التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 04:44 ص , بتوقيت القاهرة

الذنيبات.. سيف الأردن لقتل "الإخوان"

أزمة كبيرة تهدد مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، بعد موافقة الحكومة على طلب مراقبها العام السابق، عبد المجيد ذنيبات، بإعادة ترخيصها وتصحيح أوضاعها، بينما أدان مجلس شورى الجماعة أي خطوات بعيدا عن المؤسسات الشرعية المنتخبة.


صراع الصقور والحمائم


تعود أزمة الإخوان الداخلية التي وصلت إلى أروقة الحكومة، إلى أكثر من عام و نصف، بسبب خلافات حادة عصفت بين تيار الصقور وتيار الحمائم، طلب فيها الأخير عزل القيادة الحالية، وانتخاب قيادة جديدة، إثر مزاعم بوجود تنظيم سري داخل الجماعة، يرتبط بحركة حماس.


وشهدت الأسابيع المنصرمة لقاءات مكثفة بين وفريق الذنيبات وأطراف حكومية عديدة، للتباحث في طلب "التصويب"، وهو ما أكده الناطق باسم الحكومة محمد المومني، عبر شاشة التلفزيون الأردني الثلاثاء الماضي.



تصحيح أوضاع الجماعة


قطعت الحكومة الأردنية خطوة متقدمة، في حصارها لجماعة الإخوان المسلمين تمهيداً لتفكيكها، حيث قرر مجلس إدارة سجل الجمعيات في وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية، أمس الثلاثاء، الموافقة على تسجيل "جمعية جماعة الإخوان المسلمين"، بناء على الطلب الذي تقدم به المراقب العام الأسبق للجماعة المفصول، عبد المجيد الذنيبات،  وفقا لقانون الجمعيات الذي يتيح لسبعة أشخاص أو أكثر تسجيل جمعية.


واستندت مجموعة الذنيبات في طلبها للحكومة إلى وثائق ترخيص الجماعة الحالية، تعود إلى أعوام 1946 و1953 والتي أشارت إلى أن الجماعة رخصت بموجب قرار مجلس وزراء كفرع لجماعة الإخوان المسملين في مصر.


ونشر موقع البوصلة المحسوب على الإخوان الوثائق الأصلية للتراخيص الأولى الصادرة باسم الجماعة وبموافقة مجلس الوزراء، ونصت على صدور موافقة بالترخيص في عهد الملك عبد الله الأول المؤسس، كجمعية للإخوان المسلمين في "شرق الأردن" واعتبارها فرعا  للقاهرة، إلا أن التصويب الثاني في 1953 لم يأت على ذكر "القاهرة" في المراسلات الحكومية وترخيصها كجماعة للإخوان المسلمين.



مخاوف الجماعة


ندد مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بقيام قيادات مفصولة من الجماعة بإجراءات لعملية تصويب للجماعة، كانت الحكومة الأردنية وافقت لهم عليها أمس الثلاثاء.


وعبر مجلس الشورى، في بيان له عقب عقده اجتماعاً طارئا، عن إدانته للسعي لإعادة تصويب أوضاع الجماعة بعيدا عن مؤسساتها القيادية الشرعية المنتخبة، وخلافاً للأصول المعتبرة.


واستهجن البيان الذي نشرته صحيفة "السبيل"، الذراع الإعلامية للجماعة، قبول الحكومة للطلب المقدم بهذا الخصوص، رافضة أي تدخل في شؤون الجماعة الداخلية.


واعتبر أن العبث بالمركز القانوني المحفوظ للجماعة ووضعها التنظيمي المستقر، هو مجازفة ستترك آثارها العميقة على الوطن الأردني قبل أن تصيب الجماعة بأي ضرر، وقرر المجلس بقاءه في حالة انعقاد دائم لمتابعة كل مستجد على هذا الصعيد.


الشرعية معنا.. وليس انقلابا


وقال عبد المجيد ذنيبات، في تصريح خاص لـ"دوت مصر"، إن "ما جرى هو تصحيح للمسار الحالي، فبعد حل جماعة الإخوان المسلمين في مصر كان لا بد من حماية إخوان الأردن، وقد حاولنا التخاطب مع الجماعة ولكن لم يكن هناك استجابة".



وأضاف ذنيبات: "بعد قرار الحكومة بتسجيل جمعية جماعة الإخوان أصبحنا نحن الممثلين للجماعة، الجماعة القائمة أصبحت غير قانونية بعد أن أخذنا نحن الصفة القانونية"، مؤكدا أن "التنظيم القائم أصبح غير مشروع ومنحلا بحكم القانون".


ورفض ذنيبات وصف ما أقدم عليه بأنه انقلاب، ووصفه بـ"تصحيح المسار القانوني وفقا للقانون الأردني"، مستبعدا حدوث صدام على أرض الواقع بين الجماعة الشرعية والأخرى غير الشرعية، وإنما فقط هو خلاف سياسي، على حد تعبيره.


وعن سؤاله عن استمرار ارتباطه بمكتب الإرشاد العالمي، وهو العضو الوحيد ممثلا عن الأردن فيه، تابع الذنيبات قائلا:" لم يعد لي اهتمام بمكتب الإرشاد  فهو مجرد هيئة استشارية".



وصرح المحلل السياسي المختص بالشؤون الإسلامية، محمد أبو رمان، في تصريح خاص لـ"دوت مصر"، أن التطورات الأخيرة ربما تضع الجميع أمام جماعتين، واحدة تستند إلى "شرعية قانونية"، وأخرى تعتمد على شرعية الكيان المتماسك والقوة على الأرض.


وأضاف أن أمام الجماعة الأولى تحديات كثيرة، أهمها تحدي المصداقية أمام القواعد المتشككة بعلاقتها المريبة مع السلطة وافتقارها إلى الأتباع والمريدين والقرار المؤثر، حيث أن عدد أعضاءها 40 عضوا فقط، أما الجماعة الثانية فهي الكيان الأقوى الذي يمتلك الشرعية التاريخية، عوضا عن المال والقرار وآلاف الأتباع.


واستبعد أن تلجأ الدولة إلى إعلان موقف واضح على المدى القريب، لكنها توقعت اللجوء إلى استخدام جماعة "الذنيبات" كسيف مسلط ضد الجماعة على المدى البعيد.


انقسام حكومي


رفضت البرلمانية الأردنية المستقلة، ناريمان الروسان، قرار الحكومة بمنح ترخيص لإنشاء جمعية الإخوان المسلمين. وأضافت في تصريح خاص لـ"دوت مصر": "للأسف الحكومة الأردنية منقسمة، وليست لديها القدرة على اتخاذ القرار، وأنها تقصد فقط تفكيك جماعة الإخوان".



وانتقدت عضو مجلس النواب، الحكومة بسبب اعتمادها على جماعة "ذنيبات"، مشيرة إلى أنهم خلقوا من رحم جماعة الإخوان، ولديهم نفس النهج، فالحكومة تعمل بمبدأ "فرق تسُد"، وأشارت إلى أن الإخوان ليسوا مرعبين، وليس لهم دور بارز على الساحة السياسية بالأردن.


وعن سؤالها عن تأثير ذلك على البرلمان، قالت: "هذا البرلمان ضعيف ولا يعول عليه كثيرا، حيث أن نصف أعضاءه من رجال الأعمال الذين يسعون وراء مصالحهم".