فيديو| شاب يبني منازل خشبية تعيد الحياة لأهالي غزة
القادم إلى منطقة أبو صفية شرق مدينة بيت حانون، القريبة من الشريط الحدودي بين قطاع غزة والمناطق المحتلة، يشاهد صور البيوت التي دمرت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، وإلى جانب أكوام الركام، تجد الشاب يوسف أبو شريتح يقص ويجمع قطعا خشبية مستعملة، ويثبتها بمسامير حديدية، ليصنع خلال أسبوع واحد منزلا خشبيا يتوفر بداخله جميع المستلزمات الضرورية.
وبذلك يقدم يوسف حلولا مبتكرة لأزمة متجذرة ومتكررة في غزة منذ عدوان 2008، فالسكن في منزل خشبي هو السبيل الوحيد لأصحاب البيوت المدمرة والذين تقطعت بهم السبل وهم يتجرعون مرارة التشرد يوميا، دون أن يجدوا مأوى لهم في ظل تأخر الإعمار واستمرار الحصار.
أخشاب مستعملة
وكان الاحتلال قد هدم منزل يوسف الواقع في عزبة عبد ربه بالقرب من الحدود الشرقية لبلدة جباليا شمال القطاع، ولم يكن أمامه أي خيار للتغلب على حالة التشرد التي قاسى ويلاتها هو وأطفاله سوى أن يطوع القدرات التي يمتلكها، ليصنع منزلا خشبيا بأقل الإمكانيات المتوفرة في ظل إغلاق المعابر التي تحول دون إدخال مواد البناء والمستلزمات الضرورية.
البيت الذي أنجزه أبو شريتح كان عقب الحرب الإسرائيلية عام 2008، لتتكرر الصورة ذاتها ولكن بشكل أقسى خلال العدوان الإسرائيلي في صيف عام 2014، وهنا أخذ يوسف على عاتقه التخفيف من مأساة المشريدن بعد أن أقبلوا عليه ليوفر لهم مأوى خشبي في ظل تأخر عملية الإعمار، حيث أقام 40 منزلا من الأخشاب المستعملة في المناطق الأكثر تعرضا للدمار.
وقال أبو شريتح لـ"دوت مصر" بينما كان يكمل إنشاء منزلا خشبيا لأحد المشردين شمال القطاع: "في ظل ندرة وجود الأسمنت، ومنع إدخال مواد البناء وخاصة الحديد، لجأت إلى استخدام أبسط الإمكانيات المتوفرة وهي أخشاب نقل البضائع (المشاطيح)، وبعض أخشاب البناء المستعملة.
عائلات مشردة
وتستغرق عملية إنشاء المنزل الخشبي، بحسب أبو شريتح، أسبوعا كاملا، حيث يستخدم إلى جانب الأخشاب النايلون البلاستيكي المقوى لتغطية المنزل من الخارج، وذلك لحمايته من برد الشتاء وحر الصيف، حيث تصل مدة خدمته إلى 10 سنوات.
وأوضح، أن المنزل الخشبي المكون من غرفتين وصالة ومطبخ وحمام، تبلغ تكلفته 3 آلاف دولار وهناك عائلات أنشأت لهن منازل أصغر من ذلك نظرا لضعف إمكانياتهم المادية، لافتا إلى أن سعر هذه المنازل يتناسب مع غالب المواطنين على خلاف المنازل الأسمنتية والتي تكلف مبالغ باهظة الثمن.
بعد بناء المنازل الخشبية عادت الحياة جزئيا إلى بعض العائلات المشردة التي عاشت مأساة حقيقة خلال الأشهر الماضية، فالمأوى الخشبي عوض المواطن موسى أبو راشد عن بيته الذي هدمه الاحتلال، وأصبح يمتلك منزلين له ولوالدته المسنة، وبذلك أنقذها هي و أطفاله من حياة التشرد المذلة.
وتقول أم موسة أبو راشد لـ"دوت مصر"، وهي تجلس على باب منزلها الخشبي: "بعد أن هدم الاحتلال منزلنا أصبحنا مشردين، ولجأنا إلى مراكز الإيواء في مدارس الأونروا، ولكن الحياة هناك لا تطاق، ولا يوجد مكان أفضل من العيش في أرضي، وهذا ما دفعني اللجوء إلى يوسف أبو شريتح لإقامة منزل خشبي إلى جانب أنقاض بيتي المدمر، وأرضي المجرفة".