التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 05:50 ص , بتوقيت القاهرة

فيديو| الإفريقي في مصر: "عايروني وقالولي يا أسود اللون"

كتبت - مها صلاح الدين وسارة سعيد:


مجموعة من صغار السن يقفون أمام "روضة أطفال" بأحد شوارع المعادي.. تعلو أصواتهم أعمارهم.. لتكتشف- عندما تقترب- أنهم يضايقون امرأة إفريقية عند خروجها برفقة أطفالها من الروضة.. علامات الغضب تسيطر على وجه المرأة- ذات البشرة السمراء- لتلوح بيدها رافضة الألفاظ التي يتبادلها الأطفال، مثل "سمراء" و"كاورك"، في حين إمساكها- بيدها الأخرى- طفلتيها، وتحاول في هرولة من أمرها تجاوز شغبهم، مرددة بعض الكلمات- باللغة الإنجليزية- الرافضة للتمييز العنصري.


معاناة الأفارقة ذوي البشرة السمراء في الشارع المصري تكاد تتكرر مئات المرات في الشوارع.. يقف على قارعة الطريق.. شاب بصحبة أخته الصغرى يرفض الحديث عن معاناته المتكررة من مضايقات المصريين، لتنتصر أختاه الصغرى عليه- في تنهيدة ضيق- وتحكي معاناتها.


ويرصد "دوت مصر" في اليوم العالمي لمكافحة التمييز العنصري، 21 مارس من كل عام، وضع الأفارقة في الشارع المصري، والمضايقات التي يتعرضون لها، وفي المقابل رأي المصريين في تواجد الأفارقة في مصر.


الأطفال


"ماري".. طفلة سودانية، تفوقت على خوف أخيها الأكبر، أمام أحد المنازل بالمعادي، لتحكي معاملة زملائها بالمدرسة لها، قبل أن تنهرها وأخواتها، سيدة مطلة من شرفة المنزل، قائلة "إيه القرف ده امشوا بعيد".


يحاصر وجهها البراءة قبل أن تتحول إلى عزم وهي تشتكي: "بيشتموني في المدرسة وبيقولولي يا عبيطة، وأنا مش عبيطة.. أنا بجيب درجات أكتر منهم"، وتقول: "بيضايقوني علشان أنا سمرة، وبيقولوا ليا يا معفة"، لا ترد الطفلة بنفسها على تلك المضايقات وتكتفي بالشكوى للمدرس، الذي يضربهم ويأخذ حقها، بينما تحكي لوالدتها لتقول لها: "لو جيت المدرسة هضربهم لك كلهم".


في المقابل، سألنا عدد من الأطفال المصريين، إذا كانوا يتعرضوا إلى الأجانب ذوي البشرة السمراء، أثناء سيرهم في الشارع، فيجيبوا: "بنتريق عليهم، علشان بنحب نهزر معاهم، وبصراحة شكلهم بيستفزنا".


الإيجارات


صابر، صبي مكانيكي بأحد شوارع عرب المعادي، يروي ما يتعرض له الأفارقة في الشارع المصري، واضطهادهم بسبب لونهم، بكلمة "يا ابن السودة"، ولكنه يستنكر وجودهم في مصر من الأساس، لأن حراس العقارات وأصحاب الشقق يتعمدون رفع إيجار الشقق في هذه المنطقة، بسببهم والمعونات التي تأتي لهم من الخارج.


أما "محمد"، يرى وجود الأفارقة فائدة بالنسبة له، لكونه يعمل سمسار عقارات، ويأتون له الأفارقة من المكاتب العقارية ليستأجرون لديه شقق بأسعار تبدأ من 2000 جنيه، وهو المبلغ الذي لن يدفعه المصري بالتأكيد، من وجهة نظره.


يؤكد "محمد"، أنه يسجل تعاقداتهم في قسم الشرطة، حتى يعرف المسؤولون من هم وماذا يفعلون، "يأتون إلى مصر كمرحلة قبل السفر لأمريكا أو إسرائيل، ويتمركزون في المعادي لكونها منطقة عمل بالنسبة لهم"، ويضيف: "زي ما بيستهلكوا موارد بيدخلوا.. ومصر لو مش بتستنفع منهم مش هتجيبهم".


التمييز العنصري


"ما يلقاه الأفارقة في مصر مضايقات بسيطة، وتعودوا عليها، مثل أن يشتمه أحد وينعته بسمارة بشرته"، هكذا يروي "جاستين"، سوداني الجنسية، ولكنه يضطر للرد إذا أحد تعرض له بالضرب، ويعترف أن هناك أفارقة يتخذون مصر معبرا نحو أمريكا وإسرائيل.


"فيه ناس بتبقى بلا أدب بيشتمونا وبيقولولنا، يا سمارة وألفاظ خارجة"، جملة قالها الشاب الكاميروني "مؤمن"، بتردد، وبدأ يحكي أنه تعرض إلى "تثبيت" من أحد البلطجية، وأجبره على تسليم النقود والهاتف، ومع ذلك يستأنف مؤمن: "لكن أغلب الناس كويسين".


أما "صابر"، طالب سوداني، أكد أنه يتعرض لمضايقات في الشارع، قائلًا: "بيشتموني ويضايقوني، وبسيبهم وأمشي، لكن محدش حاول يسرقني"، ولأنه موجود من 10 سنوات في مصر، يرى أن المضايقات بدأت في التزايد خلال السنوات الأخيرة.


ويرى "محمد صبحي"، حلاق، أن الأفارقة مثلهم مثل أي أجانب موجودون في مصر، يأتون إليها حتى يحصلون على جنسيات أوروبية، وأن الشارع المصري كثيرا ما يضايقهم ويدافع عنهم في الوقت نفسه، مؤكدا أنه من الناس التي عادة ما تدافع عنهم قائلا للمصريين: "لو أنت في بلده، ترضى إنه يعاملك كده".


أفريكانو


على مقهى "أفريكانو"، مقر تجمع الأفارقة بالمعادي، قال أحد الأفارقة المترددين عليه، إنه في الغالب يتعرض لمضايقات ليلا، فيأخذون منهم الهواتف المحمولة والأموال، مؤكدا أن المضايقات التي يتعرض لها بسبب لونه لا يعتبرها مشكلة، ولا يريد أن يتحدث بها.


ويقول محمد أبو الغنايم، والذي يعمل في مقهى أفريكانو، أن الأفارقة متكدسون في المعادي بشكل كبير، وأنهم يحبونهم ويتعاملون معهم، إلا أنهم يتعرضون منهم إلى مضايقات عادية، كخلاف على الحساب أو غيره، إلا أنهم كثيرا ما يستمعون منهم للاضطهادات التي يتعرض لها الأفارقة في الشارع المصري، والتي زاد عليها مؤخرا حوادث البلطجة والسرقة التي تحدث على المصريين أيضا.


التخوين


يرى "ضياء"، مصري الجنسية، أن وجود الأفارقة مثل عدمه في مصر، بل إن مصر لا ينقصها زحام ويكفيها شعبها، وأنه ضد وجود أي أجانب في مصر سواء إن كانوا أفارقة أو سوريين أو غيرهم، ناكرا أي مضايقات تحدث لهم في مصر، أو حتى سخرية، مؤكدا أن إسرائيل هي التي تدفعهم للجوء إلى مصر، مرجعا كافة الحوادث والانفجارات التي تحدث في مصر إليهم، بدافع من إسرائيل.


ولم يتفق معه في ذلك، جمال محمد، متخصص في تجارة اللحوم الإثيوبية والسودانية، مؤكدا أن هؤلاء الأفارقة ليس لهم علاقة بأمريكا أو إسرائيل ولم يسعوا للسفر إليها، بينما هم لا يعملون ويعيشون على المعونات الخارجية، مضيفا: "اللحمة اللي ببيعها، بتيجي بأسعار رخيصة لهم".


وأخيرا، يؤكد أحد السودانيين أنه ينتظر الموافقة واكتمال الأوراق للسفر إلى أمريكا أو استراليا، ولكن الأمن عادة ما يؤخرها عليهم.