من محمد علي للإخوان.. أسباب "حل" البرلمان
منذ أن تم حل مجلس الشعب المصري عام 2012 إبان حكم جماعة الإخوان، بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان قانون انتخابات البرلمان، ومصر تعيش منذ هذه اللحظة دون سلطة تشريعية، متمثلة في برلمان يقوم بسن القوانين، لذا كان من الطبيعي أن يقوم بهذا الدور أعلى رأس في السلطة التنفيذية، والتي تمثلت في مؤسسة الرئاسة.
ورغم مرور حوالي عامين ونصف من غياب مجلس النواب، إلا أن مستقبله يظل ضبابيا حتى الآن، وليس هناك رؤى واضحة أو تفاهم مشترك بين الحكومة والأحزاب السياسية، والذين بدأوا اليوم أولى اجتماعاتهم مع رئيس الوزراء للوصول إلى تفاهمات حول قانون تقسيم الدوائر، الذي لاقى اعتراضات من قبل بعض الأحزاب السياسية بمصر.
نستعرض من خلال هذا التقرير أبرز حلقات مسلسل حل مجلس النواب المصري عبر التاريخ، والتي كانت آخر حلقاته عام 2012، وربما لن تكون الأخيرة في السنوات المقبلة.
هناك مرحلتين في تاريخ حل البرلمان المصري، حيث تبدأ المرحلة الأولى في عهد محمد علي باشا، مرورا بالاحتلال الإنجليزي، وتنتهي بثورة 23 يوليو، لتبدأ المرحلة الثانية من الحل، والتي لازالت مستمرة حتى الآن.
محمد علي باشا وأولاده
بدأت الحياة البرلمانية المصرية في عهد محمد علي باشا، تحت اسم "المجلس العالي"، وذلك عام ?1824 واستمر مجلس النواب حتى توفي الخديوي إسماعيل، وتولى ابنه الخديوي توفيق حكم البلاد، الذي كان صاحب أول قرار لحل البرلمان، لعدم موافقته على اللائحة التي أعدها المجلس، والتي كان يعطي فيها لنفسه صلاحيات محاسبة الوزراء والتدخل في بعض المسائل المالية? فرفض اللائحة وأصدر قرارا بفض المجلس في يوليو عام 1879، ليكون بذلك أول حاكم للبلاد يحل برلمانا منتخبا.
فترة الاحتلال البريطاني
أقدمت سلطات الاحتلال على إصدار ما يسمى بالقانون النظامي، الذي انتخب على أساسه ما يسمى بمجلس شورى القوانين عام 1883، وقد كان في حقيقة الأمر مجلسا بصلاحيات إدارية، واستمر حتى عام 1914، حيث استبدله الاحتلال بما يسمى الجمعية التشريعية.
والجمعية التشريعية تلك لم تستمر سوى 6 أشهر? حيث ظهر شبح الحرب العالمية الأولى في الأفق، وبالتالي وللمرة الثانية، يقوم الاحتلال البريطاني بحل المجلس، بعد فرض إعلان الحماية البريطانية على مصر، وإعلان الأحكام العرفية، وظلت مصر متوقفة تشريعيا حتى عام 1923.
وكان دستور عام 1923، نتاج ثورة 1919، التي شملت كل أنحاء البلاد في تلك الفترة، وكان أهم مطالبها هو وضع دستور للبلاد، وبالفعل صدر هذا الدستور الذي أسس لبداية حياة نيابية حقيقية للمصريين، تراعي الفصل بين السلطات والتعاون بينها.
ثورة 23 يوليو
مرحلة ما بعد ثورة يوليو 1952، والتي شهدت عددا من حالات حل المجلس، كان أكثرها عددا في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك "1981-2011".
1958:
عقب قيام الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير 1958، تم إلغاء دستور 56، ما ترتب عليه حل المجلس بعد انعقاده لمدة 9 أشهر.
1961:
بعد الوحدة بين مصر وسوريا، تم تشكيل مجلس أمة جديد مكون من نواب معينين، 400 منهم من مصر، و200 من سوريا. وتم عقد أولى جلسات المجلس في 21 يوليو 1960، واستمر حتى يونيو 1961، وتم حله عقب الانفصال بين مصر وسوريا.
1968:
صدر دستور مؤقت في شهر مارس 1964، تم على أساسه إنشاء مجلس أمة، مكون من 350 عضو منتخب، نصفهم من العمال والفلاحين، و10 نواب معينين، واستمر عمله حتى 12 نوفمبر 1968.
1971:
في يناير 1969، تم إجراء انتخابات جديدة، وتشكيل مجلس أمة، استمر حتى 30 أغسطس 1971، وتم حله عقب إصدار دستور جديد في 1971، وهو حل وجوبي، بعد تغيير قواعد انتخاب وعمل المجلس، الذي تغير اسمه إلى مجلس الشعب.
1976:
أصدر الرئيس السادات قرارا جمهوريا بحل مجلس الشعب بعد اعتراض أعضائه على معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل.
1984:
صدر حكم من المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، الذي تم انتخابه بالكامل بنظام القوائم الحزبية، واعتبرت اللجنة أن القانون حرم المستقلين غير المنتمين لأحزاب سياسية من الترشح.
1987:
صدر حكم آخر من المحكمة الدستورية بحل المجلس الذي تم انتخابه بالجمع بين نظامي القائمة والفردي، واعتبرت المحكمة أن اتساع الدوائر في هذه الانتخابات، لم يحقق عدالة المنافسة للمستقلين، كما أن الأحزاب دفعت بمرشحين لها على المقاعد الفردية.
1990:
أصدرت المحكمة الدستورية حكما بحل مجلس الشعب بسبب عدم دستورية بعض مواد قانون الانتخابات، وأكدت في حكمها أنه "باطل منذ انتخابه"، إلا أن الرئيس مبارك رفض تنفيذ الحكم، واستمر المجلس في عمله لمدة 4 أشهر، أصدر بعدها مبارك قرارا بوقف جلسات المجلس في أكتوبر 1990، ودعا الشعب للاستفتاء على حل المجلس، وظهرت نتيجة الاستفتاء بحل مجلس الشعب، وتم عقد انتخابات جديدة بالنظام الفردي فقط.
2011:
تم حل مجلس الشعب المنتخب في 2010، والذي كان أحد أسباب ثورة يناير، وأصدر المجلس العسكري، القائم بإدارة البلاد في ذلك الوقت، قرار الحل.
2012:
تم حل مجلس الشعب المنتخب عقب ثورة يناير، بحكم من المحكمة الدستورية، بسبب عدم دستورية بعض مواد قانون الانتخابات، وجاءت أسباب حله مشابهة لقرار المحكمة بحل مجلس الشعب في 1990 بأنه "باطل منذ انتخابه".
وبهذا يكون قد تم حل مجلس الشعب 4 مرات بحكم الدستورية العليا، وذلك في أعوام 1984 و1987 و1990 و2012، وتم حل المجلس مرتين بقرار جمهوري، الأول في 1976، والثاني في 2011.