دواعش الأمس واليوم
إحنا محتاجين نتوقف ونشوف أحوالنا وأحوال بلاد المسلمين.. وممارسات وسلوكيات المسلمين بدون انحياز.. محتاجين نتبين مواقع أقدامنا ونشوف أفكارنا.. ونشوف إحنا فين بالضبط.. بصوا يا مسلمين.. إيه اللي أنتم بتعملوه في نفسكم وفي البشرية والإنسانية.. هل هو ده إسلامنا؟!.. هل هي دي الرحمة المهداة؟!.. هل فيه دين ممكن يؤمر بكده؟!
هذه العبارات الهامة والتي تتميز بالوضوح الكامل.. والاستنكار الغاضب والمباشرة الشديدة التي لا تحتمل حذلقة التعبير.. أو تلون الكلمات وتأنقها وبلاغتها.. فالموقف جد خطير.. وصيحات الألم والتحذير لابد أن تصيب كبد الحقيقة.. وتؤثر في عامة الناس.
إنها كلمات الرئيس "عبد الفتاح السيسي" في حواره مع إذاعة القرآن الكريم بمناسبة عيدها الواحد والخمسين.. والذي أكد فيه أن الأمة الإسلامية في حاجة إلى وقفة مع النفس وثورة "من أجل الدين" وليس ثورة على الدين ذلك لتصحيح المفاهيم المغلوطة وإظهار وتطبيق القيم السمحة والتعاليم الغراء للدين الحنيف.
إن الرئيس شأنه شأن التنويرين الكبار ابتداءً من "رفاعة الطهطاوي" والشيخ الرائد "محمد عبده" والأخوين الشيخين "علي عبد الرازق" و"مصطفى عبد الرازق".. ود."طه حسين" يسعى إلى إطلاق سراح النص الديني من قبضة الجمود والتحجر والثبات.. ورفض مواكبة العصر بتأويلات الفقهاء.. وفتاويهم وتوقفهم عند سفاسف الأمور وشكليات التدين ومجابهة التطور والانسياق نحو ردة حضارية مقيتة.. تنامت خلالها تيارات التكفير والعنف.
تذكرت خطاب ازدراء التطرف ذلك الذي وجهه "السيسي" عبر ميكروفون الإذاعة.. وحديثه عن المفاهيم المغلوطة وانقضت على شعر طفلتين في الفصل الدراسي وقصت شعرهما عقابا على عدم ارتداء الحجاب.
واستلفتتني وقتها صيحات الدهشة والاستنكار وعدم الفهم والالتباس التي سيطرت على المعلمة حينما تم التحقيق معها تمهيدا لمعاقبتها على تلك الجريمة المشينة.. ولسان حالها يقول: ما هذه الزوبعة التي تثيرونها؟!.. وأي تناقض ذلك الذي يتسم به سلوككم.. ألسنا نعيش في كنف حكم يبشر بدولة دينية سعياً وراء الخلافة وتطبيق الشريعة.. واستنكار وجود تلك الدولة "المدنية" التي يؤمن بها الكفار؟! .. فأي جرم ارتكبت.. وبأي منطق متهافت تحاكمونني.
لقد كانت تتوقع شهادة تقدير أو ترقية وليس عقابا!
ثم يدور الزمن دورته وتقوم ثورة تطيح بالإخوان.. فإذا الحادثة تتكرر هذه الأيام من خلال مدرس يعتدي نفس هذا الاعتداء الجسدي على طالبة في الصف الخامس الإبتدائي بإحدى المدارس لإجبارها على ارتداء الحجاب.
إن هذه الواقعة وغيرها من وقائع استخدام العنف.. وارتكاب الجرائم باسم الدين استنادا إلى فتاوى التكفيريين وتقمص أدمغتهم التي ترفع عصا حماة الفضيلة والأخلاق الحميدة من انتهاك أرباب الرذيلة والفحش بها حتى لو كانت فتيات صغيرات في سن الطفولة.. فهي في النهاية.. مشروع امرأة والنساء أصل كل الشرور ومنبع كل رذيلة.. وكلهن عورة.. وهن شياطين خلقن لنا.. ينبغي تأديبهن وقهرهن.
هذه الوقائع تؤكد أن غسيل الأدمغة يتواصل ويمتد.. ولا ينحسر عنصرية وسوء تعاليم .. واتفق مع الكاتب الكبير "وحيد حامد" في أن المجتمع المصري لديه استعداد فطري لتفشي تلك الاتجاهات الظلامية أو حسب تعبيره "لدينا دواعش جاهزون" لا ينقصهم سوى الإعلان عن أنفسهم.. وها هو المدرس "الداعشي" الذي قص شعر التلميذة يعلن عن نفسه.