التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 05:54 ص , بتوقيت القاهرة

سوريا.. ماذا لو ارتهن الحل السياسي بالعسكري؟

تثير التطورات العسكرية على الأرض في سوريا تساؤلات حول وجود توجه إقليمي ودولي لدعم المعارضة السورية، ضد قوات الرئيس بشار الأسد، وأسباب هذا التوجه، بعد متغيرات إقليمية حدثت في المنطقة أهمها عملية عاصفة الحزم والاتفاق النووي المبدئي بين الغرب وإيران.


قد يكون الحديث عن الحل السياسي في هذه المرحلة مبكرا، إلا أن محللين يشيرون إلى أن الهامش المسموح به في سوريا الآن عمليات عسكرية للمحافظة على مناطق سيطرة للمعارضة، ودفع حكومة الأسد لقبول بحل سياسي والذهاب لمؤتمر جنيف 3، تسلم فيه السلطة لهيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، فيما يذهب آخرين إلى أن التطورات هي رد إقليمي على الاتفاق النووي مع إيران الذي لم يرق لهم.


تدفق السلاح
الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، عبد الوهاب بدرخان، يقول لـ "دوت مصر"، خلال شرحه عن الحالة السورية، بأن التطورات القائمة على الأرض مرتبطة على الأقل بعوامل مختلفة، وهي تدفق السلاح للمعارضة من الدول المجاورة، وهذا معطى جديد غير مسموح به سابقا، كانت واشنطن تمنع تركيا والأردن من إعطاء السلاح".



ويتابع بدرخان من العاصمة البريطانية لندن "غرفة العمليات المرتبطة بالوضع السوري لها فرعان، الأول في تركيا، والآخر في الأردن ويشارك بإدراتها الولايات المتحدة، وبالتالي هي تشرف على إعطاء الضوء الأخضر للمعارضة للهجوم على مواقع وتوسيع نطاق سيطرتها لتحسين المواقع السيطرة للمعارضة".


لا ضوء أخضر
يوضح بدرخان أن هذا التقدم القائم للمعارضة السورية "لا يشمل ضوءا أخضر لشن هجمات واسعة لإسقاط النظام عسكريا حتى الآن، فالدول الإقليمية التي تساعد المعارضة، هي التي ضغطت في الآونة الأخيرة من أجل توحيد الفصائل، وتمكنت من توحيد أكبر عدد من الفصائل في الشمال، وتعرف الآن الفصائل في الفتح، أما في الجنوب احتفظوا بتسمية الجيش الحر".



ويشير إلى عامل آخر، هو مشاركة جبهة النصرة في هذه المعارك، بشكل أو آخر وبشكل واضح ومتقدم أحيانا "ما يعني الأمريكان رأوا غض النظر عن ذلك، ونحن رأينا نقاش في الأسابيع الأخير حول فك ارتباط النصرة جزئيا أو كليا بالقاعدة والظواهري برر للنصرة هذه الإمكانية بشرط وجود مصلحة في ذلك".


إلى ذلك، يتقدم العامل الإيراني في المعادلة السورية، ويؤكد بدرخان أن اقتراب التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران جعل الأمريكيين يرفعون الضغط عن آرائهم السابقة، لعمل توازن وإبداء حسن النية تجاه العرب، وفي الوقت نفسه، لإرسال رسالة للإيرانيين بأنه عندما تغير أمريكا خياراتها من الممكن أن تحصل متاعب لهم في سوريا.


الاتفاق النووي


المحلل السياسي اللبناني، المقرب من حزب الله، فيصل عبد الساتر، أكد لـ "دوت مصر" أن العمليات الدائرة في سوريا تأتي في إطار التصعيد المتواصل، خصوصا بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الستة الكبار، وأن بعض الدول الإقليمية لم يرق لها هذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد، فبدأت بالعمل على إشعال القتال بصورة أكبر، علها تستفيد من هذا الفرصة بالسماح أو بالإذن الأمريكي الموجد لديها في اليمن وسوريا وبعض الأماكن الأخرى.



ويتابع عبد الساتر "من الواضح أن التحالف العربي في اليمن انعكس على سوريا، هذا الوضع ربما سحب نفسه على الأرض السورية بشكل أو آخر وأعطيت للمعارضة السورية ربما بعض الأسلحة من خلال المعبر الأردني أو تركيا، وأشير إلى (معلومات تقول أن الهجوم علىمدينة إدلب حدث من خلال نقل مسلحين إلى لواء اسكندرون من ميناء العقبة ومنها للداخل السوري وبالنسبة لمعبر نصيب الحديث بان مسلحي جبهة النصرة دخلوا من الأردن)، فهناك ارتباط بين هذه الدول التي تريد بشكل أو آخر ان تربح بعض بعض النقاط علها تستفيد بالضغط بشكل أو آخر في هذا الإطار".


إرادة أمريكية
يرى عبد الساتر أن مخيم اليرموك هو جزء من المعركة، حيث أكد أنه لا يمكن فصل مخيم اليرموك عما يجري، والأمور متجهة للتصعيد بشكل كبير.


وحول تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما، اعتبر عبد الساتر أنها ليست إعطاء ضوء أخضر للدول العربية بقدر ما هي عبارة عن دق جرس الإنذار على هذه الدول نفسها، فعندما يتحدث بشكل واضح على أن هذا الخطر على هذه الدول ليس من إيران والخارج بقدر ما هو تهديد داخلي كان يتحدث عن البنية المنهكة لهذه الدول، أول مرة نسمع تصريحات وهو يشير إلى عمق القراءة الأمريكية لما يحدث في المنطقة وبطبيعة الحال الأمريكيين في هذا الأمر او غيره من الأمور هم يقطفون ثمار ما يحدث سواء بالسلب علينا أو الإيجاب، يحصدون النتائج باستمرار المعركة في سوريا إلى هذا الحد المستشرس أو باستمرار تدمير اليمن وكل هذا يجري بالإرادة الأمريكية".



من جانبه يقول المعارض السوري والقيادي في "مجموعة عمل قرطبة" السورية المعارضة، أحمد رياض غنام، "تقريبا عاصفة الحزم سترخي بظلالها على الحالة السورية لكن ليس من خلال تدخل مباشرة، ولكن من خلال دعم عسكري مميز ونوعي، مما سيحدث فارق في عملية القتال لصالح المعارضة السورية".



حصار دمشق
ويضيف غنام، "ما قاله الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، يذهب بذات الاتجاه أي أن الضوء الأخضر الأمريكي، ليس في طور التدخل المباشر لكن من أجل دعم المعارضة المعتمدة من دول إقليمية، النظام يدرك أن الخسائر قادمة وستكون كبيرة جدا والجيش لا يستطيع المواجهة".


ويتابع "الهدف الآن محاصرة النظام في دمشق والساحل وحمص، وستصبح خطوط الإمداد مقطوعة وستمارس عليه الكثير من الضغوط، لن يكون هناك مناطق عازلة للطيران لكن الصواريخ المحمولة على الكتف ستكون متوفرة في الجنوب والشمال والوسط، وهذا ما يضعف قدرات سلاح الجو التابع للنظام، الهدف الاستراتيجي من هذا الدعم الدفع باتجاه جنيف 3 وتسليم حكم انتقالي بكامل الصلاحيات دون الأسد".



طموحات بعيدة
المحلل السياسي اللبناني، راشد فايد، قال لـ"دوت مصر"، "من الواضح أن هناك موقف عربي مستجد حاسم في وجه الهيمنة الإيرانية، وإن كان تجلى بوضوح في اليمن، فذلك يعطي إشارات لوجوده على ما يحدث في سوريا".


وتبابع "هناك مواجهة مع إيران وهناك حد أعلى من هذه المواجهة وهو في تزايد، لا يمكن أن نبني عليها طموحا دون قاعدة، الأمور قد تكون تتجه نحو التفاقم ومزيد من التأزم، فهناك قراءات على الأرض ويجب أن نتمعن بها جيدا لا يمكن بناء طموحات بدون مؤشرات، فإيران تسعى لسيطرة على الأرض بشكل واسع".