران لا يُمكن أن تفكر في الدخول في حرب مع الولايات المتحدة بسبب التفاوت الكبير في القوة العسكرية بين البلدين.


ولكن الأخطر من ذلك أن أوباما يرى - وسيكرر ذلك في قمة كامب ديفيد- أن أكبر التهديدات التي تواجه دول الخليج العربية "ربما لن تأتي من غزو إيراني وإنما من مشاعر الإحباط والاستياء داخل بلدانهم"، أي يرمي الكرة داخل الملعب الخليجي، ويطالب دوله بالتركيز على التهديدات الداخلية وليس خطر إيران الخارجي.


الطرف الآخر في الحوار وهو دول الخليج تتبنى وجهة نظر مختلفة تقوم على أن إيران ماتزال تمثل تهديدا لها، وسيزداد هذا التهديد بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها، و إيران لاتزال تتبنى مبدأ "تصدير الثورة"، وتستخدم فى ذلك أدوات مثل شبكات التمويل ودعم الميليشيات المسلحة وإقامة تحالفات مذهبية وطائفية فى عدد من الدول العربية، وأن تخلي إيران عن سياساتها التوسعية هو مجرد أمنيات، ويخطئ أوباما في اعتقاده أن دمجها في النظام الدولى سيحقق ذلك.


ماذا سيطرح أوباما فى قمة كامب ديفيد؟


سيطرح أوباما على دول الخليج العربية تعهدا شفويا بالوقوف إلى جانبها في حالة تعرضها لاعتداء خارجي، ولكن رفضت إدارة أوباما أن يأخذ ذلك شكل التعهد الوثائقي كما هو الحال بين الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلنطي.


سيطرح أوباما أيضا قيام الولايات المتحدة بتعزيز القدرات العسكرية لدول الخليج من خلال صفقات جديدة للسلاح بمليارات الدولارات سيكون المستفيد الأساسى منها بالتأكيد هو الاقتصاد الأمريكي.


وكأن الولايات المتحدة أخرجت العفريت الإيراني من الزجاجة التي تم احتواؤه داخلها لسنوات لخدمة مصانع السلاح الأمريكية .


ماهو الطرح العربي؟


الطرح العربي يجب أن يقوم على محورين. الأول هو الحفاظ على علاقة طيبة مع الولايات المتحدة بشكل عام، فمازالت هي المصدر الأساسى لتسليح دول الخليج. وثانيا تبني درجة أكبر من الاستقلالية عن الموقف الأمريكي في التعامل مع قضايا الخليج وخاصة التهديدات الإيرانية و مكافحة الارهاب بشكل كبير. وقد ظهرت هذه الاستقلالية فى التعامل الخليجى و العربى مع القضية اليمنية.


سياسة أوباما الجديدة تجاه إيران تستهدف تحقيق المصالح الأمريكية، ومن حق دول الخليج العربية أن تتبنى هي الأخرى السياسة التي تحقق مصالحها.


وأهل الخليج أدرى بشعاب منطقتهم والمخاطر التي تواجهها.