التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 02:13 م , بتوقيت القاهرة

العلاقات السودانية السعودية.. "صافي يا لبن"

"ستحدث نقلة نوعية في دعم مسيرة التعاون بين البلدين، وتسهم في تعزيز التكامل في إطار مصلحة الشعبين"، هكذا وصف سفير السودان لدى المملكة العربية السعودية، عبدالحافظ إبراهيم، زيارة الرئيس السوداني، عمر البشير، المقررة اليوم الأربعاء، إلى المملكة، بدعوة من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، في مبادرة لفتح صفحة جديدة في العلاقات التي اتسمت على مدار تاريخها بحالة مد وجزر.
 


حرب الخليج وانتكاسة العلاقات


منذ تولي "البشير" حكم السودان في 1989، جمعت البلدين علاقات طبيعية إبان عهد العاهل السعودي الراحل، الملك فهد بن عبدالعزيز، غير أنها شهدت انتكاسة بعد حرب الخليج الأولي واحتلال الكويت في أغسطس 1990، بسبب موقف الخرطوم الداعم لبغداد، حيث كانت تلك الفترة، كما وصفها المراقبون، أسوأ مراحل علاقات البلدين. 



تجاوز الخلافات


غير أن الأزمة بين السودان والسعودية لم تصل إلى حد القطيعة الدبلوماسية، وبعد تجاوزها عقد الملك فهد والرئيس البشير محادثات شاملة، على هامش زيارة الأخير للمملكة عام 2000، تبعها لقاء آخر في العام التالي، بحثا خلاله آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، واستعراض شامل لمجمل الأوضاع على الساحات العربية والاسلامية والدولية، في تلك الفترة.


إيران .. وعودة توتر العلاقات


وبسبب العلاقات الوطيدة بين نظام البشير وإيران، العدو الأول للمملكة، لم تكن العلاقات بين الخرطوم والرياض في أفضل أحوالها خلال السنوات التالية، إبان عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، الذي تولى الحكم في أغسطس 2005، وخاصة بعد توسع أنشطة المراكز الثقافية الإيرانية في الخرطوم، في إطار قلق المملكة من طموحات طهران ورغبتها في الهيمنة على المنطقة، وفرض نفوذها عن طريق أجنحتها والأنظمة الموالية له.


ازدهار وتعاون مشترك 


ولما كانت الرياض مهتمة دوما بتحقيق الأمن في البحر الأحمر، بالاعتماد على نظم عربية صديقة، على أن تقدم لها المعونات المالية في سياق التنسيق المشترك في منطقة البحر الأحمر، شهدت السنوات الثلاث السابقة على عام 2010 ازدهارا في العلاقات مع السودان بفضل تنامي درجة التبادل الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، وتصدرت السعودية قائمة الاستثمارات العربية في السودان بأكثر من 4 مليارات دولار، لتصبح ثاني أكبر شريك تجاري لها بعد الصين. 


وفي يوليو 2011، اجتمع الملك عبدالله والبشير في جدة لبحث مجمل ِالأحداث والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وكذلك الأوضاع الراهنة في السودان، وهنأ العاهل السعودي الرئيس َالسوداني على توقيع اتفاقية سلام دارفور، متمنيا أن يؤدي ذلك إلى ترسيخ الأمن والسلام والاستقرار في الخرطوم.



إيران .. وتوتر جديد


وعقب رسو سفن إيرانية حربية في الساحل السوداني على البحر الأحمر في أكتوبر 2012، توترت العلاقات بين البلدين من جديد. 


ورغم سعي الخرطوم لموازنة علاقته بين طهران والرياض، باستضافة سفن حربية سعودية في فبراير 2013، إلا أن العلاقات لم تتحسن بعد أن استقبلت البحرية السودانية مجددا سفنا إيرانية في سبتمبر من العام نفسه.


 



السلطات السعودية وجدت في خطأ بروتوكولي ارتكبته الحكومة السودانية، في أغسطس من العام نفسه، ذريعة لمنع طائرة كانت تقل الرئيس السوداني من المرور عبر أجوائها نحو إيران لحضور حفل تنصيب الرئيس الجديد، حسن روحاني، لأسباب تتعلق بأنظمة الطيران المحلية والدولية، والبروتوكولات الدبلوماسية.



وفي مارس 2014، أوقفت السعودية تعاملاتها المصرفية مع البنوك السودانية، وقلصت من إيراداتها من الماشية السودانية، التي تقدر بنحو 50% من حاجتها.


وأقر وزير الخارجية السوداني، علي كرتي، للمرة الأولى في مايو الماضي، بتوتر العلاقة بين بلاده والسعودية، وكشف عن رفض الخرطوم عرض إيراني بإنشاء منصة دفاع جوي على ساحل البحر الأحمر، للحد من عمليات القصف الإسرائيلي المتكررة للأراضي السودانية، حتى لا ترى السعودية أنها موجهة ضدها.


الخرطوم تخطب ود الرياض 


وفي سبتمبر الماضي، أغلقت الحكومة السودانية المركز الثقافي الإيراني بدعوى "تجاوز التفويض الممنوح.. وتهديده الأمن الفكري والاجتماعي"، إلا أن خبراء قالوا إن السبب الرئيسي للإغلاق هو "محاولة الحكومة استرضاء الرياض الغاضبة من التقارب بين الخرطوم وطهران". 



وأنهى "البشير" في 9 أكتوبر الماضي زيارة إلى السعودية استمرت 10 أيام، بغرض أداء مناسك الحج، وإجراء مباحثات مع ولي العهد السعودي (آنذاك)، الأمير سلمان بن عبدالعزيز، حول دعم بلاده ماليا.


مبادرة وترحيب 


وبعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في 23 يناير الماضي، سافر الرئيس السوداني للمشاركة في تشييع الجنازة، يرافقه وفد يضم كل من وزير رئاسة الجمهورية، صلاح الدين ونسي، ووزير الخارجية، علي كرتى.


وقبل 4 أيام من الآن، تسلم البشير رسالة خطية من العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، تتعلق بتعزيز العلاقات بين البلدين، علق عليها سفير الرياض بالخرطوم، فيصل بن حامد معلا، قائلا: "نحن في طور تنمية العلاقات المشتركة وتعزيزها والوصول بها إلى آفاق أرحب".


 



صفحة جديدة


وفيما تم اعتباره خطوة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، يبدأ الرئيس السوداني زيارة رسمية إلى السعودية يلتقي خلالها الملك سلمان، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، فضلا عن مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية.