التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 12:29 م , بتوقيت القاهرة

فيديو| "البمبوطية".. "8 صنايع والبخت ضايع"

حالة من الضيق والترقب يعيشها "البمبوطية" بمحافظة بورسعيد، منذ ثورة 25 يناير، ينظرون بكل أسى إلى الشمندورة التي خلت تماما من المراكب السياحية، والذين تراصت مراكبهم الصغيرة في البحر على رصيف الميناء السياحي.

و"بمبوطي" كلمة إنجليزية تعني رجل القارب "man boat"، وتحرفت من "مان بوت" إلى "بمبوط"، وقد توارثوها أبا عن جد، منذ افتتاح القناة عام 1869، وتطلق الكلمة على 8 مهن رئيسية، وهي: "بمبوطية ومساعدي بمبوطية، مخلفات بحرية، سائقو لانشات، مخلفات سفن، تموين سفن، شيب شندريه، مهن بحرية، شيالين"، فضلا عن المهن الأخرى التي قد يحتاج إليها السائحين ومرتادي الميناء والبحر، ومنها حلاقين وخياطين ومصلحي أحذية ومصورين،  يقدمون خدماتهم مقابل بضائع أو نقود.

يتقن البمبوطي عدة لغات، رغم أن أغلبهم لم يحصل على شهادات دراسية، هؤلاء الذين كانوا لا يعرفون شيئا سوى البحر والمراكب والتجارة والمقايضة والبذخ وترف العيش، يعلوا صوتهم الآن بالصراخ بقولهم "إحنا عاوزين نعيش".

رصدت عدسة "دوت مصر" معاناة "البمبوطية" بمحافظة بورسعيد ، حيث قال رئيس النقابة العامة المستقلة للبحارة، السيد رمضان عبدالرحمن، إن ميناء بورسعيد بها 38 مربطا، ولا يوجد مركب واحد داخل الميناء، لافتا بقوله: "قضينا عمرنا في البحر، وفي الآخر ولا مركب بتدخل المينا، ولا عاوزين يصرفوا لنا معاش، ورغم أن لدينا نقابة إلا أننا ليس لدينا معاش أو تأمين صحي".

وأكد البمبوطي محمد إسماعيل أن مشكلتهم تنحصر في كونهم مهمشين ولا أحد يعلم من هو "البمبوطي"، لافتا إلى أنهم عندما توجهوا إلى التأمينات الاجتماعية للحصول على معاشين للسن فوق الستين عام، وجدوا أنه لا يوجد مسمى لمهنة "بمبوطي" داخل قانون التأمين الاجتماعي.

 وأكد إسماعيل أن مشكلاتهم تنحصر في عدم تواجد مراكب بالمجرى الملاحي ببورسعيد بعد تعديل نظامها الملاحي، مع افتتاح ميناء شرق التفريعة، قائلا إن المراكب تعمل بنظام العبور وعدم الرسو داخل ميناء بورسعيد، والسفن التي تعبر قناة السويس تعبر ترانزيت، ولا نستطيع أن نقدم لها أي خدمات، والخدمات التي تُقدم هي الضرورية فقط، وتقوم الدولة بتحصيل رسوم العبور".

ولفت بقوله: "منذ ما يقرب من عامين خاطبنا كلا من قائد الجيش الثاني الميداني، ورئيس هيئة قناة السويس، والحاكم العسكري لمحافظة بورسعيد، ورئيس هيئة ميناء بورسعيد، ومحافظ بورسعيد، وقائد القاعدة البحرية، بكشف بأسماء البحارة العاملين على المراكب العربية والأجنبية، والحاملين لجوازات سفر بحرية، وذلك لتضررهم من عدم وجود فرصة عمل داخل ميناء بورسعيد، وعددهم 68، مطالبين بصرف إعانات أو معاشات لمراعاة ظروفنا الأسرية".

وروى إبراهيم السيد عويضة، رحلته مع البحر، قائلا: "عرفت الآن معنى كلمة ضيق الحال، لا أجد ما أصرفه على نفسي، ولا أجد ما أسدد به فواتير الكهرباء لمنزلي، التي تراكمت عليّ، ولا أستطيع الوفاء بديوني، بعدما اختفت المراكب من ميناء بورسعيد".

وأضاف عويضة: "كل يوم الفجر كنت بنزل أستنى مركب إما جاية إلى ميناء بورسعيد مربوطة في الشمندورة، أو هتمر على بورسعيد ترانزيت، ولكن الآن المراكب تظل في غاطس بورسعيد، حتى تسمح لها القناة بالعبور، فنتوجه إليها بـ"اللانش" يمكن الكريم يكون كاتب لنا رزق"، مضيفا: "البمبوطي ما يعرفش يقعد في البيت، بيأكل أحسن أكل وبيلبس أحسن لبس، تشوفه تقول ابن باشا، وكان زمان لما يتقدم البمبوطي لخطبة فتاة من بنات بورسعيد كان أبوها يوافق دون تردد".

  

ومن ناحيته قال رئيس اللجنة النقابية للعاملين بميناء بورسعيد، عادل عبدالعليم، إن عدد المقيدين في النقابة 1400 بمبوطي، ولكل مهنة تصريحا، وكل تصريح موروث عن الأب والجد، لافتا إلى أنه يوميا يعبر قرابة الـ30 مركبا، لو رسا منها 7 مراكب فقط بداخل الميناء، فهي كفيلة بزرق كل البحارة.

وأشار إلى أن المراكب نوعين، مراكب "جاركو"، وهي مراكب بضائع، يقضي طاقمها عدة أشهر في المياه، ويحتاجون لشراء بضائعنا، ونشتري منها مخلفات المركب، والثانية هي المراكب السياحية، وهي تهتم بالمقتنيات المصرية، فضلا عن احتياجهم للمهن الأخرى كالحلاق والمصوراتي.

وعقب البمبوطي السيد خلف بقوله: "أحيانا نقوم برحلة من الميناء باللنش، نسميها رحلة الموت، يحاول البمبوطي أن يصعد المركب، وهي تتحرك كي يبيع بضاعته، يقفز من اللنش إلى سلم المركب، وقد يتعرض خلال ذلك إلى حادث، قد يودي بحياته، ويعود بنفس الطريقة التي صعد بها".

واستنكر البمبوطية تجاهل منظمي الرحلات والتوكيلات الملاحية لوجودهم، فبعض القباطنة يمنعون صعود البمبوطية إلى المراكب، مؤكدين أن الحال تغير والسياح أصبحوا يتخذون من بورسعيد محطة للوصول إلى القاهرة وليس للتسوق، لأن منظم الرحلة يكون له نسبة على المبيعات في البازارات.

وانتقدوا ما تداوله المسؤولين حول أنه تم منع المراكب السياحية من الرسو بداخل ميناء بورسعيد، على إثر تكرار حوادث السرقة بداخل المراكب السياحية، وتضرر البحارة وربابنة المراكب السياحية من سرقة متعلقاتهم وسرقة بعض أجزاء من الماكينات وغيره، لافتين إلى أنهم يحملون تصاريح دخول الميناء وصعود المراكب.