حوار| معتز سلامة: "قوات التحالف" ستتدخل بريا في اليمن إذا عاند الحوثيون
أكد الدكتور معتز سلامة، رئيس وحدة الدراسات الإقليمية والعربية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن عملية عاصفة الحزم حققت إلى الآن الأهداف المرجوة منها، لافتا إلى أن دور قوات التحالف من المرجح أن يزيد الفترة المقبلة ويصل إلى التدخل البري.
وقال سلامة إن حرب اليمن ورقة تستغلها كل من الولايات المتحدة وإيران للضغط على الطرف الآخر، عن حرب اليمن وآثارها كان لـ"دوت مصر" مع الدكتور معتز سلامة هذا الحوار:
بداية.. حدثنا عن نتائج عاصفة الحزم إلى الآن وهل حققت المنشود منها أم لا؟
عاصفة الحزم هي عملية عسكرية بدأت لتحقيق أهداف محددة، وهي عودة السلطة الشرعية للرئيس اليمني هادي منصور، ووقف توغل الحوثيين وتمددهم في اليمن، حتى الآن حققت العملية أهدافها في ضرب المطارات الرئيسية في اليمن، التي يمكن أن يأتي من خلالها دعم عسكري للحوثيين من إيران أو غيرها.
وعملت المعركة على تقطيع الأواصر الرابطة للحوثيين مع حلفائهم سواء كانت عن طريق البحر أو الجو، وهذا من شأنه تقليص قدرة الحوثيين على التمدد داخل اليمن لكن الضربات الجوية وحدها لاتكفي، ويمكن في مرحلة تالية أن يتراجع الحوثيون ويلجأون إلى التقدير السياسي الصحيح للواقع المحيط بهم، بشرط أن ينتهجوا حلا سلميا، وهذا ماوضح من مبادرة سندهم الرئيسي علي عبدالله صالح، حيث أطلق مبادرة تتطالب بوقف إطلاق النار.
هناك مطالبات يمنية بالتتدخل البري في اليمن.. هل أنت مع ذلك؟
إذا لم تسفر الضربات الجوية عن نتائج أساسية لوقف التمدد الحوثي، وزاد عناد الحوثيين وتحالفهم مع علي عبدالله صالح، ففي هذه الحالة سيكون هناك حاجة ملحة للتدخل البري في اليمن، لكن المسألة في اليمن ليست سهلة وستخضع لحسابات عسكرية وفنية دقيقة جدا، فيما يتعلق بالخسائر المتوقعة سواء في صفوف الحوثيين أو المجتمع الميني أو في صفوف قوات التحالف.
وعلى كل حال إذا لم يستجب الحوثيون وحلفاؤهم، فإن التدخل البري سيكون قريبا جدا، والتتدخل البري لن يكون على شكل غزو بري شامل، لكن من خلال خلق بؤر نفوذ في مناطق محددة، يستطيع من خلالها الرئيس اليمني هادي منصور، الإقامة في اليمن أو محافظة محددة، والدفاع عن سلطته الشرعية من خلال قوات التحالف العربي.
هل أنت مع استمرار الضربة العسكرية أم مع الحوار المشروط؟
الحملة العسكرية ليست ضد بلد كله عدو، أو أننا نقاتل دولة عدو؛ لأن الضربة في المقام الأول جاءت من دولة شقيقة، وهناك محاذير تأخذها قوات التحالف حيال الضربة في اليمن، ولن تسعى السعودية إلى تخريب البنية التحتية اليمنية، فهي تحرص لأن تحقق أهدافها دون تخريب، الحوار مطلوب، وهو النتيجة النهائية لأي ضربة عسكرية.
لكن السؤال هنا متى يخضع المنهزم لشروط المنتصر، البوادر الرئيسية تقول إن علي عبدالله صالح وهو طرف رئيسي مع الحوثيين، لديه نوايا في المصالحة والعودة عن سلوكه، لكنه في النهاية يريد أن ينسل وحده في المصالحة وأن يترك الحوثيين إلى مصيرهم، كما يريد أن ينجو بنفسه، وألا يتعرض للمحاكمة.
ماذا لو اشتبكت إيران بصفة رسمية في الحرب أو وصل الجنرال قاسم سليماني إلى اليمن؟
ما تناقلته وسائل الإعلام من اشتباك مصري إيراني عند مضيق باب المندب، لم يحدث لكنه إنذار من البحرية المصرية للجانب الإيراني بالابتعاد عن المضيق، وايران استجابت، إيران لا يمكن أن تتدخل في اليمن، هي تقدم دعما إنسانيا وعسكريا محدودا للحوثيين، كل ما تريده إيران هو زيادة أوراقها في التفاوض مع الغرب، فالاستراتيجة الإيرانية قائمة على دعم الطوائف وليس بناء دول وطنية.
وليس في مقدور إيران محاربة تحالف دولي مكون من 10 دول، أما عن الجنرال قاسم سليماني فهو يجري التقديم منذ فترة أنه بعبع وكأنه يذهب إلى سوريا والعراق واليمن في وقت واحد، هذه مجرد خزعبلات، سليماني ليس بهذا الحجم الذي تم تصويره به، كما أن العمليات العسكرية التي خاضها يتم تسليط الضوء عليها أكثر، والمباغلة فيها أكثر من اللازم.
كيف تفسر الدعم الأمريكي للضربة العسكرية رغم وجود مفاوضات مع إيران حول المشروع النووي الإيراني؟
الولايات المتحدة وإن لم تشارك مشاركة تقليدية في هذه الحرب من خلال قوات عسكرية كبيرة رئيسية، إلا أن ما يحدث في اليمن يصب في مصلحتها أيضا في ورقة التفاوض مع إيران، ويشكل ضغط رئيسي على إيران في وقت حاسم وهو وقت انتهاء المفاوضات حول المشروع النووي الإيراني.
فالولايات المتحدة تضغط على إيران من خلال هذه الحرب، وفي الوقت الراهن فإن الولايات المتحدة تقدم دعما فنيا لوجيستيا لقوات التحالف العربي، وهو ما بدأ من إعلان ذلك حسب مسؤول أمريكي، وأمريكا هي المسؤول عن أمن المملكة العربية السعودية.
عاصفة الحزم يمكن أن تخلق أطرافا أخرى مستفيدة من الحرب كـ"داعش" مثلا.. كيف ترى ذلك؟
ليس هناك أساس من الصحة لمشاركة "داعش" في حرب اليمن، الجيوش النظامية لا يمكن أن تستوعب في معركتها تنظيما متطرفا مثل تنظيم داعش، يمكن مثلا تصور أن يستفيد تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية من هذه المعركة، والمواجهات الراهنة مع الحوثيين، بأن يستولي على مناطق محددة ويعلنها إمارات له، أو أن تعلو كفته على كفة الحوثيين.
فلا يمكن تصور مشاركة تنظيم "داعش" للتحالف العربي، فكيف تأوي قوات التحالف في داخلها ثعابين تحاربها، كما أن هذا لايتفق مع الأسرار العسكرية للتحالف المكون من 10 دول.
هناك توقعات بشأن خلاف باطني بين مصر والسعودية خصوصا في الأزمة السورية، وهو ما بدا في قمة شرم الشيخ إلى أي مدى يصل هذا الخلاف؟
الرهان على أي خلافات بين السعودية ومصر، ليس رهانا صائبا أو صحيحا، الواقع أن هناك توافقا بين البلدين في الأهداف الاستراتيجية واتساق كيبر بينهما، السعودية وقفت مع مصر موقفا تاريخيا في بقاء الدولة المصرية، كما أن المملكة في حاجة إلى دور مصر والعكس صحيح.
وما عبر عنه سعود الفيصل وزير خارجية السعودية، هو تعبير تلقائي جدا ومعبر عن موقف السعودية تجاه سوريا، كما أن مصر ليست من مصلحتها توسيع فجوة الخلافات مع السعودية، وإذا لم تتحقق المساعي المصرية حيال الأزمة السورية أعتقد ان البلدين سيتفقان على مسار معين في معالجة الأزمة السورية، فالبلدان يهتمان بأن تبقى سوريا موحدة.
هل تتوقع تدخل مصري في سوريا على غرار اليمن بطلب سعودي؟
الأزمة السورية مختلفة تماما عن اليمن، الأخيرة دولة مكففة، وهناك كيان غير شرعي في اليمن يحاول الاستيلاء على السلطة، والتدخل في سوريا ليس لإسقاط نظام بشار الأسد، فسقوط بشار يعني سقوط ما تبقى من مجتمع مقيم في دمشق يلتف حول الجيش، فاقتلاع نظام الأسد من سوريا، يعني اقتلاع جيش ومجتمع ومؤسسات وهذه هي مشكلة سوريا.
كما أن التعامل في سوريا صعب جدا، خاصة أنك تتعامل مع بقايا دولة كانت تسعى لأن تحقق تكافئا استراتيجيا مع إسرائيل، وبالتالي فإن الجيش السوري لديه بقايا أسلحة ومقاومة يستيطع من خلالها المقاومة بشراسة لأي تتدخل خاصة أنه يتنتمي لطائفة معينة.
كيف تفسر استقبال الرئيس لأمير قطر في القمة العربية بشرم الشيخ؟
في الحقيقة مصر دولة كبيرة واعتادت أن تحترم القادة والرؤساء حتى لو كانوا على خلاف معهم، وهذا تقليد قديم بالنسبة لمصر، فالرؤساء المصريون يحرصون على أن يكونوا أول من تقع بصر الرئيس الأجنبي عليهم في المطار، وهذا أمر بروتوكولي، فكون أنه هناك مشاكل بين مصر وقطر، فإن هذا الاستقبال مدعاة أكبر ليؤكد أن مصر دولة كبيرة، ولن تأخذ هذه الاعتبارات في استقبال أمير قطر، كما أن قطر في النهاية دولة عربية، وعضو في مجلس التعاون الخليجي، ولا ننكر أن وراء الستار عملية مصالحة تدور في السر برعاية المملكة العربية السعودية.
ما هي دوافع السودان للمشاركة في عاصفة الحزم بعد فترة من التقارب الإيراني؟
مشاركة السودان في عاصفة الحزم رمزية- 3 طائرات حربية- فالمعني السياسي للمشاركة السودانية في المعركة أهم من المعنى العسكري، كان في وسع السعودية المشاركة منفردة في الحرب، لكنها تريد أن تؤكد المعنى السياسي في ظل وجود تحالف عربي مشترك، فالسودان يريد أن يقدم نفسه بوجه جديد للدول العربية والعودة للصف العربي بعد فترة من التقارب مع إيران، كما أن مصلحة الرئيس السوداني تقتضي ذلك، وهو مابدا من إغلاق الخرطوم عددا من المكاتب الثقافية الإيرانية هناك.
كيف تفسر تأييد أردوغان للضربة العسكرية وإصراره على زيارة طهران رغم رفض إيران لتصريحاته؟
العلاقات بين إيران وتركيا علاقات خاصة، برغم اختلاف البلدين بين سنة وشيعة، فهناك تقارب بينهما في الخط السياسي، وكنت في زيارة لإيران في وقت سابق مع وفد من مركز الدرسات بالأهرام، استمعنا لآراء النخبة الإيرانية والتي أبرزت تعاطفا مع جماعة الإخوان، فهم لديهم توافق في الرؤى حول أيديولوجية واحدة وهي أسلمة العلوم والمعارف والحياة.
المهم أن هناك اتساقا بين الدولة التركية والنخبة الإيرانية، فضلا عن العلاقات التجارية بين إيران وتركيا، حيث يصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى 20 مليار دولار، وهناك تخيطط للوصول به إلى 30 و50 مليار دولار، فتصريحات أردوغان لتأييد الضربة العسكرية، هي انتهاز للفرصة لاستعادة العلاقات مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، خصوصا أن الملك سلمان يسمح بذلك، فتأييد أردوغان للضربة لا يتعلق بموقف أيديولوجي معين، لكنها منطلقة من انتهازية ومصلحة سياسية.
هناك من يرى وجود تناقضات في مواقف دول التحالف العربي في موقف "الشرعية- الانقلاب" في مصر واليمن.. كيف ترى ذلك؟
هذا التفسير يمكن أن نطلق عليه بالبلدي جملة "سمك لبن تمر هندي" لا يمكن مقارنة ما حدث في اليمن بما حدث في مصر، الظروف مختلفة تماما، الحوثيون قاموا بالانقلاب على السلطة الشرعية، واستولوا على محافظات في اليمن بشكل غير مشروع، إذا هي مسألة تتعلق بموازين القوى، في مصر الوضع مختلف، في 30 يونيو كنا إزاء ثورة شعبية ضد حكم الإخوان، الإخوان خسروا بعد الحكم أكثر ما كانوا وقت حكمهم، كان من الممكن لهم أن يندمجوا في الحكم والدخول إلى المؤسسات بشكل شرعي وسلمي ويتم استيعابهم في دولاب الدولة المصرية بشكل آمن، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك.