التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 03:36 ص , بتوقيت القاهرة

فيديو| منجدو بني سويف: "المراتب الجاهزة قعدتنا عالقهاوي"

في الوقت الذي كانت مهنة "المنجداتي" في الماضي منتشرة، وكان صاحبها من بين أكثر الحرفيين سيطا وسمعة، حيث كانت تعقد الاحتفالات في وجوده، وكان الناس يكرمون ضيافته بشكل يُظهر المستوى الاجتماعي للعائلة، إلا أن تلك المهنة أصبحت الآن مهددة بالإندثار، في ظل وجود إقبال متزايد من الأسر على شراء المفروشات الجاهزة سواء "مراتب أو أغطية ووسادات".


"دوت مصر" أجرى جولة داخل محلات المنجدين في بني سويف، والذين غيروا نشاطهم، إن لم يكونوا أغلقوا محلاتهم تماما، واستمع إلى شكواهم ومطالبهم.



في البداية يقول عم محمد عبدالله، منجد، بمنطقة الجزيرة المرتفعة ببني سويف، إن المفروشات الجاهزة أصبحت تهدد مهنته، وحياة أسرته، كما أن المنجد أصبح مهمشا، ولم يعد يطرق بابه إلا أعداد قليلة جدا من الزبائن، بسبب توجه كثير منهم إلى شراء بسبب المفروشات الجاهزة من الأغطية المُصنعة والمراتب.


عم عبدالله، الذي يعاني من هذا الوضع، كونه أبا لـ4 أبناء، وتعد مهنته هي مصدر دخله الوحيد، طالب بجعل المعاش من سن 60، بدلا من 65، قائلا: "من يضمن أن يعيش حتى هذا السن!".


أما عم عبداللطيف، وشهرته عبدالتواب، 83 سنة، أقدم منجد في بني سويف، كما هو مشهور عنه، فيقول: "عملت في هذه المهنة، وأنا عمري 12 عاما، ومكناش عارفين ننام من الزبائن في بداية حياتنا".



ويتابع: "من المفارقات العجيبة أني كنت أعمل مرتبة عند إحدى السيدات، وعندما فككت المرتبة، وجدت بداخلها سبيكة من الذهب، فاستدعيت صاحبتها وأبلغتها بذلك، فشكرتني، وأعطتني مبلغا من المال، وقالت إن لها إحدى صديقاتها، كانت قد أودعت عندها 17 سبيكة من الذهب، فحفظتهم داخل المرتبة، وعندما طلبت منها الوديعة، ردت إليها 16 فقط، وتاهت الأخيرة وسط المرتبة، فردتها إلى صاحبتها، بعد أن عثرت عليها".


وأضاف أقدم منجد في بني سويف، أن الأدوات التي كانت تستخدم في عملية "التنجيد"، بسيطة جدا، حيث كانت تعتمد على الـقوس، الذي كان يأتي من القاهرة، إضافة إلى "المدقة الخشب" التي تستخدم في الدق على الغرز، والإبر، وأخيرا المطرقة التي تستخدم في ضرب القطن لفك تيلة القطن.



واختتم عم عبدالتواب بقوله: "بعض (المنجداتيه) قاموا باستبدال القوس بمكينة (الكرداشة)، وهي عبارة عن مكينة تقوم بندف القطن، وتوفر الجهد والوقت، ولكنها غير حنونة على القطن، فهي تعمل على تقطيع الألياف وتقصفها، ما يفقد حشوة الفراش المرونة والمسامية المطلوبتين، ويجعل القطن أكثر استجابة للانضغاط والتلبد بعد فترة وجيزة من عملية التنجيد، علاوة على أن القطن المعالج بالكردشة لا يصلح للتنجيد مرة أخرى".


فيما أكد ابنه مصطفى، والذي يعمل بنفس المهة، "أن المنجد يعرف من جلسته أثناء عملية الدف، حيث يقرفص متكئا على مؤخرته، ثانيا إحدى ساقيه، ممددا الساق الأخرى على امتدادها للتوازن، حيث إن هذه الجلسة تضمن له مرونة في الحركة وتسهل جلب القطن إلى الوتر من كل الاتجاهات".



أما عم محمد سيد حسن، من منطقة الجبالي ببني سويف، يقول: "إن المفروشات الجاهزة خربت بيوتنا، وقعدتنا على القهاوي، وعندما يطرق شخص ما باب المنزل، أعتقد أنه زبون، ولكني أتفاجأ بأنه يطلب مني شراء مرتبته القطن، للتخلص منها، واستبدالها بأخرى جاهزة، فإذا أشتريتها منه، فلمن أبيعها إذن"، مشيرا إلى أن "زبون" الأرياف نفسه أصبح يستبدل المراتب القطن بالجاهزة.