السعودية تتقدم دبلوماسيا في بغداد.. ماذا عن إيران؟
لا يبدو أن العلاقات العراقية السعودية ستكون أفضل حالا بعد تعيين عبد الرحمن الشهري سفيرا للأخيرة لدى بغداد؛ بسبب النفوذ الإيراني الواسع في العراق، وبسبب التشابك الإيراني السعودي في اليمن.
التوجه السعودي نحو العراق الواقع تحت النفوذ الإيراني بشكل كلي، يأتي في مرحلة حساسة للمملكة التي تخوض حربا مفتوحة ضد الحوثيين في اليمن، وتشارك ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، حيث تسعى السعودية لإيجاد عمق استراتيجي لها في مناطق باتت خارج سيطرة الحكومات المحلية، وإضافة لتحولها مرتعا لميليشيات ومسلحين.
ورغم أن الكثير من المراقبين يرون ضرورة عودة العلاقات السعودية العراقية التي عانت من قطيعة بلغت أكثر من ربع قرن، يرى البعض الآخر وجوب بدء مرحلة تفهم الأوضاع الحالية ووضعها ضمن إطار تفاهمات لا يخرج إلى بوتقة الصراع العسكري.
قرارات غير منضبطة
رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإسراتيجية بجدة، الدكتور أنور عشقي، قال في حديث لـ"دوت مصر": بالنسبة للعلاقات السعودية العراقية، بعد أن جاءت الحكومة الجديدة، الوضع تحسن كثيرا، ووصل لدرجة أن السعودية عينت سفيرا مقيما في بغداد عبد الرحمن الشهري، فالسعودية الآن أدركت أنه لا بد أن يكون هناك علاقات جيدة مع العراق، وخاصة علاقات دبلوماسية.
ويتابع عشقي، من مدينة جدة السعودية، إن هذا الوضع لن يؤثر على إيران، مع أن علاقات إيران والمملكة السعودية الحالية غير قوية، لأن القرار السياسي في إيران غير منضبط، فمرة يهدد وزير الخارجية الإيراني السعودية، ومرة يقدم مقترحا غير مكتمل لحل الأزمة مع الحوثيين.
وحول انعكاس التعيين الجديد على العلاقة الأمنية ومشاركة السعودية بالحرب ضد داعش، قال عشقي: تدخل السعودية على الأرض في العراق لا يمكن، العراق لا يريد مشاركة برية من أحد برغم وجود مستشارين عسكريين إيرانيين على أرضه، لكن السعودية تنأى بنفسها عن ذلك إلا أذا طلبت العراق من السعودية التدخل.
خطة استيعاب
المحلل السياسي العراقي إحسان وفيق السامرائي قال لـ"دوت مصر": لا أعتقد أن الظروف الدولية والداخلية للعراق، تحدد الموقف بالنسبة للعلاقة مع السعودية، فالقطيعة لا يمكن أن تستمر مهما كانت هناك تطورات وأبعاد ومواقف مختلفة بين البلدين.
ويضيف السامرائي: الترتيبات التي تديرها إيران في العراق وفي مناطق عربية أخرى لا بد من إيجاد تفاهمات حولها، ولذلك سمعنا أن وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود فيصل، قال "إن الأمة العربية الجريحة تعاني ويجب وقف معاناتها"، لذلك يجب أن يكون هناك خطة لاستيعاب الخلافات مع إيران.
العامل السني
ويضيف السامرائي: الشيء الآخر هو أن المملكة تسعى لتجنب أي اضطهاد ضد السنة في العراق، لتفادي اضطرابات وتنامي الحركات التكفيرية والمتطرفة داخلها، لذلك المسؤولية المزدوجة تقف عائقا دون تحسين العلاقة بين الطرفين.. ونحن نرى أن الضرورة ملحة للبلدين لعقد تحالف استراتيجي؛ لأن هناك عوامل جامعة مثل العروبة واللغة والتاريخ والامتداد العشائري كلها تربط بين العراق والسعودية.
ويرى السامرائي أن قضية تعيين السفير السعودي هي اقتصادية أكثر منها سياسية، مشيرا إلى ضرورة استقرار العراق، والذي يأتي من خلال التوافق مع دول الجوار، وأن التنسيق مع السعودية سيخلق توازنات مهمة، خصوصا داخل العراق الذي يعاني حروبا كثيرة، ووجود لميليشيات مسلحة.
وكانت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين انقطعت إثر اجتياح القوات العراقية في عهد الرئيس الراحل صدام حسين دولة الكويت، عام 1991.
علاقات اقتصادية
من جانبه يقول الحلل السياسي العراقي وعضو حزب الفضيلة، نديم جبري لـ"دوت مصر": العلاقات العراقية السعودية تمثل نقلة نوعية على المنطقة من الناحية الأمنية والاقتصادية، إذا ما تم التوافق بين البلدين، الذي يؤدي إلى إحداث توازن في المنطقة وهو لصالح المنطقة العربية بشكل عام.
ويشير جبري إلى ذلك في حرب تشرين 1973 عندما أوقف البلدين إمدادات النفط على الغرب والذي كان له تأثير بالغ إثر على الغرب بأكمله.
ويتابع من بغداد: المظهر غير الصحي بين البلدين كان في تدهور العلاقات، والمسؤولية في ذلك تعود للطرفين ولا نعزوه لطرف دون آخر، فالموقف العراقي لديه تحفظ على السياسة السعودية تجاه العراق منذ 2003، الملاحظة الأولى، أن المملكة لم تتفهم التغييرات بعد 2003 في العراق، بنفس الوقت العراق أيضا أخطأ في التعامل المملكة من جهتين، لم يتفهم هواجس المملكة السعودية، وكان عندها هاجسين، الهاجس الأول هم يخشون من تحالف إيراني عراقي ذو عباءة طائفية ويشكل خطرا على الأمن القومي السعودي، وكان يتوجب على العراق أن يكون ضمن خط تحالف استراتيحي مع العرب وحسن جوار مع إيران.
إصلاحات سياسية
المحللة السياسية العراقية جومانة الوردي قالت لـ"دوت مصر": يعني بالتأكيد عودة العلاقات بين العراقي والسعودية كانت تحصيل حاصل لإصلاحات سياسية بدأ فيها رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، خصوصا بعد حكم نوري المالكي للعراق، حيث كان العراق يشهد سوءا مع دول الجوار.
وتؤكد الوردي أن السعودية تدعم الحرب ضد تنظيم "داعش" وبالتأكيد هذا التحالف له مردود إيجابي على الساحتين العراقية والسعودية، والعلاقات المشتركة، التي عادت من خلال تسمية السفير السعودي وتسليم مقر سفارة المملكة السعودية في المنطقة الخضراء ببغداد.
وأشارت إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن تعيد اللحمة بين البلدين التي كانت انقطعت منذ 90 وكانت قبلها تشهد علاقات طيبة وتأمل الأوساط الشعبية أن تعود العلاقات على سابق عهدها.