"حريات الصحفيين": الداخلية تصر على ممارسات تكميم الأفواه
قالت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، في تقريرها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، إن الصحفيين في مصر يتعرضون لانتهاكات مروعة، تقوم بها السلطات، مستهدفة منع الصحفيين من نقل الوقائع من الأرض للجمهور، ودخل على خط الاعتداء على الصحفيين وانتهاك حق المصريين في الحصول على المعلومات مجموعات من المواطنين وفلول الإرهاب.
وأوضحت لجنة الحريات أن هذا التقرير يأتي بالتعاون مع 5 منظمات حقوقية لرصد طبيعة هذه الانتهاكات ووسائلها، والقيود المفروضة على العمل الصحفي في مصر، ووضع صورة كاملة عن معاناة الصحفيين، أمام الجماعة الصحفية والرأي العام.
وأشارت إلى تزايدت الانتهاكات بشكل غير مسبوق، وأن العمل الصحفي، أصبح مهنة خطرة، تعود بنا لوضع أكثر سوءًا من الوضع الذي كان سائداً في عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك.
ويشمل التقرير الشهور الأولى من عام 2015، وما جرى فيها من انتهاكات، جعلت العمل الصحفي في مصر مغامرة خطرة، قد تنتهي بصاحبها في السجن، وسط حالة من انعدام الشفافية، وإصرار مستمر من بعض أجهزة الدولة (خاصة وزارة الداخلية)، على استنساخ أساليب القمع، وعودة ممارسات تكميم الأفواه واستهداف الصحفيين، وهو ما يدفع ثمنها ليس الصحفيين فقط ولكن الجمهور أيضا، الذي يعتمد على الصحافة للحصول على المعلومات الموثقة، التي لم تضع الدولة حتى الآن قوانين لتنظيم تداولها- بحسب ما ذكرته اللجنة.
ولفتت اللجنة إلى ظهور مؤشرات إيجابية رغم الانتهاكات التي تقع، ولكنها غير كافية،ومنها صدور حكم بتبرئة مصور شبكة يقين أحمد جمال زيادة بعد 487 يوما في السجن، والإفراج عن 3 من صحفيي الجزيرة الإنجليزية على ذمة قضيتهم، وكذلك إخلاء سبيل الزميلين أحمد مسعود صحيفة اليوم السابع، وأيمن صقر صحيفة المصريون، رغم استمرار نظر قضيتهما.
ورصد التقرير، تصاعد الشكاوى من انتهاكات يتعرض لها الزملاء المحبوسين على ذمة القضايا وصلت لحد تعذيبهم ومنعهم من الزيارات، وكذلك مواصلة أجهزة الأمن لاستهداف الصحفيين العاملين في الميدان، خاصة المصورين خلال تغطية الأحداث، وهي الشكاوى التي رصدتها شعبة المصوريين بنقابة الصحفيين، وتمثلت في الاعتداء على الزملاء وتكسير الكاميرات، والمنع من التصوير أو مسح الصور التي تم التقاطها للأحداث.
كما رصد التقرير دخول المواطنيين العاديين لخط الاعتداء على الصحفيين، والتي ظهرت في العديد من الوقائع خلال الفترة الأخيرة، خاصة مع الصحفيين الميدانيين ووصلت لحد منع بعض الزملاء من ممارسة عملهم والاعتداء عليهم.
وندد التقرير بالممارسات الإرهابية التي جاءت لتكمل الدائرة الجهنمية لاستهداف حرية الصحافة والإعلام وتقف عائقا أمام نقل وتدفق المعلومات للمواطنين، وهو ما ظهر في التهديدات التي طالت العديد من العاملين في مجال الاعلام، وكذلك في استهداف أبراج الكهرباء المغذية لمدينة الانتاج الاعلامي والبيان الصادر من أحد المجموعات الارهابية بعدها بتبني التفجير والذي وصل لحد التهديد الواضح بالقتل، حيث اعلنت المجموعة إن "قطع الكهرباء ليس بديلا عن قطع الرؤوس والألسنة" طبقا لنص البيان.
ويري واضعو التقرير أنه رغم الانتهاكات التي تم رصدها إلا أن تظل هناك نقاط مضيئة وسط الأحداث بدأت بمواد الصحافة في الدستور، والتي جاءت معبرة بشكل كبير عن أغلب طموحات الجماعة الصحفية.
وقال التقرير إن أساليب انتهاك حقوق الصحفيين توعت خلال فترة الرصد، ما بين الحبس الاحتياطي واقتحام المنازل للقبض، وتلفيق التهم، وإصدار أحكام شديدة القسوة، مع تعسف واضح ضد كل محاولة لرصد الانتهاكات التي يتعرض لها الزملاء في ميدان العمل.
وبتوزيع الانتهاكات ضد الصحفيين على فترة الرصد، جاء شهر يناير 2015، كأكثر الشهور خلال العام الحالي التي شهدت انتهاكات ضد الزملاء، وذلك لارتباطه بذكرى الثورة، حيث شهد 57 حالة انتهاك، منها 36 حالة موثقة، فيما وصل عدد الانتهاكات في فبراير إلى 29 حالة انتهاك (بينها 14 حالة موثقة بشكل كامل).
وفي مارس وقعت 40 حالة انتهاك تم توثيق 21 منها، ليصبح العدد الإجمالي للانتهاكات 126 انتهاكا خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام.
وطبقا للرصد فإن الصحافة الإلكترونية (شبكات اخبارية ومواقع)، كانت الأكثر عرضة للانتهاكات خلال فترة الرصد حيث تعرض صحفيوها لما يزيد عن 50 انتهاكا، فيما يأتي في المرتبة الثانية الصحف الخاصة، بينما حلت القنوات الأجنبية في المرتبة الثالثة بفارق كبير، حيث سجلت 4 انتهاكات ضد صحفييها، فيما حلت الصحف الحكومية في المرتبة الرابعة بثلاث انتهاكات ضد الزملاء العاملين فيها.
أما التوزيع الجغرافي للانتهاكات، حسب فترة الرصد، فتصدرته القاهرة، تلتها محافظة الجيزة، ثم الإسكندرية في المركز الثالث.
وعن الجهات التي انتهكت حقوق الصحفيين، فهي على الترتيب: وزارة الداخلية بأكثر من (60 انتهاكا) ثم الجهات الحكومية والمسؤولين بـ(27 انتهاكاً)، ثم أفراد مدنيين أو يرتدون الزي المدني، انتهاء بالتيارات المعارضة لنظام الحكم، والارهابية التي انتهكت حقوق الصحفيين وحق المواطنين في الحصول على المعلومات في العديد من الوقائع ووصلت لحد التهديد بالقتل.
واستعرضت اللجنة عددا من الانتهاكات، مؤكدة أنها رصدت أيضا تسريبات خلال الفترة الأخيرة تشير إلى انتهاء لجنة حكومية تابعة لمجلس الوزراء من وضع التشريعات الإعلامية المكملة للدستور، وأن الحكومة قامت بإحالتها للجنة الإصلاح التشريعي تمهيدا لإصدارها بالمخالفة لنصوص الدستور والتي تشير إلى ضرورة العودة لنقابة الصحفيين باعتبارها الجهة الممثلة للاعلام عند وضع هذه التشريعات، وهو ما يكشف عن نية حكومية لفرض هيمنتها على وسائل الإعلام.
ورصد التقرير صدور تعليمات من مسؤولين حكوميين في وزارات الداخلية والتموين والزراعة، لتابعيهم بعدم الإدلاء بأحاديث صحفية أو بيانات للصحفيين، رغم النص بشكل واضح في الدستور المصري على حرية إتاحة المعلومات.
وتابع: "امتدت هذه الممارسات إلى عدد من الجهات الأخرى كالجامعات، ويأتي تكرار هذه الممارسات ليؤكد على ضرورة صدور قانون لحرية تداول المعلومات التي نص عليها الدستور المصري في مادته 68".
وذكر أنه في 10 مارس 2015 تم تداول أخبار عن تغيير الطبعة الأولى من جريدة "الوطن" بسبب تحقيق عن امتناع أكثر من جهة سيادية بالدولة، عن سداد ضرائب الدخل الخاصة بالعاملين فيها، والتي تبلغ وفق مصادر الجريدة، 8 مليارات جنيه، وقال صحفيون بالجريدة إنها لم تصدر إلا بعد تغيير الموضوع وقام بعضهم برفع صورة من صفحتها الأولى قبل تغييرها وصورة بعد التغيير.
وذكر أن شهر إبريل 2015 شهد وقف برنامجين على خلفيات سياسية ودينية، وهما برنامج الـ"BOSS" للكاتب الصحفي إبراهيم عيسي، على خلفية موقف مقدم البرنامج من الحملة العسكرية السعودية على اليمن (عاصفة الحزم)، وبرنامج إسلام البحيري (مع إسلام) بعد جدل مجتمعي حول محتوى البرنامج وتدخل مؤسسة الأزهر لوقفه.
وأوضح أنه في 4 أبريل 2015 تم مداهمة راديو حريتنا التابع لمركز الأندلس لدراسات التسامح وتفتيش المكان بدعوى معرفة الطريقة التي يتم تحرير بها الأخبار، ومحاولة معرفة التيار الذي ينتمي له الراديو وألقت قوات الأمن القبض على مدير المركز أحمد سميح، وإحالته للنيابة التي أخلت سبيله لاحقا.
و في 12 يناير 2015 بدأت نيابة أمن الدولة العليا، التحقيق مع الزميلين على السيد، رئيس تحرير «المصرى اليوم»، ويسرى البدرى، رئيس قسم الحوادث بالجريدة، في البلاغ المقدم ضدهما من وزارة الداخلية بتهمة نشر أخبار كاذبة تثير الرأى العام، بحضور ممثلين عن نقابة الصحفيين.
اعتمد التقرير على الطلبات التي تقدم بها نقيب الصحفيين إلى الجهات الحكومية حول أوضاع الصحفيين، خاصة في ظل وصول شكاوى من انتهاكات يتعرض لها الصحفيون المحبوسون في بعض السجون ومنع الزيارة عنهم.