"أرواح السود مهمة".. النسخة الأمريكية من تجاوزات الشرطة
أمريكا، التي تغنت دوما بالحريات كسيدة للعالم المتحضر، تواجه اليوم حالة من الغليان الشعبي نتيجة الانتهاكات الشرطية بحق مواطنيها من الأصول الأفريقية، وصلت إلى حد فرض حظر التجول ونشر عناصر الحرس الوطني لمواجهة الاحتجاجات الجماهيرية على قتل مواطنين عزل مثل "إريك جارنر" والطفل "تامر رايس" والمراهق "مايكل براون" وغيرهم الكثيرين، "دوت مصر" تستعرض لك النسخةالأمريكية من تجاوزات الشرطة.
بالتيمور .. نوبة جديدة من الغضب الأمريكي
شهدت مدينة "بالتيمور" الأمريكية على مدار الليلة الماضية، اشتباكات بين مواطنين من أصول إفريقية وأفراد الشرطة الأمريكية بعد الانتهاء من مراسم جنازة الشاب "فريدى جراى"، الذى قتل الأسبوع الماضى فى ظروف غامضة بعد القبض عليه قبل قوات الشرطة وفقا لموقع "سى إن إن" الأمريكى.
وكانت إدارة الشرطة فى مدينة "بالتيمور" قد ألقت القبض على "جراى" 25 عاما مطلع الأسبوع الماضى بعد اتهامه بحيازة سلاح والتعدى على شرطى، لينتقل إلى المستشفى بعد إصابته بكسر فى الرقبة وكسور بالعمود الفقرى أدى إلى وفاته، ما جعل الكثيرين يعتقدون تعرضه للتعذيب على يد أفراد الشرطة.
وشهدت جنازة جراي تجمعا كبيرا من السياسيين وأعضاء الحركات المدنية وبعض أسر الأفراد الذين قتلوا مؤخرا على يد الشرطة الأمريكية، دون وجود اتهامات حقيقية، مثل أسرة "إريك جارنر" الذى قتل خنقا على يد شرطى أمريكى فى صيف العام الماضى.
وتصاعدت الاشتباكات بين المواطنين الذين حضروا الجنازة وشرطة بالتيمور، حيث قام المواطنون بإلقاء الحجارة والزجاجات الفارغة صوب قوات الشرطة التى ردت بإطلاق الرصاص المطاطى. وجدير بالذكر أن الشرطة الأمريكية ارتكبت العديد من التجاوزات التى تتمثل فى قتلها لمواطنين عزل من أصول إفريقية مثل "إريك جارنر" والطفل "تامر رايس" والمراهق "مايكل براون" وغيرهم الكثيرين.
مقتل"براون" .. لطمة للحريات
مايكل براون هو شاب أمريكي من أصول إفريقية (18 سنة) وقد توفي بعد إطلاق النار عليه 6 مرات على الأقل من قِبل ضابط شرطة يسمى دارن ويلسون وهو أبيض البشرة، خلال شهر أغسطس 2014، وحصلت ملابسات قتله على شهرة عالمية كدليل على عنصرية الشرطة الأمريكية تجاه المواطنون السود.
وكانت دائرة شرطة فيرجسن قالت لوسائل إعلام أن براون سرق علبة سيجار قيمتها 49$ من متجر قبل أن يطلق عنصر الشرطة النار عليه ويقتله، وفي رواية أخرى قال قائد شرطة فيرجسن توماس جاكسون أن أول اتصال بين الشرطي وبراون لم يكن له أي علاقة بعملية السرقة، وأوضح أن ويلسون الذي كان في سيارة للشرطة أوقف براون لأنه كان يسير في الشارع ويوقف السيارات، لتحصل بعدها مشادة كلامية بين الشرطي وبراون أدت لاعتداء براون على الشرطي ثم فراره ليلاحقه الشرطي ويطلق النار.
"أريزونا" .. رواية الشرطة دوماً محل شك
تجاوزات الشرطة الأمريكية طالت أيضا رجلا أعزل من أصول إفريقية في ولاية أريزونا ديسمبر الماضي، بإطلاق شرطي أبيض النار عليه إثر اشتباهه خطأ في أنه يحمل سلاحا، بحسب مصادر أمنية، وأعلنت شرطة مدينة فينيكس الأمريكية في بيان أن أحد عناصرها حاول اعتقال مواطن أسود يدعى رومين بريزبون (34 عاما) للاشتباه باتجاره بالمخدرات.
وأضاف البيان أن بريزبون حاول الفرار من الشرطي الذي كان يحاول اعتقاله والذي لم تكشف عن اسمه، مكتفية بالإشارة إلى أنه أبيض يبلغ من العمر 30 عاما وله سبع سنوات من الخبرة، ومؤكدة أن المشتبه به رفض الاستجابة "للعديد من الأوامر" التي وجهها إليه الشرطي.
وأكدت المحامية مارسي كراتر وكيلة الدفاع عن عائلة القتيل، أن "هناك العديد من الشهود الذين يشككون في رواية الشرطة"، وأضافت "أنها مأساة.. لم يكن مسلحا ولم يكن يشكل خطرا على أحد".
"ويسكنسن" .. أرواح مهمة
في السابع من مارس الماضي، شيع مئات الأميركيين في ماديسون بولاية ويسكنسون، بوسط الولايات المتحدة، شابا من أصل إفريقي قتله شرطي أبيض بالرصاص، في وقت تجددت فيه الاحتجاجات بولاية ميسوري ضد ما بات يوصف بالممارسات العنصرية للشرطة.
ولبس عدد من المحتجين، خلال الجنازة التي أقيمت قبل أيام، قمصانا كُتبت عليها عبارة "أرواح السود مهمة" وهي العبارة التي استُخدمت في الاحتجاجات التي شهدتها ولايات أمريكية إثر مقتل مايكل براون في فيرجسون بولاية ميسوري.
وكان نحو 1500 شخص قد تظاهروا هذا الشهر في ماديسون للتنديد بمقتل الشاب توني روبنسون (19 عاما) في السادس من الشهر الحالي، ولم يكن روبنسون -وهو ابن لأب من أصل إفريقي وأم بيضاء- يحمل سلاحا عندما تلقى رصاصة قاتلة من شرطي أبيض، وقالت الشرطة إنه هاجم أحد ضباطها أثناء دخوله شقة كانت تصدر منها أصوات مريبة، وكان القتيل بداخلها.
"احتجاجات ضد العنصرية" .. القانون لا يحمي السود
بعد ثلاثة أشهر من المداولات، خلصت هيئة محلفين إلى عدم ملاحقة الشرطي الذي قتل مايكل براون في فرجسون، لأن الشرطي تصرف بموجب الدفاع المشروع عن النفس بعد حصول مشادة بينه وبين براون وأنه بالتالي لا يجوز أن يلاحق قضائيا على قتله الشاب.
وأشعل القرار فتيل الاحتجاجات العنيفة وتوجه مئات المتظاهرين إلى ساحة تايمز سكوير في نيويورك حاملين لافتات سوداء كتب عليها "العنصرية تقتل" و"لن نبقى صامتين" وتندد بـ"عنصرية الشرطة" وردد المحتجون الذين تزايدت أعدادهم مع الوقت "لا عدالة.. لا سلام"، فيما شبه البعض الشرطة بمنظمة كو كلاكس كلان ووجهوا إليها شتائم، حسب وكالة فرانس برس.
وفي واشنطن تجمع بضع مئات المحتجين أمام البيت الأبيض هاتفين "ارفعوا أيديكم لا تطلقوا النار"، الشعار الذي اعتمده المتظاهرون منذ وقوع المأساة في مدينة فرغسون الصغيرة في ميسوري. ورفعوا لافتات كتب عليها "أوقفوا ترهيب الشرطة العنصري" و"حياة السود لها أهمية"، على ما أفاد مراسل فرانس برس في البيت الأبيض الذي رأى الموكب يتوجه نحو مبنى الكابيتول.
وجرت كذلك تظاهرات في بوسطن ولوس أنجلوس وفيلادلفيا ودنفر وسياتل وأوكلاند (كاليفورنيا) حيث قطع متظاهرون طريقا سريعا، وكذلك في شيكاغو وسولت ليك سيتي ولم يذكر وقوع أي حادث بالغ خلال الساعات الأولى من التحركات بالرغم من التوتر الشديد.
علي غرار مصر .. لا إدانة قضائية في "قتل المتظاهرين"
قدم الشرطي الأبيض دارين ويلسون، الذي أردى الشاب الأعزل ذي الأصول الإفريقية مايكل براون قتيلا في مدينة فيرغسون في ولاية ميزوري استقالته من الشرطة لأسباب قال إنها أمنية.
وكتب ويلسون في رسالته بحسب ما نقلت صحيفة "سانت لويس بوست-ديسباتش": "كنت أود الاستمرار في العمل في الشرطة ولكن سلامة بقية عناصر الشرطة والمجتمع بأسره لها أهمية كبيرة جدا بالنسبة لي".
وأضاف "لقد قيل لي إنني في حال استمررت في ممارسة مهنتي سأشكل خطرا على السكان وعلى عناصر الشرطة في فيرغسون، وهو احتمال يتعين علي أن أمنع حدوثه". وكان المحامي نيل برونتريجر وكيل الدفاع عن ويلسون أعلن أن موكله سيستقيل من سلك الشرطة ولن يعود إليه أبدا.