"الداخلية"، "الأولتراس"، "مرتضى منصور".. هؤلاء وغيرهم ترددت اسماؤهم بعد أحداث إستاذ الدفاع الجوي وأشارت إليهم أصابع الاتهام بطريقة أو بأخرى بالوقوف وراء هذه الأحداث التي أسفرت عن قتلى وضحايا، وبعد مرور 37 يوميا، أعلن النائب العام، اليوم الثلاثاء، أن "الإخوان" وراء أحداث "الدفاع الجوي".

بيان النائب العام أثار تساؤلا بشأن ماهية من كان وراء الأحداث؟ وهل "جماعة الإخوان" متورطة في الحادث؟ "دوت مصر" ترصد تفاصيل القضية وإجراءاتها التي اتخذت منذ وقوع الحادث حتى انتهاء تحقيقات النائب العام.

البداية..

37 يومًا مضت على أحداث إستاد الدفاع الجوي، التي وقعت قبيل مباراة فريقي الزمالك وإنبي، مساء يوم 8 فبراير الماضي، وأسفرت عن سقوط أكثر من 20 قتيلًا، بالإضافة إلى المصابين من رابطة مشجعي الزمالك "وايت نايتس"، وفي تطور جديد لأحداث القضية، كشف النائب العام في بيان له، اليوم الثلاثاء، أن "الإخوان" وراء أحداث إستاد الدفاع الجوي، أما معظم الأحزاب السياسية والحركات الشبابية أدانت الحادث، واعتبرته مجزرة مماثلة لحادث إستاد بورسعيد، الذي وقع في ذات الشهر منذ 3 أعوام.. "دوت مصر" ترصد تفاصيل القضية وإجراءاتها التي اتخذت منذ وقوع الحادث حتى انتهاء تحقيقات النائب العام.

ليلة الحادث والنائب العام

في أول رد فعل رسمي، أصدر النائب العام، المستشار هشام بركات، بيانًا ليلة وقوع الحادث، أكد فيه، أن عدد ضحايا الأحداث من مشجعي نادي الزمالك وصل إلى 22 شخصًا، وصرح بدفن الجثث، وكلّف فريقًا من نيابة شرق القاهرة بالتحقيق، وسماع شهود الحادث، وحصر التلفيات، كما طالب جهاز الأمن الوطني بالكشف عن هوية الجناة.

أما الصفحة الرسمية لـ"وايت نايتس"، على موقع التواصل الاجتماعي الـ"فيسبوك"، وجهت اتهامات مباشرة لعناصر وزارة الداخلية، المكلفة بتأمين إستاد الدفاع الجوي، بالتورط في الأحداث.

في ذلك الوقت اتهم عددٌ من الإعلاميين ومقدمي برامج "توك شو"، جماعة "الإخوان" بافتعال الأحداث والتورط فيها، وتناغم ذلك مع هوى رئيس نادي الزمالك، الذي نَسَبَ للجماعة نفس التهمة، في مداخلة هاتفية فور وقوع الأحداث، وكل ذلك قبل أن تستجوب النيابة العامة المقبوض عليهم من أعضاء "وايت نايتس" أو شهود الحادث، وتمكنت قوت الأمن من القبض على 18 من مشجعي نادي الزمالك، بعد مطاردتهم في محيط إستاد الدفاع الجوي، بمنطقة التجمع الخامس.

بعد ذلك استجوبت نيابة شرق القاهرة المشجعين، صباح اليوم التالي للحادث يوم 9 فبراير الماضي، ووجهت لهم اتهامات بالتظاهر دون تصريح والشغب، والتعدي على عناصر الشرطة، وفي ذات اليوم، مساءً، اصطحبت قوات الأمن بصورة مفاجئة، حسب ما أكد المحامي مختار منير، 3 شباب، وامتثلوا للنيابة وقرروا أمامها، تلقيهم تمويلًا من أحد قيادات "الإخوان" بشبراخيت، بمعرفة قيادات من "وايت نايتس"، لافتعال الحادث.

حبس المشجعين

قررت النيابة العامة، إخلاء سبيل الـ18 مشجعًا المقبوض عليهم، في أثناء الأحداث، بكفالة مائتي جنيه لكل منهم، وحبست الثلاثة المتبقين 15 يومًا على ذمة التحقيقات.

واقتحمت قوات تابعة للأمن الوطني بوزارة الداخلية، فجر يوم 10 فبراير الماضي، عددًا من مساكن أعضاء رابطة مشجعي نادي الزمالك بمركز أبوالنمرس في محافظة الجيزة، وألقت القبض على 4 منهم، واقتادتهم لقسم الشرطة، واتهمت أسرة أحدهم في فيديو مسجل مع "دوت مصر" قوات الأمن، بتعذيب نجلهم صعقًا بالكهرباء، للاعتراف بتورط "الإخوان" في أحداث الدفاع الجوي، وبدورها، حققت نيابة شرق القاهرة مع المتهمين الأربعة، وقررت حبسهم احتياطيًّا.

شهادة الداخلية وجابر

رئيس نيابة شرق القاهرة، محمد سيف، والمسؤول عن التحقيق في القضية، أكد لـ"دوت مصر"، أنه استمع إلى أقوال 5 من أفراد وزارة الداخلية، المكلفين بتأمين الإستاد، وقت الأحداث، كشهود في القضية، وأن التحقيقات لا زالت مستمرة.

كما قدَّم لاعب الزمالك، عمر جابر، أصغر لاعبي الفريق سنًّا، نفسه للنيابة، وأدلى بشهادته بمحكمة شمال القاهرة، لكنه لم يوجه اتهامات لأحد بالتورط في الأحداث.

تجدر الإشارة إلى أن عمر جابر قرر الانسحاب من المباراة، فور علمه من الجمهور المتواجد بالملعب، بوقوع اشتباكات بين قوات الأمن والمشجعين بالخارج، وأعلن تضامنه مع جمهور ناديه وضحاياهم، على غير رغبة رئيس ناديه.

أما المتحدث باسم الطب الشرعي، فأكد أن الضحايا بلغوا 19 فقط، وقال في تقريره: إن "سبب الوفاة يرجع إلى الاختناق الناتج عن تدافع الجماهير التي قدرت بالآلاف أمام إحدى بوابات الإستاد".

بطء التحقيقات وطلب الاستعانة بالمخابرات

عدد من أهالي الضحايا وكلوا محامين للحصول على حقوق أبنائهم القتلى، منهم طارق العوضي، الذي استنكر اعتماد النيابة في تحقيقاتها على تحريات جهاز الأمن الوطني، باعتباره خصمًا في القضية، كونه تابعًا لوزارة الداخلية، وطالب بالاستعانة بجهاز المخابرات العامة، لجمع التحريات عن القضية.

وبنبرة يائسة، قال العوضي لـ"دوت مصر": إن "النيابة العامة لم تقدم حتى اليوم أيًّا من الجناة، ولم تحقق في البلاغات المقدمة ضد رئيس نادي الزمالك، وقيادات وزارة الداخلية".

أما المحامي مالك عدلي، فقد وصف إجراءات التحقيق التي تجريها النيابة العامة، بالبطيئة التي تؤدي إلى موت القضية، وتساءل: "كيف للنيابة اعتبار الضحية جلادًا؟"، في إشارة منه لحبس عدد من مشجعي نادي الزمالك احتياطيًّا على ذمة الأحداث.

تجديد حبس المتهمين

وفي يوم الأربعاء، الموافق، 4 مارس الجاري، قررت نيابة شرق القاهرة، برئاسة المستشار محمد عبدالشافي، تجديد حبس 11 متهمًا، 15 يومًا احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، واستمعت النيابة إلى أقوال المتهم، "محمد.ع"، كمجني عليه، والذي اتهم ضباط وأفراد شرطة من مركز أبوالنمرس، بالاعتداء عليه باستخدام العصى والصواعق الكهربائية؛ لإجباره على الاعتراف بإثارة الشغب خلال أحداث إستاد الدفاع الجوي، كما أمرت النيابة بعرض المتهم على مصلحة الطب الشرعي؛ لبيان ما به من إصابات.

النائب العام يتسلم ملف التحقيقات

وسلمت نيابة شرق القاهرة الكلية، برئاسة المحامي العام لنيابات شرق القاهرة، المستشار محمد عبدالشافي، مساء الثلاثاء، الموافق 10 مارس الجاري، النائب العام، المستشار هشام بركات، ملف قضية أحداث إستاد الدفاع الجوي، لمباشرة التحقيقات مع 11 شخصًا، المتهمين بالتعدي على قوات الأمن والتجمهر والبلطجة، وإتلاف الممتلكات العامة، وقطع الطريق العام، وحيازة ألعاب نارية خلال الأحداث.

"الإخوان" وراء أحداث الدفاع الجوي

وكشف النائب العام، المستشار هشام بركات، في بيان له، اليوم الثلاثاء، أن التحقيقات التي أجريت حول أحداث إستاد الدفاع الجوي، توصلت إلى أن  جماعة الإخوان تقف وراءها، وأنها تورطت في الأحداث، وأمر النائب العام بإحالة 16 من أعضاء الجماعة، ورابطة "وايت نايتس" إلى المحاكمة الجنائية.

وجاء في البيان، أن "جماعة الإخوان حرضت مجموعات من رابطة مشجعي نادي الزمالك، وأمدتهم بالأموال والمواد المفرقعة؛ لافتعال أحداث العنف أمام إستاد الدفاع الجوي؛ لإفشال نشاط كرة القدم، والعمل على إفشال المؤتمر الاقتصادي، الذي نظم بمدينة شرم الشيخ".

وأضاف البيان، أن "المتهمين اعترفوا بانتمائهم لجماعة الإخوان، وتلقيهم تمويلات منها، والاشتراك في ارتكاب جرائم، القصد منها خلق حالة من عدم الاستقرار الأمني في البلاد، بالاشتباك مع قوات الأمن المكلفة بتأمين إستاد الدفاع الجوي، يوم لقاء الزمالك مع إنبي، بإلقاء الألعاب النارية عليها".

ومن ناحية أخرى، استنكر محامي رابطة مشجعي نادي الزمالك، طارق العوضي، ما ورد ببيان النائب العام، اليوم الثلاثاء، بشأن إحالة 16 مشجعًا إلى المحاكمة، على خلفية أحداث الدفاع الجوي، متجاهلًا مقتل 22 من المشجعين، بحسب قوله.

وقال العوضي لـ"دوت مصر"، إن "قوات وزارة الداخلية أجبرت المشجعين على الاعتراف بارتكاب جرائم عنف، وتلقي تمويلات من جماعة "الإخوان"، تحت ضغط التعذيب"، مشيرا إلى تقدمه بأكثر من بلاغ للنيابة بشأن التحقيق في وقائع تعذيب المتهمين، ولم يتخذِ فيها أي إجراء حتى اليوم.

وطالب محامي مشجعي الزمالك، النيابة العامة، بالتحقيق وإحالة الفاعل الأصلي الذي قتل 22 من "وايت نايتس" للمحاكمة، مؤكدًا على أنه تقدم وعدد من المحامين، بمستندات ومقاطع فيديو تثبت تورط عناصر من وزارة الداخلية في الحادث.