التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 03:44 م , بتوقيت القاهرة

السعودية في ثوبها الجديد.. هل تتغير استراتيجية المملكة؟

تشير التغييرات التي أجراها العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، اليوم الأربعاء، إلى اتجاهه لخلق مسار جديدة للملكة على صعد مختلفة، على المستوى الداخلي والخارجي.


التعديلات الجذرية التي أجراها العاهل السعودي بتعيين محمد بن نايف وليا للعهد بدلا من الأمير مقرن بن عبد العزيز، وتعيين محمد بن سلمان وزير الدفاع الصغير في السن نسبيا كولي لولي العهد، تشير نهج سعودي جديد في أروقة الحكم.


فيما كان التغيير الأبرز هو تعيين رئيس الدبلوماسية السعودية في واشنطن عادل الجبير بديلا عن وزير الخارجية السابق، الأمير سعود الفيصل، الذي يدلل إلى أن السعودية تسير بنهج سياسي لا يتبدل على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.



رجال المرحلة


يقول رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، الدكتور أنور ماجد عشقي لـ"دوت مصر": "في ظل عهد الملك سلمان بن عبد العزيز كان هناك تغييران، الأول جاء قبل 3 أشهر، والثاني جاء بعد 3 أشهر، هذه المرحلة أثارت استغراب البعض وهذا ما يؤكد على أننا نمر بمرحلة ما قبل الحزم وما بعدها".


ويتابع بالقول: "مرحلة ما قبل الحزم، كان لها رجال، وما بعد الحزم كان لها رجال أيضا، وهذا التغيير من مقتضيات المرحلة فالمملكة العربية السعودية الآن دخلت مرحلة جديدة هي والأمة العربية، وهذه تقتضي هذا التغيير".


ويشير عشقي إلى أنه "لو نظرنا للذين عينوا في المناصب الجديدة، كانوا يعملون بجد واجتهاد بعاصفة الحزم وقاموا بالتخطيط لها والتنفيذ والمتابعة، وهم رجال المرحلة لهذا قام خادم الحرمين الشريفين بتعيينهم".



خبرة عميقة


ويضيف: "لو تتبعنا وزير الخارجية الجديد، عادل الجبير، أثناء عاصفة الحزم، كان هو اللي يجري بعض التصريحات التي تأتي من الولايات المتحدة، ويتكلم بعقلية الشعب الأمريكي، ونجح في هذا المجال، هو الآن أصبح وزير الخارجية لماذا؟ لأن الأمير سعود الفيصل طلب إعفاؤه بسبب مرضه، حتى ذلك، لم يعفه الملك سلمان من أن يكون مشرفا على وزارة الخارجية، الأمر الآخر والمهم في هذه العملية، أن وزارة الخارجية كان يتسلمها أعضاء من الأسرة المالكة، لكن هذه المرة تسلمها واحد من أبناء الشعب، هذا يدل على أن منطق سلمان أخذ بمبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب دون النظر لأسرة أو منطقة أو قبيلة".



وربط عشقي نتائج التغييرات بما يجري في المنطقة وقال: "عاصفة الحزم زلزال وكانت ارتداداته في بعض مناطق سوريا وكان البعض يعتقد أن إيران قوية وتستطيع أن تقوم بعمل جبار وأن تكون ضد الولايات المتحدة الأمريكية تبين في واقع الأمر أن إيران لا تستطيع وليس لها حول ولا قوة وسبق قلت أن إيران عبارة عن مبنى من ورق، من كان يقف معها اصيبوا بالإحباط وهذا ترك الفرصة للمقاومة أن تعزز مكانتها وتترك بصماتها على الساحة السورية".



علاقة صلبة


في المقابل يقول المحلل السياسي اللبناني، عبد الوهاب بدرخان لـ "دوت مصر": "التغييرات في السعودية مفاجئة في توقيتها، حيث إنه لم يمض 100 يوم على العهد الجديد بقيادة سلمان بن عبد العزيز".


ويضيف: "بالنسبة لولي العهد مقرن بن عبد العزيز، كان تغييره متوقعا ولا توجد مفاجأة في ذلك الخصوص، لكن لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار بأنه خلال المئة يوم من العهد الجديد، أصبح هناك تغيير كبير على مستوى سياسة المملكة العربية السعودية، في شن عاصفة الحزم".


ويتابع بدرخان: "أما بالنسبة لوزير الخارجية السابق، الأمير سعود الفيصل، فمنذ عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، هناك كلام بأن الأمير سعود هو من طلب إعفاؤه، بسبب أوضاعه الصحية، لكن الملك عبد الله طلب منه مواصلة العمل في تلك الفترة".


ويشير بدرخان، إلى أن "الظروف الحالية، وظروف الحرب، أوجدت الاستعانة بعادل الجبير، لأنه من الواضح حاليا أنه في سعي لتوثيق العلاقة مع الولايات المتحدة بشكل صلب، بحيث أنه منع وجود عدم تناغم بين أي قرارات سعودية وخيارات أمريكية".



محمد بن سلمان


يتحدث بدرخان بشكل موسع عن المسألة بالقول إن "تعيين محمد بن نايف كولي للعهد والآخر عادل الجبير للخارجية، فيهما الكثير من الإشارات بأن السعودية تريد أن تكون متناغمة جدا مع الولايات المتحدة وتريد منها أن تكون أيضا واضحة في تأييدها للسعودية، بالنسبة للأمير محمد بن سلمان، في وزارة الدافاع، طبعا لا تزال تطرح تساؤلات حول شخصه، والخبرة التي يملكها، ولأن هذا التعيين غير مسبوق في أسرة آل سعود أن يتسلم شخص في بداية الثلاثينيات من عمره هذه المناصب العليا، وبنفس الوقت يعني هو حجز مكان له في خط العرش".



مسائل إقليمية


ويتابع بدرخان: "الانعكاس الأساسي للتغير في السعودية بدأ في سوريا الآن، لكن بالنسبة لمصر، أعتقد بأنه ربما تكون السعودية تتبع حاليا خيارات ليست منسقة مع القاهرة بالضرورة، وهذا يعود إلى أن مصر حاليا لا تزال في حالة انتقالية وتصحيح السياسات، وفي حالة معالجة كل مشاكل البيت، بالتالي ليست مؤهلة بشكل كامل لممارسة دور إقليمي، لكن مصر عنصر أساسي ومهم جدا للسعودية لكي تستطيع الأخيرة أن تمارس مثل هذا الدور".


وحول ليبيا يقول بدرخان: "لم تمارس السعودية في ليبيا أي دور، لكن هناك تناغم بينها وبين الإمارات، والأخيرة عندها توجه واضح في ليبيا وهو قريب من السياسة في مصر، لكني أقول إن الاتجاه العام الذي خلقته عاصفة الحزم في السياسة العربية يصب في مصلحة المناؤين لمصلحة الحكومة الشرعية في ليبيا".



إرث عبد الله


من جانبه يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، الدكتور شملان العيسى، لـ "دوت مصر": "التغيير مفاجأة للجميع، خصوصا الظروف المحيطة بالمملكة الآن، في حرب في اليمن، وفي محاربة الإرهاب".


ويتابع بالقول: "هناك تغيير جذري على مستوى الحكم في السعودية، ووزارة الخارجية، فالأمير فيصل طلب إعفاؤه لظروف صحية، لكن هناك شيء جديد، أن وزير الخارجية من الشعب، وكما جرت العادة في دول الخليج العربية، أن الوزارات السيادية دائما تكون من أبناء الأسر الحاكمة، والتطور الجديد بلا شك أنه قفزة للأمام، لكن تغيير ولي العهد محمد بن نايف، يعني تخلص من إرث عبد الله تماما، فيبدو أن الملك يثق بالشباب".


ويؤكد شملان أن "التغييرات تصب في مصلحة السعودية ومصالح الولايات المتحدة، كما أعتقد أن السياسات السعودية الخارجية لن تتغير، كون هذا التغيير مربط أكثر بالسياسات الداخلية، فمحمد بن نايف معروف بقوته في محاربة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين".



العهد السلماني


من جانبه يقول الصحفي الكويتي ورئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية، أحمد الجار الله، لـ "دوت مصر": "التغييرات اليوم جرت ضمن هذه تسمى عاصفة الفجر، وهذه عاصفة أخرى غير عاصفة الحزم، ممكن، حيث حقنت في الدولة السعودية شبابية أكثر مما كانت عليه، هذا يدل على أن الملك سلمان، طيلة السنوات التي كان بعيد عن هذا منصب الملك، كانت عيونه مفتوحة على كامل المملكة، فهو يعرف الأشخاص في المملكة، ويعرف مرضها ومكامن قوتها وضعفها".


ويتابع الجار الله: "في الحقيقة هذه الإجراءات التي تمت، لاقت ارتياح من قبل دول المنطقة على المستوى الخليجي والعربي، فهم كانوا ينظرون للمملكة أنها كانت ثقيلة الحركة في ردود فعلها لما يجري في المنطقة، لكن في (العهد السلماني) بدأنا نرى حركة سريعة".


وأشار الجار الله إلى أن ما جرى في عاصفة الحزم غيرت موازين المنطقة، ويمكن هذه الموازين تنعكس ليس على سوريا فحسب، بل على كل المنطقة سواء في ليبيا والعراق والدول التي شهدت عبث إيران فيها".