التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 04:23 ص , بتوقيت القاهرة

"العشرية السوداء" تمنع الجزائر من "الورطة" الليبية

لا تبدو الجزائر على خارطة التحالفات العربية والدولية المشكلة للحرب على تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، في وقت يسود اتجاه عربي نحو تشكيل تحالف عسكري، يكبح جماح الحرب في ليبيا، تسبقه الرغبة في قتال عناصر التنظيم، الذي أعدم 21 مصريا في مدينة سرت التي يسيطر عليها.


هذا الاتجاه وإن أعطى قناعة لدول عربية وإقليمية بضرورة لفت الانتباه إلى ليبيا، ورسم خارطة تحالفات جديدة، إلا أن الجزائر كثقل سياسي وعسكري في المنطقة، ظلت بعيدة عن أجواء هذا الاتجاه لاعتبارات عسكرية وأمنية وسيادية، إضافة إلى التجربة الطويلة التي مرت بها الجزائر في حرب ما يسمى "العشرية السوداء" أو (الحرب ضد الإسلاميين الذين حملوا السلاح بعد إلغاء نتائج الانتخابات عام 1990 والتي أدت لحرب دموية استمرت 10 سنوات)، وعامل آخر مرتبط بمعرفة نظام الجنرالات الجزائري بتفاصيل الوضع الليبي الشائك، الذي يعتبر التدخل فيه "تورط" يصعب الخروج منه إذا ما تم.


https://www.youtube.com/watch?v=QAaq-qMGW5c


مسألة صعبة


يقول الباحث والأكاديمي الجزائري المعارض، إسماعيل معراف لـ"دوت مصر"، "أنا كمعارض لنظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، أقف مع الموقف الجزائري في الابتعاد عن الدخول في أي تحالفات في المنطقة، وفيما يخص تشكيل قوة عربية لمواجهة التنظيمات المسلحة، الجزائر تقف مع النظام العربي العام، وجزء من المجموعة العربية، وضمن ميثاق الدفاع العربي المشترك".


ويتابع من العاصمة الجزائر، "هذه المعاهدة لم تفعل منذ سنوات طويلة، ففي فلسطين الإسرائيليين امتهنوا حقوقنا في فلسطين كلها ناهيك عن غزة والضفة، إضافة إلى الانتهاكات الإيرانية في الجزر الإماراتية الثلاثة التي تحتلها إيران، كان من الضروري تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك في هذه القضايا، أما الآن، المسألة ليست في السهولة التي تطرح في وسائل الإعلام، ويجب أن نسأل تشكيل هذ القوة للتدخل بمن؟، يجب تحديد الوضع وطبيعته، لأن الجزائر لديها خوف من الرأي العام الجزائري، إضافة إلى ذلك، عقيدة جيشها دفاعية، وتقوم على عدم التدخل في شؤون البلدان الأخرى".



دولة مستباحة


ويضيف معراف، "صحيح أن ليبيا دولة بلا دولة ومستباحة من قبل جماعات مسلحة، لكن في النهاية دولة سيدة موجودة  في جامعة الدول العربية، وضمن اعتراف الأمم المتحدة، ومن المستحيل أن تتدخل في ليبيا، فالموقف الجزائري موضوعي وشرعي، والنظام الجزائري يخاف من ردة فعل الرأي العام الجزائري، وباعتقادي إذا سمح بمثل هذه فكرة سوف لن تكون بالسهولة التي تروج لها وسائل الإعلام".


كان المتحدث باسم هيئة الأركان الليبية العقيد، أحمد المسماري، أكد أن موقف الحكومة الجزائرية مخيبا للآمال، وذلك بعد رفض الجزائر تسليح وتزويد الجيش الليبي في حربه ضد التنظيمات الإرهابية المتواجدة داخل الأراضي الليبية، على حد قوله لصحيفة "الشروق" الجزائرية.


https://www.youtube.com/watch?v=7WGR5uDhy7Q


تضخيم إعلامي


من جانبه، ذكر المحلل العسكري الليبي، عادل عبد الكافي، لـ "دوت مصر"، "بالنسبة لتشكيل قوة عربية مشتركة لمكافحة الارهاب، هي فكرة حميدة، خاصة وأنها تضم دولا عربية وإقليمية، لكن نحن كشعوب عربية، لدينا نعرات قُطرية، فلا نقبل تدخل جيش أي دولة داخل أراضيها لأنه يعتبر اعتداء على السيادة والدولة، ويفتح باب المواجهة بين الشعب والقوات العربية".


ويوضح عبدالكافي، "الوضع في ليبيا ليس كما يصور في الإعلام بأن الإرهاب يسيطر على ليبيا، هذا يتم تسويقه في الإعلام لمصلحة دول إقليمية تسعى للتدخل في ليبيا، هي فشلت في إيجاد موالين لها في الداخل لذلك تسعى للتذرع بوجود تنظيم الدولة الإسلامية داعش".


ويضيف، "المجموعات المتشددة في ليبيا بالنسبة للخريطة الأمنية هي مجموعات قليلة ولا تتعدى العشرات، وتنتشر في عدة مواقع، وهي من الناحية الأمنية لا تشكل ذلك الخطر".



لا رغبة بالتورط


ويرى عبدالكافي أن الحياد الجزائري من الانضام لقوات عربية لمكافحة الإرهاب، يأتي بدوافع مرتبطة بالخبرة الجزائرية في شؤون المنطقة، وعدم الرغبة في التورط في أي نزاع داخل ليبيا.


ويؤكد أن "الجزائر قامت بخطوة جيدة من خلال دفع 4 آلاف جندي على حدودها مع ليبيا، لتحمي أراضيها من الداخل، فالجزائر تؤيد الحل السلمي في ليبيا لأنها أدرى بالوضع الليبي، وهي تعلم أن ما يجري هو صراع سياسي، فلا تريد دعم أي فصيل فيه على حساب الآخر، ولا تريد أن تتحمل تبعات دعم أحد الأطرف، وهذا موقف يحسب للجزائر، حيث أعلنت أنها على مسافة واحدة من الجميع ولا تدعم طرف على حساب آخر".


ويضيف عبدالكافي، "الجزائر ترى أن فكرة التدخل العسكري داخل ليبيا ورطة لا تحبذ الوقوع فيها".


https://www.youtube.com/watch?v=HYx8bZZGOMI


سياسة الحوار


من جانبها، تقول الأستاذة في كلية العلوم السياسية في جامعة الرباط بالمغرب، إكرام عدناني لـ"دوت مصر"، "خطر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" جعل العديد من الدول تدخل في تحالف دولي ضده، ومن جهتها، الجزائر عاشت على إيقاع حرب داخلية لسنوات عديدة، وعانت من الجماعات الإرهابية التي عصفت بأمنها وسفكت العديد من دماء أبنائها، لذلك جاء موقفها من الحرب على داعش مفاجئا، لكونها لم تدخل فقط في التحالف، ولكن كان لديها موقف من الضربة المصرية لليبيا، وهو ما ألمح إليه وزير خارجية الجزائر السيد رمطان لعمامرة، والذي قال، "أذكر بموقف الجزائر الداعي للحوار واحترام سيادة ليبيا وتعزيز المؤسسات الليبية، وبمصالحة وطنية والمدين لكافة أشكال الإرهاب".


وتضيف عدناني، "هذا الموقف يؤكد على أن الجزائر، التي لها تاريخ في مقاومة الإرهاب تفضل سياسة الحوار على التدخل العسكري، كما أنها لا تعتبر داعش خطرا عليها، رغم تواجد التنظيم على حدودها، لكن من الممكن القول أنه في حال حدوث طاريء على هذا الصعيد، فهي تمتلك ترسانة عسكرية قوية، قد تستخدمها لحماية حدودها عند الضرورة".